أبحرت بعثة علمية يديرها باحث إسرائيلي أمس الثلاثاء، من مدينة إيلات الجنوبية باتجاه بورتسودان، لتطلق مشروعا مشتركا مع باحثين سودانيين من شأنه المساعدة في الحفاظ على الشعاب المرجانية الفريدة في البحر الأحمر. وساعد تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل العام الماضي، في إنجاز هذا التعاون الرامي إلى فهم أسباب التفاوت في وضع الشعب المرجانية في البحر الأحمر، بين تلك المزدهرة في الشمال والوضع السيئ نسبيا للشعاب في جنوب هذا البحر، مما قد يوفر معلومات قيمة حول قابلية بقاء الشعب المرجانية على المدى الطويل. وفي حين تتعرض الشعاب المرجانية حول العالم للابيضاض نتيجة تغير المناخ، ظلت الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر حيث يقع خليج إيلات، في وضع مستقر بسبب مقاومتها الفريدة للحرارة. ويرأس البعثة البحثية ماعوز فاين من المعهد الدولي للعلوم البحرية في إيلات الذي قدم بحثه حول تحمل الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر. وخلص فاين إلى أن الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر شهدت شكلا من أشكال "الانتقاء الحراري" في رحلتها من المحيط الهندي عبر المياه الدافئة قبل آلاف السنين. وهو لطالما شدد على ضرورة إجراء دراسة شاملة للشعاب المرجانية في البحر الأحمر لفهم الاختلاف من الشمال إلى الجنوب بشكل كامل. لكن مثل هذه الدراسة واجهت عقبات دبلوماسية، تمثلت في تمنع دول عربية مطلة على جنوبالبحر الأحمر عن التعاون مع إسرائيل. وسهل تعاون فاين مع أندرس ميبوم المشارك في إدارة المهمة، وهو من مدرسة البوليتكنيك الفدرالية في لوزان، مشاركة الحكومة السويسرية التي قدمت الدعم المالي وبذلت جهودا دبلوماسية للجمع بين إسرائيل ودول عربية في المنطقة. وقال السفير السويسري لدى إسرائيل جان-دانيال روش لوكالة فرانس برس إن التحضير لهذه المهمة بدأ قبل اتفاق التطبيع العام الماضي، غير أن إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والسودان شكلت "أمرا إيجابيا للغاية" على هذا الصعيد. ومن المتوقع أن يصل الفريق المكون من ستة علماء وأربعة أفراد آخرين ضمن الطاقم، وجميعهم أوربيون باستثناء فاين، على متن سفينة "فلور دو باسيون" التي ترفع العلم السويسري، في غضون أربعة أيام إلى بورتسودان، حيث سينضم إليهم فريق من الباحثين السودانيين على سفينة خاصة بهم. وستمضي السفينتان من خمسة إلى ستة أسابيع في جمع عينات من الشعاب المرجانية واختبار تحملها للحرارة، بينما تتجه السفينة جنوبا. وقال فاين لوكالة فرانس برس إن الانتقال من شمال البحر الأحمر حيث تتمتع الشعاب المرجانية بصحة جيدة، إلى المنطقة الجنوبية حيث تعاني الشعب وضعا مترديا، سيكون بمثابة "عودة بالزمن إلى الوراء"، ما قد يقدم رؤية جديدة بشأن التفاوت بين المنطقتين. وقال ميبوم لوكالة فرانس برس، إن المهمة تهدف إلى تكوين "رؤية حقيقية وشاملة لماهية الشعاب المرجانية، وحالتها، وأين يمكننا أن نتوقع منها البقاء وإلى متى". وأكد ميبوم أن مثل هذه "القاعدة" ستساعد العلماء على "فهم مكان وجود الشعب المرجانية التي لديها احتمالات أعلى للبقاء مستقبلا". وأشار ميبوم إلى أن هذه المهمة العلمية في البحر الأحمر تشكل خطوة "محايدة" يمكن أن تولد حوارا بين العلماء الإسرائيليين والعرب، وتعزز تبادل المعلومات وتحس ن إدارة السياسات البحرية في المنطقة. هذا المشروع الذي بدأ رسميا الشهر الماضي برحلة قصيرة في خليج العقبة الأردني، سيستمر على مدى ثلاث سنوات، ويهدف إلى إشراك المزيد من دول البحر الأحمر.