بعد سياسات دونالد ترامب الاندفاعية في الشرق الأوسط، من المتوقع أن يعتمد جو بايدن إستراتيجية أميركية أكثرتقليدية. ومع انتخابه، أصبحت المنطقة الثرية التي تعصف بها الأزمات، على وشك تحول كبير آخر يمكن أن يشهد مواقفأميركية أكثر صرامة بشأن حقوق الإنسان وصفقات الأسلحة. وأدت علاقات ترامب الشخصية مع الأنظمة الغنية في المنطقة إلى إطلاق يد قادتها. وتتناقض علاقات رجل الأعمالالوثيقة هذه، خصوصا مع دول الخليج، مع العلاقة الفاترة التي ربطت هذه البلدان الغنية بالنفط بسلفه باراك أوباما. ووجدت سياسات ترامب صدى جيدا بشكل عام في الخليج، وكان لديهم أمل في أن يكسب ولاية ثانية. والمغرب، واحد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تستشعر هذه التحولات على البيت الأبيض. وفيما يلييقدم محللون وباحثون إضاءة شاملة لحجم التغيير المتوقع على مصالح. السكتاوي: أي مسار دولي جديد في حقوق الإنسان له انعكاساته على المغرب سبق لمنظمة العفو الدولية قبل سنتين، خلال تقديمها تقريرها السنوي لسنة 2018، أن بينت أن وصول ترامب إلى رأسالإدارة الأمريكية هو بداية مرحلة من الشعبوية الخطيرة التي لها انعكاسات كبرى على أوضاع حقوق الإنسان. وبالفعل،سمعنا خطابا شعبويا يقول أنا والآخر ويشيطن هذا الآخر، والآخر هو العالم غير الأمريكي. رأينا ردة حقوقية تليمواقف ترامب في كل بلدان العالم، ووجدتها الكثير من البلدان التي تغيب فيها الديمقراطية ذريعة تختفي وراءها لتعودللوراء، ولتتشدد أكثر في تعاملها مع المواطنين في قضايا الحريات وقضايا حقوق الإنسان. وكما لاحظنا جميعا، امتدتعبر العالم موجة من الردة الحقوقية حتى ووصلنا إلى أن دولة تقوم بتقطيع أوصال أحد مواطنيها في قنصليتها. لقد جسدترامب مرحلة من التاريخ الإنساني الحديث يمكن أن نسميها بالمرحلة القاتمة في مجال حقوق الإنسان، وكنا دائما فيمنظمة العفو الدولية نتصدى لهذه السياسة. كنا دائما نقول إن ترامب وضع العالم على برميل بارود، ولا نستغرب أنالعديد من بلدان العالم عرفت المزيد من التشظي والانقسام والحروب، بل أكثر من هذا، هناك نزعة انتشرت في كثير منبلدان العالم، خاصة منها الديمقراطية، وهي نزعة من اليمين المتطرف المناهض للمهاجرين وللمرأة وللمثليين وللديانات الأخرى. هكذا كانت الحقبة التي وسمها الرئيس الأمريكي ترامب، وفي هزيمته أمل في انفراج حقيقي، وكل المدافعينعن حقوق الإنسان يستبشرون خيرا بنهاية هذه الحقبة، ونراهن أن العالم يمكن أن يراجع هذه السياسة لبناء حقبة مبنية على القيم الكونية التي تجمعنا جميعا نحن البشر. العالم ليس عبارة عن جزر منعزلة عن بعضها البعض، والمغرب بدورهينفعل ويتفاعل، وبالتالي، ستكون لأي مسار دولي جديد في حقوق الإنسان انعكاسات على أوضاعنا هنا في المغرببشكل إيجابي. أوريد: الديمقراطيون لن يتغاضوا عن انتهاك حقوق الإنسان يأتي بايدن في ظل أزمة اقتصادية خانقة عالميا، وفي ظل نفوق النموذج النيوليبرالي، ويأتي كذلك في ظل أزمة صحيةوتغييرها الكثير من المعالم والقيم، وثالثا، فهو يأتي أيضا في مرحلة أزمة سياسية دولية، مع اهتزاز ما سمي بالأحاديةالقطبية. ما بعد ترامب سيكون فصلا جديدا في العلاقات الدولية يمكن أن يستشف من خطاب بايدن، ويتمثل في عدمالتفريط في قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا أمر مهم. لم تكن قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان من أولوياتترامب، ولا أظن أن الإدارة الأمريكيةالجديدة ستتبع هذا المنحى. ستكون هناك سياسة جديدة تتسم بعدم التغاضي عنكل