حذر الباحث الاقتصادي، رشيد أوراز، من مخاطر تنفيذ مشروع تعميم التغطية الاجتماعية، من دون مرافقته بإصلاحات سياسية، واقتصادية،يقول إنها ضرورية. وسجل أوراز، الباحث في مركز تحليل السياسيات، خلال مشاركته في ندوة تحت عنوان "تعميم التغطية الاجتماعية.. أي نموذج اقتصادي للدولة الحامية؟"، نظمها المكتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية مساء اليوم، وجود طلب اجتماعي كبير على خدمة التغطية الاجتماعية، متسائلا: "هل هذا هو الوقت المناسب لتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية، من الناحية الاقتصادية، وليس فقط من الناحية الاجتماعية، والسياسية؟". ويرى المتحدث ذاته أن المملكة تعاني "مشكلا اقتصاديا، يتمثل في عدم قدرة النموذج الاقتصادي الحالي على خلق النمو، وفرص العمل"، مشيرا إلى أن "أي برنامج اجتماعي، معرض لأن يكون ثقبا أسود في ميزانية الدولة". وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن المبلغ المرصود لمشروع تعميم التغطية الاجتماعية، هو 50 مليار درهم، وهو رقم ضخم، ما يجعل استثماره في هذا المشروع، بالنسبة إلى المغرب، محفوفا بالمخاطر". وتساءل أوراز: "هل نحن في حاجة إلى دولة تقوم بإصلاحات عميقة على المستوى السياسي، ومناخ الأعمال، لتحسين إنتاجية المقاولة؟". وذهب المتحدث نفسه إلى القول إن هناك حاجة إلى تقوية الخيارين، مؤكدا أن "البداية بالمشاريع الاجتماعية لوحدها، مشوب بالمخاطر، وإذا لم نكن قادرين على الجمع بين الخيارين، فإننا مهددون بخلق ثقب في ميزانية الدولة، ما سيخلق نوعا من الدولة الريعية، ليست بالشكل الحالي، ولكن ريع معمم، كما يوجد في بلدان تعرف موارد نفطية". وأبدى الخبير الاقتصادي تخوفه من أن يصبح في المجتمع، مع مرور الزمن، مواطنون يتحايلون على هذا النظام الاجتماعي للحصول على تعويضات، وخلص إلى التعبير عن الأمل في مواكبة مشروع الحماية الاجتماعية، بالاصلاحات الاقتصادية، والسياسية، والمؤسساتية الضرورية. وتابع أوراز أنه "يجب مثلا تطبيق قوانين المنافسة لتكون في صالح المقاولات، بالإضافة إلى المستهلكين، وأيضا تحسين الجاذبية الاقتصادية للبلد، ليتحول إلى منصة لجلب الاستثمارات الأجنبية". وكشف أوراز أن "الوضعية الاحتكارية"، التي تعانيها عدد من القطاعات الاقتصادية، يصعب معها نجاح المقاولين الصغار، بما يؤدي إلى جعلهم مساهمين في موارد الدولة، مطالبا بإصلاحات قوية لدعم الحرية الاقتصادية، والمنافسة. ونبه أوراز إلى وجود عدد من المؤهلات، التي يزخر بها المغرب، ولم تستغل بشكل جيد، خصوصا ما يتوفر عليه من موضع جغرافي متميز، وبنية تحتية كافية، مشيرا، على الخصوص، إلى قطاع السياحة، مسجلا أن المنطقة المتوسطية تستقبل أكثر من 450 مليون سائح، بينما لا يحصل المغرب إلا على حصة صغيرة من هذا العدد. المتحدث ذاته لفت الانتباه إلى تجارب مقارنة في مسألة الدعم الاجتماعي، وأكد أن سياسات الدعم الاجتماعي لا تكون إيجابية، إلا إذا كانت مرفقة بإصلاحات سياسية، واقتصادية، مشيرا إلى تجربتي ألمانيا، وفرنسا، إذ كانت نجحت الأولى، فيما تعاني الثانية من آثار سلبية لهذه السياسات.