تتجه المشاورات المتواصلة في مدينة طنجة، لليوم الثاني على التوالي، بين أعضاء مجلس النواب الليبي المنقسم بينالشرق والغرب (طبرق وطرابلس)، إلى تعبيد الطريق نحو توحيد المؤسسة البرلمانية الليبية التي عانت التشتت والانقسامبسبب الصراع السياسي، والاقتتال العسكري، بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، وبين فصائل موالية للجنرالخليفة حفتر. وأكد أكثر من نائب برلماني ليبي يمثلون شطري البلاد، في حديث مع «أخبار اليوم» على هامش أشغال اليوم الأول منالاجتماع التشاوري، والتي جرت أشغالها نهار أول أمس الاثنين بشكل مغلق في وجه وسائل الإعلام، أن الجو العامالسائد في المحادثات بين الفرقاء «إيجابي جدا»، وينبئ بتوافق قد يثمر تحديد موعد انعقاد أول جلسة لمجلس النوابالليبي، بشكل موحد، في مدينة غدامس الليبية خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد شلل سياسي دام أكثر من عامونصف. وشهدت أشغال الاجتماع التشاوري مشاركة 105 نواب في البرلمان الليبي، والذين شدوا الرحال إلى طنجة، قادمين منبنغازيوطرابلس وتونس ومصر وتركيا، وقد حضر عن برلمان طبرق 34 نائبا من أعضاء مجلس النواب، فيما حضر عنبرلمان طرابلس 71 نائبا. ويشكل إجمالي الحضور في الاجتماع التشاوري بمدينة طنجة الأغلبية العددية لأعضاءمجلس النواب الليبي، الذي يتألف من 170 عضوا. وكان أبرز الغائبين عن اجتماع طنجة، المستشار عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، والذي لم يحضر لأسباب لم تُكشفتفاصيلها، وذلك على الرغم من حضور وفد مهم من الأعضاء المحسوبين على شطر الغرب الليبي، والذين وصلوا إلىطنجة عبر جسر جوي من مدينة بنغازي، وقد رجحت مصادر برلمانية ليبية، في تصريح للجريدة، غيابه بسبب ضغوطخارجية من دول إقليمية مجاورة، في تلميح إلى دور القاهرة التي وجهت الدعوة إلى عقيلة صالح من أجل عقد اجتماع فيمجلس النواب المصري. في هذا الصدد، قال محمد الرعيض، عضو البرلمان الليبي عن مدينة مصراتة، في حديث ل«أخبار اليوم»، إن أشغالاليوم الأول من الاجتماع التشاوري في مدينة طنجة شهدت تقدما مهما، حسب وصفه، مضيفا أن أهم نقطة في المبادرةالمغربية هي اكتمال نصاب أعضاء البرلمان الليبي، والذين بإمكانهم اتخاذ قرارات ذات أثر قانوني ملزم للدولة الليبية، فيحال إذا ما توجت المشاورات في المغرب باتفاق على عقد جلسة رسمية لمجلس النواب الليبي في منطقة محايدة، يرجح أنتكون مدينة غدامس، البعيدة بنحو 600 كلم عن العاصمة طرابلس. وعلى المنوال نفسه، تحدث عمر غيث، عضو البرلمان الليبي عن مدينة الزنتان في الغرب الليبي، حيث أكد أنه إثر المشاوراتفي ردهات مكان الاجتماع التشاوري بمدينة طنجة، جلس الفرقاء الليبيون إلى طاولة الحوار، وذلك بعدما كانت بينهمفجوة كبيرة لأكثر من سنة ونصف (منذ أبريل 2019)، حين انقسم مجلس النواب على نفسه إلى مجموعة في طبرقوثانية في طرابلس. وأضاف غيث، ضمن تصريحه ل«أخبار اليوم»، أن المشاورات الجارية تتجه نحو مصالحة تاريخية على الأراضيالمغربية، يتوقع أن تنهي حالة الانقسام السياسي، وتفتح صفحة جديدة تدفع في اتجاه توحيد المؤسسات السيادية،والتسريع بإجراء الاستفتاء على الدستور، متوقعا أن يعود مجلس النواب إلى وضعه الطبيعي، وتفعيل صلاحياتهواختصاصاته الدستورية. من ناحية أخرى، مازالت الآمال معقودة على توافد أعضاء آخرين إلى مدينة طنجة، منتصف نهار الثلاثاء، حسب ماكشفه للجريدة أكثر من مصدر ليبي، وقد تعذر على البعض منهم الوصول إلى الأراضي المغربية لأسباب تقنية، ومن بينالأسماء المنتظر وصولها، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي الطاهر النويري، لكنه لم يشر إلى أي موقف شخصيعلى صفحته الرسمية عبر موقع تويتر، الذي يعبر فيه كثيرا عن آرائه السياسية بشأن الأوضاع الداخلية لبلاده. وسيكون من نتائج المصالحة السياسية بين أعضاء مجلس النواب الليبي، إذا ما تحققت في ختام أشغال الاجتماعالتشاوري في مدينة طنجة، الخروج بقرارات سيكون لها أثر قانوني في الساحة الليبية، خصوصا في ما يتعلق بتدبيرالاستحقاقات الرئاسية، علما أن مجلس النواب الليبي لم ينعقد منذ سنة ونصف تقريبا، إلى غاية اجتماعه هذه الأيام فيالمغرب استجابة لدعوة وزارة الخارجية المغربية.