انتهاكات حقوق الإنسان، أو الحد الأدنى للديمقراطية، أي ستكون هناك علاقات جديدة مع الحلفاء التقليديين، مصروالسعودية والإمارات، ولا يمكن أن يستمر الأسلوب الذي ساد مع ترامب. وبالنسبة إلى المغرب، ينبغي أن نسجل غيابالإدارة الأمريكية في المغرب، فلأكثر من ثلاث سنوات لم يكن هناك سفير، كان هناك غياب. طبعا هناك نوع من التموقعالجديد شاهدناه أخيرا من خلال زيارة كاتب الدولة في الدفاع. لا أظن أن السياسة الأمريكية ستتغير في ما يتعلقبالمغرب. هناك محاور ستبقى، على اعتبار أن المغرب حليف، وستتمحور العلاقات المغربية الأمريكية حول ثلاثة محاور؛المحور الأول هو الاستمرار في الحرب ضد الإرهاب، حيث يُعتبر المغرب حليفا له مصداقية في هذا المجال. ثانيا، محورعلاقات جديدة مع الصين، فالمغرب سيخضع لضغوط من أجل إعادة سياسته مع الصين. وثالثا، سوف يخضع المغربكذلك لضغوط في ما يخص ملف الشرق الأوسط. نعتقد أن هذه المحاور ستسم السنوات المقبلة، وهي استمرار لما كانتتقوم به الإدارة الأمريكية. * أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط وناطق رسمي سابق باسم القصر الملكي التليدي: مستبعد حدوث تغيير في التعامل مع المغرب في قضية الصحراء من الوهم أن نتصور أن التغيير في رأس الإدارة الأمريكية يحصل معه تغيير مفصلي في الرهانات الاستراتيجيةالأمريكية، فالذي يتأمل متجهات السياسة الخارجية الأمريكية بالتدبيرين الجمهوري والديمقراطي، لا يميز وجود قطائعأو تغيير في المحددات الحاكمة، وإنما غاية ما ينتهي إليه بهذا الصدد هو تغيير في الأسلوب أو في التكتيك. فالديمقراطيون يميلون أكثر إلى استعمال ورقة الديمقراطية وحقوق الإنسان إحدى أهم الآليات لتحقيق الرهاناتالاستراتيجية، كما يلتجئون إلى سياسة خفض مستوى التوترات في البؤر الاستراتيجية التي تضعها السياسة الأمريكيةضمن المخاطر المهددة للمصالح الأمريكية الاستراتيجية. وهكذا، يمكن أن نرى في عهد بايدن، في اتجاه أول، نزوعا نحوقدر من الضغط السياسي والحقوقي على مصر وبعض الدول بالخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، ويمكن أنيستأنف رهان التحول السياسي داخل الملكيات الخليجية، أو على الأقل التلويح به، من أجل تحقيق مكاسب سياسيةواستراتيجية في المنطقة. كما يمكن أن نرى، في اتجاه ثان، نزوعا نحو خفض التوتر مع إيران، والذهاب معها حد تسويةسياسية، تستثمر لمحاصرة التمدد التركي في المنطقة، وفي الوقت ذاته، استثمار التهديد الأمني لإيران في منطقةالخليج، لإضعاف خيار توجهها نحو روسياوالصين. ومن المحتمل جدا أن تعيش مصر ضغوطا كبيرة على خلفية ملفحقوق الإنسان، ربما قد تصل حد الدفع في اتجاه تغيير سياسي. وعلى جبهة الصراع العربي الإسرائيلي، لا يتوقع منإدارة بايدن أن تحقق شيئا كبيرا، فهي، من جهة، مكبلة بالمبادرة الأمريكية التي انطلقت مع ترامب، وحققت نتائجاستعراضية تخص ملف التطبيع، إذ سيتعارض لدى الإدارة الأمريكية، في عهد بايدن، رهان التحول السياسي في دول الخليج المطبعة، ورهان التحالف معها على خلفية موقفها من إسرائيل. * كاتب ومحلل سياسي البكاري: ليس سهلا الانتقال إلى الوضع الذي يأمله المدافعون عن حقوق الإنسان من الناحية الحقوقية، عشنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلال ولاية ترامب، تراجعات وانتهاكات لحقوقالإنسان اختلفت حدتها من دولة إلى أخرى، لكن المنحنى العام ظل مطبوعا بالتراجعات، وقد استفادت السلطويات منعداء ترامب لحقوق الإنسان، لتمعن في خروقاتها مستفيدة من انعدام أي ضغط خارجي عليها. وعلى