بدأت تلوح في الأفق معالم الصراع السياسي، الذي سيميز الأشهر المقبلة في أفق تنظيم الانتخابات التشريعية، والجماعية في البلاد، حيث تحشد الأحزاب الطامحة لقيادة الحكومة أسلحتها للمعركة الحاسمة. والأزمة، التي يعيشها حزب العدالة والتنمية، بسبب توقيع أمينه العام، سعد الدين العثماني، اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وتداعياته على استقرار بيته الداخلي، واهتزاز الثقة في صفوف أعضائه، والمتعاطفين معه، تمنح خصومه دفعة معنوية لإمكانية الإطاحة به في الاستحقاقات المرتقبة. وتبقى الدفعة المذكورة غير "ذات جدوى" بالنسبة إلى المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تازة، إسماعيل حمودي، الذي أكد، في حديث مع "اليوم 24′′، أنه بالنظر إلى مؤشر القوة التنظيمية "لازال حزب العدالة والتنمية هو المؤهل إلى الفوز في الانتخابات المقبلة"، وذلك على الرغم مما سماها "النقاشات الداخلية، التي تكشف حيوية الحزب لا ضعفه، والدليل على ذلك، أن من الناذر أن تجد مثل هذه النقاشات في أحزاب أخرى". وبعيدا عن المؤشر السالف الذكر، اعتبر حمودي أن أي حديث عن ترشيح حزب معين لتصدر نتائج الانتخابات المقبلة، يبقى "سابقا لأوانه، لأن القوانين الانتخابية لم يفرج عنها بعد، حتى نعرف رهانات السلطة، خصوصا ما يتعلق منها بالتقطيع الانتخابي، وطريقة احتساب القاسم الانتخابي". وبين حمودي أن صعوبة التكهن بنتائج الانتخاب تظل قائمة ل"أنه إلى حدود الآن لا نعرف الشكل، الذي ستكون عليه الانتخابات المقبلة"، في إشارة إلى الترقب، والغموض، الذي يكتنف الملف بعد دخول القوانين الانتخابية مرحلة المناقشة في البرلمان. ولفت المحلل السياسي ذاته الانتباه إلى أنه بسبب أزمة جائحة كورونا "لا نعرف التحضيرات الجديدة للأحزاب، باستثناء بعض التحركات القليلة هنا، وهناك، كما أننا لم نرصد تحركات الأعيان". حمودي أوضح، أيضا، أن حركة الأعيان في الانتخابات المقبلة "إذا كانت ستكون مشابهة لما حدث في عام 2016، إذ وقع توجيه الأعيان نحو حزب معين (البام)، وهو ما تضررت منه أحزاب أخرى، وأعلنت صراحة ذلك ك"الاستقلال"، و"الأحرار"، و"الاتحاد الاشتراكي"، فإنها ستؤثر في نتائج الانتخابات. وأضاف أن ما يزيد الغموض حول التوقعات أنه "غير واضح هل ستدخل الأحزاب بنفس الأعيان للمنافسة على الانتخابات المقبلة، أم ستقع حركة داخلها؟ وبالتالي ستتم إعادة توزيع أدوار الأعيان من حزب لآخر"، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في النتائج، والخريطة السياسية في البلاد. وأبرز المتحدث ذاته أن تدهور ثقة المغاربة في المؤسسات، والأحزاب، الذي كشفته بعض الاستطلاعات، أخيرا، يؤشر على أن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة "قد تكون ضعيفة"، مبينا أن هذه العناصر "تمنعنا من أن نتوقع توقعا أقرب إلى الحقيقة"، وفق تعبيره. وأشار حمودي إلى أن الأمر المذكور "يحيلنا إلى ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات السابقة ل2016، التي أعطتنا ترتيبا للقوى السياسية للأحزاب، فهل ستحتفظ الأحزاب نفسها بهذا الترتيب؟ الراجح أن لدينا أحزابا يبدو أنها ستفقد بعض قوتها، وهل سيؤثر ذلك في قوتها الانتخابية؟ يصعب التكهن بذلك". وعكس تحفظ حمودي، يرى محمد شقير، المحلل السياسي، أن حظوظ الأحزاب الكبرى تبقى متقاربة في الفوز بالانتخابات، مؤكدا أنه على الرغم من تراجع حزب العدالة والتنمية، والمشاكل التي يعيشها، فإن "قوته تظل متوازنة مع باقي الأحزاب المنافسة له". وقال شقير، في تصريح ل"اليوم 24′′، إن التنافس سيكون محتدما ما بين 4 أحزاب "العدالة والتنمية"، و"التجمع الوطني للأحرار"، و"الاستقلال"، و"الأصالة والمعاصرة"، معتبرا أن كفة حزب رجل المال والأعمال، عزيز أخنوش، تبقى هي "الأرجح". وتابع شقير أن حزب التجمع الوطني للأحرار تبقى له أفضلية "لأن رئيسه مقرب من السلطة، ولديه إمكانيات مالية كبيرة، وممكن أن يستخدم "الباطرونا" في المعركة الانتخابية، ولكن تبقى حظوظه ليست كافية لتجعله قوة متفردة بالصدارة". كما اعتبر شقير أن التقارب في النتائج، التي ستسفر عنها الانتخابات المقبلة "سيؤدي إلى ائتلاف حكومي في حالة ما إذا كان هناك تراجعا كبيرا لحزب العدالة والتنمية"، وأضاف أن اللعبة السياسية "لا يمكن أن يهمين فيها حزب واحد على الساحة، والرهان سيكون على من سيتصدر الحكومة". وشقير استبعد إمكانية تصدر حزب العدالة والتنمية للانتخابات المقبلة، وقال: "لا أظن أن هناك إمكانية لأن يتصدر حزب العثماني الحكومة المقبلة، خصوصا أن العرف السياسي لا يسمح فيه لحزب بقيادة الحكومة لأكثر من ولايتين متتاليتين"، واستدرك: "تصدر الولاية الثالثة ليس أمرا مستحيلا، وإنما صعب، وأعتقد أنها لن تحدث إلا إذا كانت هناك ظرفية استثنائية تمنحه هذه الأفضلية"، وفق تعبيره.