بعد إشادة وزير الصحة، منتصف شهر شتنبر الماضي، بتجربة السلطات الصحية والإدارية بجهة "فاس – مكناس" في مجال التحكم في الوضعية الوبائية وتوجهها نحو تسطيح منحنى الإصابات بفيروس "كوفيد-19′′، عاد القلق والخوف ليعم من جديد هذه الجهة بسبب المنحى التصاعدي المسجل في عدد الاصابات الجديدة بالفيروس، فيما واجهت وزارة الصحة ومصالحها بالمديرية الجهوية بفاس حملة تشكيك في الأرقام وصحة عدد الإصابات القليلة التي لا تتجاوز 16 حالة يوميا، والتي ظلت تعلن عنها النشرات اليومية "لكوفيد-19′′، خلال شهر أكتوبر الماضي. وفي هذا السياق، كشف البروفيسور طارق صقلي الحسيني، رئيس الجمعية المغربية لأمراض الكلى ورئيس قسم أمراض الكلى بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، في منشور حديث له على صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، أن الأرقام المعلن عنها بخصوص حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا بمدينة فاس، والتي تتراوح ما بين 16 و19 حالة يوميا، لا تعكس ما تواجهه المراكز الصحية والاستشفائية بالمدينة كل يوم من طوابير مرضى يعانون من أعراض كوفيد-19 أو حالات مخالطة لها، وذلك بسبب توقف عمليات إجراء التحاليل المخبرية PCR والكشف السريع عبر الاختبارات السيرولوجية. وزاد البروفيسور صقلي الحسيني، بأن جهة فاس- مكناس عرفت تفشيا لحالات الإصابة بفيروس كوفيد خلال شهري يوليوز وغشت، حيث احتلت الجهة المراكز الثلاثة الأولى ضمن الترتيب الوطني للجهات الأكثر تضررا من انتشار الجائحة مع جهتي "الدارالبيضاء – سطات" و"طنجة- تطوان-الحسيمة"، وبعدها خرجت تقارير ونشرات يومية لوزارة الصحة ومديريتها الجهوية بفاس، تتحدث عن تحكم السلطات الصحية في الحالة الوبائية، حيث باتت نشرة كوفيد-19 اليومية تعلن عن تسجيل إصابات تتراوح يوميا بمدينة فاس ما بين 13 و19 إصابة جديدة، وهو ما أثار سخرية سكان المدينة في أحاديثهم بالمقاهي ووسط العائلية، بحسب تعبير رئيس قسم أمراض الكلى بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، صقلي الحسيني، حيث يعلق المشككون في عدد الإصابات الرسمية المعلن عنها، بأن رقم 16 حالة جديدة بمدينة فاس لم يتغير على مدى 50 يوما خلال الفترة الممتدة من نهاية شتنبر حتى أكتوبر الماضيين، والحال أن عدد الحالات في العناية المركزة بجناح مرضى"كوفيد-19′′ بالمستعجلات، ما يزال في الذروة عينها التي عرفها شهري يوليوز وغشت إبان تغول كورونا بجهة فاس- مكناس، يقول البروفيسور صقلي الحسيني، في خروج إعلامي له على صفحته الشخصية بالفايسبوك. من جهته، رد المهدي البلوطي، المدير الجهوي للصحة بفاس، في اتصال هاتفي أجرته معه "أخبار اليوم" للتعليق على الاتهامات الموجهة لمصالحه الصحية في مواجهة الوباء بهذه الجهة، بأن "من يتكلم من خارج الحمام ليس كمن يوجد داخله في مواجهة مباشرة مع الوباء"، مردفا بأن ما تعرفه الحالة الوبائية بجهة فاس من تقلبات فيها مد وجزر، يعد أمرا عاديا وطبيعيا، وحجته في ذلك كما قال، هو أنه بعد كل مناسبة دينية أو عطلة ننتظر حدوث تغيير في المنحى التصاعدي للإصابات والحالات المشتبه فيها، خصوصا أن جهة فاس باتت تحيط بها خلال مرحلة الموجة الجديدة لكورونا، جهات موبوءة تعرف تفشيا كبيرا للفيروس، منها الجهة الشرقية و"جهة طنجةتطوانالحسيمة" و جهة "بني ملالخنيفرة" و"درعة تافيلالت"، وهو ما يجعل تنقل الاشخاص يتسبب في نقل الفيروس لجهة فاسمكناس، مما دفع السلطات الصحية والإدارية تسارع، يوضح المدير الجهوي للصحة، إلى ملاءمة تدخلاتها للحد من انتشار الفيروس والتحكم في الحالة الوبائية. وبخصوص ما راج