عكس من يقولونإن فترة ترامب لم تعرف تورط أمريكا في حروب خارجية، فإنها في الواقع انتقلت فقط من التدخل المباشر إلى الحروببالوكالة، التي ابتدأت في أواخر ولاية أوباما، وقد تحدث عنها هنري كيسنجر قبل أكثر من عشر سنوات، ونتائج هذهالحروب بالوكالة في سوريا واليمن كانت كارثية، سواء في ما يخص السلم المدني والأهلي، أو الخسائر البشرية والمادية. لقد تسبب ترامب في إعاقة عمل المنظمات الأممية الموازية العاملة في ميادين حقوق الإنسان والطفولة والتنمية والتعليموالبيئة (اليونسكو نموذجا)، كما لم يكتف بخدمة اليمين القومي المتعصب في إسرائيل، بل قطع الدعم عن الأونروا العاملةفي مجال مساعدة اللاجئين. وحول ما إذا كنا سنشهد تصحيحا لهذا الوضع في ولاية بايدن، أعتقد أنه ليس سهلا الانتقال إلى الوضع الذي يأملهالمدافعون عن حقوق الإنسان، خصوصا في وضع دولي مطبوع بأزمة اقتصادية عالمية، ستجعل الأولوية لإنقاذ الاقتصاد،لكننا نأمل أن تسهم هزيمة ترامب في تراجع صعود قوى اليمين الفاشي، وأن تعود خطابات وسياسات احترام الحرياتوحقوق المهاجرين والأقليات، كما قد يؤدي سقوط ترامب إلى تقييد حركة بعض الأنظمة «البترولية» التي استفادت منغطاء ترامب للتدخل في الشأن الداخلي لدول أخرى بما يدعم الجهات المعادية للديمقراطية والانتخابات الحرة واحترامالحريات الفردية والجماعة، وهي تغييرات، إن حدثت، قد تجعل بعض دول منطقتنا (ومنها المغرب) تجنح إلى سياساتالانفراج وتوسيع الهوامش تدريجيا. لكن الأمر لن يكون بين عشية وضحاها. * ناشط حقوقي وكاتب رأي الترابي: الإعلام تمسك بتقاليده الديمقراطية رغم خصومته مع ترامب كانت علاقة ترامب بالإعلام في الولاياتالمتحدةالأمريكية دائما علاقة متوترة جدا، فجزء كبير من طريقة تواصله كان مبنياعلى الصدمة، وشخصيته هي شخصية صدامية، وهذا ليس بأمر جديد، فقبل أن يترشح للانتخابات في 2016، كان قدبنى شخصيته على فكرة أنه شخص يقول ما يفكر فيه دون رقيب أو حسيب. ومن بين الأمور التي يمكن أن تخلق شهرةللشخص هو تلك العلاقة الصدامية مع الإعلام. وبعد فوزه، استعمل هذه الطريقة، بل حتى في حملته الانتخابية نتذكركيف أنه كان يعتبر الآلة الإعلامية بجميع تجلياتها ضده، واعتبرها مضللة. نتذكر طرده مراسل «سي إن إن» من البيتالأبيض والذي عاد بحكم من المحكمة. إذن، وانطلاقا من هذه المعطيات، كان المراقب يتوقع أن يكون الإعلام الأمريكي ضدترامب، ومتتبع هذا الإعلام سيلحظ أن المؤسسات العريقة، سواء «نيويورك تايمز» أو «سي إن إن» أو القنوات الثلاثالكبرى، كانت تغطيتها تتسم بنوع من التوازن، فقد رأينا أن «سي إن إن»، التي كان يعتبر ترامب أنها تنشر أخبارامضللة، رفضت حتى آخر يوم أن تحتسب أن ولاية أريزونا انتصر فيها بايدن، في حين نجد أن القناة التي كانت مقربة منترامب، وهي «فوكس نيوز»، اعتبرت من اليوم الثالث أن بايدن انتصر في الانتخابات. إذن، فقد كان هناك نوع منالتوازن والمهنية والاحترافية لدى مجموعة من وسائل الإعلام التي كان ينظر إليها أن ضد ترامب، وبالتالي، هناك نوع منالتقاليد العريقة الناتجة عن ثقافة ديمقراطية. ويعتبر أحد أهم الكتب التي تحدثت عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو«الديمقراطية بأمريكا» لأليكسيس دو توكفيل، والذي كتب في القرن ال19، أن أمن دعامات الديمقراطية هو حريةالصحافة وقوة الصحافة. لاحظنا كذلك كيف استُخدمت التكنولوجيا من أجل التعليق والتحليل، فبعض القنوات الأمريكيةكان بها صحافيون وظيفتهم فقط تحليل الانتخابات الأمريكية، وقد صاروا على الفايسبوك