خلف إعلان ليبيا عن قرارها سحب ترشيحها لمجلس السلم والأمن الافريقي لصالح المغرب، صدمة في الأوساط التونسية الرسمية، لتزامن التنازل الليبي مع ترشح تونس لشغر هذا الكرسي. ونقلت وسائل اعلام تونسية، أن خبر التنازل الليبي لصالح المغرب، صدم الدبلوماسية التونسية، حيث كانت تراهن على الترشح لعضوية مجلس السلم والأمن الافريقي، وهو ما أعلن عنه رئيس تونس قيس سعيد في كلمة توجه بها خلال الدورة 21 لمؤتمر قمة رؤساء دول وحكومات السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي "كوميسا"، قبل أيام قليلة، قال فيها أن تونس قدمت ترشحها "إيمانا منها بقيام السّلم والأمن في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة وتوظيف خبراتها لفائدة إفريقيا". الدبلوماسي التونسي السابق والشخصية السياسية البارزة في البلاد عبد الوهاب الهاني، رأى في التنازل الليبي لصالح المغرب "ضربة موجعة للدبلوماسية التونسية"، مستغربا تقديم بلاده لترشيحها لنفس الولاية، دون أن تضمن الحد الأدنى من الوعود الآفاق الجدية بالمساندة حتى من دول الجوار. الهاني، يقول أن تونس خسرت طابع "الحياد الإيجابي" في تعاطيها مع قضية الوحدة الوطنية للمغرب، برفضها التصويت على القرار الأممي القاضي بالتمديد لبعثة المينورسو في الصحراء المغربية، كما أنها لا تتوفر على المعايير اللازمة في مجال رفض انقطاع الديمقراطية والنظام الدستوري، ما يجعلها غير مؤهلة لعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الافريقي، مضيفا "كلنا مع تونس، ولكن لا يمكن أن نكون مع العبث والخبط العشواء لحكومة تدابير استثنائية". وكان المغرب قد أعلن قبل يومين أن ليبيا قررت التنازل عن ترشيحها لعضوية مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي للفترة من 2022 إلى 2025 لصالحه. وذكرت الرباط أن الإعلان عن هذا القرار جاء خلال اتصال هاتفي أجراه الأحد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مع نظيرته الليبية، نجلاء المنقوش. وقاوحسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،فإن بوريطة أكد خلال المكالمة "دعم المملكة المغربية القوي"، لحكومة الوحدة الوطنية والمؤسسات الليبية، "وتأييد مساعيها لإجراء الانتخابات في إطار شامل وتشاركي وبراغماتي، بما يسهم في الجهود لإيجاد حل نهائي للأزمة، ويضمن استقرار ليبيا ونماءها"، وذكرت الوزارة أنه "وفي إطار العلاقات الأخوية الوطيدة بين المملكة المغربية ودولة ليبيا الشقيقة"، أخبرت المنقوش بوريطة بأن "دولة ليبيا قررت سحب ترشيحها لعضوية مجلس الأمن والسلم للاتحاد الإفريقي برسم ولاية 2022-2025، والتنازل عنها لصالح المملكة المغربية ودعم الترشيح المغربي لهذه الولاية"، مضيفة أنه "سيتم إبلاغ هذا القرار رسميا إلى مفوضية الاتحاد الإفريقي".
ويسعى المغرب لعضوية مجلس السلم والأمن الافريقي، بعدما بقي هذا الملجس لسنوات، في يد قوى مناهضة للوحدة الترابية للمغرب، ما خلف إصدار قرارات متتالية عنه، تمس المغرب وسيادته على الأقاليم الجنوبية. آخر القرارات التي اتخدها مجلس السلم والأمن الافريقي والتي تمس المغرب، كانت قد صدرت في شهر مارس الماضي، حيث طالب المجلس في بيانله ، بإجراء "مفاوضات مباشرة وصريحة" بين المغرب وجبهة "البوليساريو" الانفصالية، وهو القرار الذي اعتبر المغرب أنه غير معني به، وقال عنه بوريطة أنه "حدث غير ذي شأن بالنسبة للمغرب الذي يواصل عمله داخل الاتحاد الإفريقي في إطار القرار 693 للاتحاد". والقرار 693 تم اتخاذه في القمة الإفريقية المنعقدة في يونيو 2018 بالعاصمة الموريتانية، نواكشوط، والذي أكد على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة لحل قضية الصحراء المغربية، مع إنشاء آلية "الترويكا" الافريقية، لمواكبة الجهود الأممية، مع التأكيد على أن قضية الصحراء المغربية لا تناقش داخل أروقة الاتحاد الافريقي إلا على مستوى الرؤساء، ما يؤكد سحبها من يدي مجلس السلم والأمن الافريقي.