حول الحد من عمليات التحليلات المخبرية للفيروس، أجاب المهدي البلوطي، المديرالجهوي للصحة بفاس، بأنه لا يمكن توقيف التحليلات بشكل مطلق، فما حصل هو التغيير الذي اعتمدته المصالح الصحية طبقا للبرتوكول الموصى به من قبل وزارة الصحة، وذلك باعتماد الكشف السريع للوصول إلى الحالات الإيجابية عن طريق التحليلات السيرولوجية، حيث أجْرت فرق التدخل السريع والرصد الوبائي بتنسيق مع مراكز إجراء التحليلات المخبرية، 70 ألف تحليلة سريعة على مستوى الجهة المكونة من عمالتين وسبعة أقاليم، فيما أنجزت الجهة حتى الآن أزيد من 200 ألف تحليلة عن طريق PCR، أو ما يعرف ب"فحص تفاعل البوليمراز المتسلسل"، أي ما يعادل 900 تحلية في اليوم، وهو ما نعول عليه للتحكم في الحالة الوبائية بهذه الجهة، يُورد المدير الجهوي للصحة بفاس. واستنادا إلى المعطيات التي أوردتها الصفحة الخاصة بالنشرة اليومية ل"كوفيد-19′′بوزارة الصحة ومثيلتها بالمديرية الجهوية للصحة بجهة فاس – مكناس، فإن هذه الجهة وبعد تسجيلها لانخفاض متواصل للحالات المؤكدة بالفيروس التاجي خلال الشهور الأخيرة، والتي لا تتعدى 60 حالة يوميا، عرفت منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات، حيث بات المعدل المعلن عنه يوميا يتراوح ما بين 70 و140 إصابة، وما بين 2 و8 وفيات يوميا، إذ سجلت بعمالات وأقاليم الجهة، بحسب المعطيات عينها، خلال الأيام الأربعة الأخيرة حتى صباح أمس الثلاثاء، أي (الجمعة والسبت والأحد والاثنين) 360 إصابة جديدة و19حالة وفاة خلال الفترة عينها. هذا، وعجلت التقلبات الأخيرة للحالة الوبائية بجهة فاس- مكناس، والتي عاد فيها عداد الإصابات إلى الارتفاع، بنزول دوريات السلطات الإدارية إلى شوارع مدن فاسومكناس وصفرو وتازة وتاونات، والتي عرفت تفشي الفيروس بنسب متفاوتة منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي، وذلك في محاولة من السلطات الصحية والإدارية كبح المنحى التصاعدي لحالات المرض بالفيروس التاجي والحد من اتساع رقعة مرضاه، وكذا عدد الوفيات الناجمة عنه، حيث عادت بحسب معطيات مصادر الجريدة المطلعة، مدرعات القوات المسلحة الملكية مصحوبة بسيارات الشرطة والقوات المساعدة لتجوب شوارع وأحياء كبريات مدن الجهة وضواحيها، فيما ترافقها لجن مختلطة لمراقبة الفضاءات العامة وإلزام السكان بوضع الكمامات واحترام مسافات التباعد وتفادي التجمعات، كما خضعت أسواق القرب والمحلات المهنية والخدماتية لمراقبة صارمة بغرض تنزيل التدابير الاحترازية للوقاية من انتشار الفيروس، فيما ركزت السلطات الإدارية والصحية قبضتها على الأحياء الشعبية بالمدن التي سجلت ارتفاعا في عدد الإصابات المسجلة خلال الفترة التي تلت نهاية شهر أكتوبر الماضي، تُورد مصادر الجريدة. دخول جهة فاس- مكناس مرحلة مقلقة للحالة الوبائية، والتي باتت تتميز بعودة عداد الإصابات المؤكدة بالفيروس إلى الارتفاع، دفع العديد من الأصوات للمطالبة بتدعيم مجهود المراكز الصحية التي تقوم باختبارات كوفيد-19، والتي كانت وراء إنجاح تجربة تحكم جهة فاس- مكناس في وضعيتها الوبائية، والتي نالت إشادة وزير الصحة خلال زيارته لمدينة فاس منتصف شهر شتنبر الماضي، حيث يطالب فاعلون بقطاع الصحة وناشطون مدنيون معية مهتمين بتطورات الحالة الوبائية بالجهة، بالعودة إلى خطة تكثيف استخدام الكشف السريع عبر الاختبارات السيرولوجية التي تكشف عن مستوى حركة الفيروس على مستوى الأحياء، وخصوصا لدى الساكنة الهشة، مما قد يتيح، بحسب مصدر طبي، تكفلا بالحالات الإيجابية في أسرع وقت وإخضاعها للبروتوكول الصحي من أجل احتواء تنقل الفيروس وانتشاره.