وتويتر مثل النجوم، لأن لديهم تمكنا كبيرا من الخريطة الانتخابية ومن الديناميات الاجتماعية والسياسية بالبلد وتجري مساعدتهم بالتكنولوجيا. فمثلا، كان يجري تحليل تقدم ترامب وبايدن بطريقة مباشرة وعلى صعيد جميع الدوائر، ولأول مرة أشاهد استخدام التكنولوجيابهذا الشكل المتقدم عبر استخدام البيانات (داتا) والذكاء الاصطناعي واستخدام التكنولوجيا المتقدمة بشكل لا مثيل لهفي العالم. لقد جرى القفز من صحافة الريبورتاج والانطباع إلى صحافة المعطيات بالبيانات والخرائط. * إعلامي إدامين: ستعود ورقة حقوق الإنسان للتربع على أجندة العلاقات الدولية خلال مرحلة أربع سنوات التي وصل فيها ترامب إلى البيت الأبيض، جعل "حقوق الإنسان" في ذيل أجندته والأجندةالدولية؛ فمثلا يكفي متابعة عدم الاكتراث في الانتهاكات الحقوقية التي وقعت في عدد من الدول، كاليمن وسوريا وليبيا. أما بخصوص المرحلة المقبلة، فنعتقد أنها ستعود إلى المقاربة الأمريكية الكلاسيكية؛ وهي تصدير "النموذج الديمقراطيوالحقوقي"، خاصة وأن الحزب الديمقراطي يبني هويته على ورقة الحريات والحقوق، وبالتالي ستعود ورقة حقوقالإنسان للتربع على أجندة الولاياتالمتحدةالأمريكية وأيضا على العلاقات الدولية. نميز هنا بين حقوق الإنسان كمبادئ وقيم لكل البشر دون تمييز من جهة، ومن جهة أخرى السياسة الحقوقية باعتبارهااستراتجيات وخططا وأجندات وأولويات، وأعتقد أن المدافعين عن حقوق الإنسان سيكونون في قلب هذه السياساتالحقوقية الجديدة، ما يعطي أمل الترافع والضغط على الدول لاحترام تعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. سقوط ترامب ستكون له تبعات كثيرة على المستوى الدولي، وإن كانت السياسة الخارجية تجاه باقي الدول ثابتة منذالتنظير لها من قبل عرابها هنري كاسنجر، إلا أن الاختلاف يكون في المقاربات والأولويات. * خبير دولي في مجال حقوق الإنسان ماء العينين: الانتخابات الأمريكية كشفت تعطش المغاربة إلى نظام ديمقراطي لدي ملاحظات في ما يخص متابعتي للانتخابات الأمريكية، والنقطة الأولى هي كل هذا التعطش الذي يوجد في الشارعالعربي بشكل عام، والشارع المغربي بشكل خاص، إلى متابعة الانتخابات التي تجري في الدول الديمقراطية، وقد تابعناكذلك الشغف المغربي بمتابعة الانتخابات الفرنسية الأخيرة. إذن، فكل هذا الشغف بمتابعة الانتخابات الأمريكية بالنسبةإلي ينبئ بشيء واحد؛ مهما قلنا ومها حاولنا أن نخفي توق المغاربة إلى عملية ديمقراطية حقيقية ونظام ديمقراطيحقيقي، سنكون غير قادرين على قراءة أحلام هذا الشعب الذي يتابع انتخابات الآخرين بهذا الشغف الذي يثير الكثيرمن الأسئلة ويدعو إلى التحليل. وبالنسبة إلي، هذه المتابعة التي تتيحها الآن وسائل التواصل الحديثة مهمة جدا، لأنهابيداغوجيا تزرع فكرة الانتخابات والاختلاف والنقد. الاختيارات التي جرت في الانتخابات الأمريكية والتي رغم كلالملاحظات التي يمكن أن نسجلها بشأنها، فهي بالنسبة إلي تعتبر درسا جديدا في الديمقراطية، وحينما تترسخ هذهالديمقراطية تعطينا وجهات النظر المتنوعة التي تعبر عن الاختلاف، والتي يمكن أحيانا أن تخرق القواعد التقليدية المعروفة، ومع ذلك، تقبل بها البنية الديمقراطية، وهذا الذي وقع في حدة الاختلاف بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري. أتمنى أن يحمل تولي الديمقراطيين رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية ملامح خطاب جديد، غير الذي تكرس مع دونالدترامب، والذي يفيد بأن الديمقراطية في آلياتها الحديثة والحالية التي وصلت إليها الإنسانية ليست قدرا، وأنه يمكن أننتخلى عنها في كل لحظة. وقد كرس ترامب في العلاقات الخارجية لأمريكا نوعا من خطاب الردة عن الديمقراطية، خاصةفي الأنظمة غير المكتملة ديمقراطيا، كما في منطقتنا، وصرنا نسمع: من يهتم اليوم بالديمقراطية؟ إن الديمقراطية تتراجعاليوم على الصعيد العالمي.. انظروا إلى تصاعد الخطاب الشعبوي واليميني... أتمنى أن يؤدي قدوم شخصية بمواصفات رجل دولة مثل بايدن، بالخطاب الذي يحمله، إلى رد الاعتبار للخطاب الديمقراطي في منطقتنا، وأن تكفالإدارة الأمريكية عن دعم الانقلابات عن الديمقراطية في الدول العربية بشكل عام. وطبعا يبقى دائما التحول المأمول فيالقضية الفلسطينية بعد التراجعات الخطيرة التي كرستها إدارة ترامب، وأن يتوقف هذا النزيف في حقوق الفلسطينيين. أتمنى أن ندشن مرحلة يتوقف فيها خطاب تسفيه الرصيد الإنساني العالمي في بناء أنظمة ديمقراطية. أظن أن الديمقراطيين، وجو بايدن بشكل خاص الذي كان نائب باراك أوباما في ما يتعلق بالملف الإيراني، سيغيرونتعاملهم مع إيران. فأوباما هو عراب مشروع الاتفاق النووي مع إيران، وأتوقع أن بايدن سيستمر في دعم هذا المشروع،لأن الديمقراطيين مجمعون على أهمية ذلك الاتفاق الذي تنصل منه ترامب. وهناك مجموعة من الأمور الأخرى، كاتفاقية المناخ التي كان قد انسحب منها ترامب، وأيضا دعم منظمة الصحة العالمية، التي انسحب منها. ستكون هناك، إذن،عودة للولايات المتحدةالأمريكية إلى الساحة الدولية بصيغة أخرى. وفي ما يخص التعامل مع الأنظمة ذات النفحة الاستبدادية، فقد لاحظنا أن مجموعة من الأنظمة الاستبدادية انتعشت فيظل نظام ترامب، وقد وعد بايدن في حملته الانتخابية بأنه سيكون بالمرصاد لتلك الانتعاشة، أي العودة لدعم الديمقراطيةفي الدول التي تعاني الاستبداد. الملف الذي ستكون فيه مشاكل بين الديمقراطيين والجمهوريين في علاقتهم بالدولالعربية والإسلامية هو الملف التركي. وراد جدا أن الأتراك ستكون لهم علاقة متوترة مع بايدن، لأنه كان يعتقد أنهم كانواحلفاء لترامب، أو أن ترامب يغض النظر عن ممارساتهم. وأيضا ستكون هناك علاقات مختلفة مع كوريا الشمالية، لأنبايدن وحملته يتهمون ترامب بأنه أضحى صديقا لزعيم كوريا الشمالية، و المشكل الأكبر هو الدول التي ظهرت أنها تدعمترامب، مثل روسيا والسعودية وجميع الدول التي دعمته بشكل مباشر أو يكاد يقترب من العلنية، فمن الوارد أنه في عهدبايدن ستكون لها مشاكل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. * برلمانية عن حزب العدالة والتنمية عصيد: تغيير الرئيس لا يؤدي حتما إلى تغيير حاد في السياسة الأمريكية سقوط رئيس أمريكي وتولي آخر في انتخابات رئاسية لا يغير شيئا من السياسة العامة للولايات المتحدة، حيث تتحددالتوجهات الكبرى لهذه السياسة من خلال مصالح الشركات العظمى والمؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات. واللمسات الشخصية لهذا الرئيس أو ذاك تظل محكومة بتلك الخطوط العريضة. ومن الخطأ الاعتقاد بأن تغيير الرئيس يؤدي حتماإلى انعطافة في السياسة الأمريكية إن لم تكن في صالح اللوبيات والأطراف المهيمنة. ومثال ذلك السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية أو تجاه الإرهاب أو البيئة والمناخ أو حقوق الإنسان، والتي من خلالها يبدو واضحا تأثير اللوبياليهودي والشركات الصناعية والأوساط المالية والتحالفات الأمريكية مع الدول المختلفة، والتي تحدد التوازنات الكبرى التي يخضع لها حتما كل رئيس أمريكي. * ناشط حقوقي وفاعل في الحركة الأمازيغية