خبراء وباحثون يؤكدون على أهمية قانون المالية لسنة 2025 في النهوض بالاستثمارات العمومية وتمويل المشاريع المهيكلة    المقاتل المغربي جمال بن الصديق ينتصر بالضربة القاضية في روتردام ويعد بالمزيد في منافسات الغلوري    توقيف ثلاثة أشخاص بتمارة لنشرهم محتويات عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي وتهديد أمن المواطنين    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    أخنوش يدشن الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    طقس الأحد: أجواء باردة مع صقيع بعدد من المناطق    توقيف فرنسي مبحوث عنه دولياً متورط في التهريب الدولي للمخدرات وتبييض الأموال    عرض 117 شخصاً "للنصب" و"الاحتيال".. توقيف شخص اوهم ضحاياه بتسجيلهم في لائحة للحصول على للعمل في الفلاحة بأوروبا    سبيس إكس تطلق 22 قمرا جديدا من طراز "ستارلينك" إلى الفضاء    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    حادثة سير مروعة بطنجة تودي بحياة فتاتين وإصابة شابين    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    إصابة عنصر من القوات المساعدة بحروق خطيرة في حريق سوق بني مكادة بطنجة    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    الأسير الإسرائيلي الذي قَبّل رأس مقاتلين من "القسام" من أٌصول مغربية (فيديو)    تذكير للمغاربة: العودة إلى الساعة القانونية    التحولات الهيكلية في المغرب.. تأملات في نماذج التنمية والقضايا الاجتماعية الترابية" محور أشغال الندوة الدولية الثانية    افتتاح أخنوش رفقة ماكرون للمعرض الدولي للفلاحة بباريس يشعل غضب الجزائر    نهضة بركان يحسم لقب البطولة بنسبة كبيرة بعد 10 سنوات من العمل الجاد    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    مقتل شخص وإصابة عناصر شرطة في "عمل إرهابي إسلامي" في فرنسا    الجيش والرجاء يستعدان ل"الكلاسيكو"    التعادل يحسم مباراة آسفي والفتح    منتخب أقل من 17 سنة يهزم زامبيا    اختتام رالي "باندا تروفي الصحراء" بعد مغامرة استثنائية في المغرب    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    انطلاق مبادرة "الحوت بثمن معقول" لتخفيض أسعار السمك في رمضان    الملك محمد السادس يهنئ العاهل السعودي    أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    تجار سوق بني مكادة يواجهون خسائر كبيرة بعد حريق مدمر    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومميزة في مكافحة الإرهاب    الرئيس الفرنسي يعرب عن "بالغ سعادته وفخره" باستضافة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة بباريس    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    إحباط تهريب مفرقعات وشهب نارية وتوقيف شخص في ميناء طنجة المتوسط    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقيب الصحافيين التونسيين: بوعشرين والريسوني والراضي ليسوا ثوارا يحملون السلاح..اعتقالهم تضييق على الصحافة المستقلة
نشر في اليوم 24 يوم 31 - 10 - 2020

اعتبر نقيب الصحافيين التونسيين مهدي الجلاصي، أن السلطة مازالت تدجن الإعلام في عدد من البلدان العربية، مؤكدًا أن الصحافيين ليسوا بثوار يحملون السلاح، بل إنهم صحافيين يقومون بدورهم بنشر الحقائق، وربما ينتقدون السلطة. وشدد نقيب الصحافيين التونسيين في حوار مع "اليوم24" أنه لا يمكن أن تنتظر من أية سلطة في العالم، أن تمنحك الحرية دون مقابل، ودون تضحيات، بل يجب أن تضحي حتى تنتزع الحرية، والصحافيون القلة، الذين يتعرضون للتغيب في السجون، والاعتقال، والتعذيب، وحتى للملاحاقات، والتضييقات القضائية، في النهاية، هم النبراس الذي سيفتح الطريق.
فيما يلي نص الحوار:
1- رغم أن تونس تقدمت إلى الرتبة 72، حسب المؤشر العالمي لحرية الصحافة، الذي تصدره مراسلون بلا حدود، إلا أنّ ملاحظون يعتبرون أن حرية الصحافة في تونس مهددة، وقوى سياسية تريد الهيمنة على القطاع، ما تعليقكم؟
نعم، منذ ثورة الياسمين إلى اليوم تتقدم تونس شيئا فشيئا، في حرية الصحافة، وهذا يرجع بالأساس إلى ما تم تحقيقه على مستوى هيكلة قطاع الإعلام، ووضع تشريعات خاصة بالصحافة، والنشر، فضلا عن حرية العمل النقابي، كل هذه العوامل جعلت تونس تتقدم في الترتيب العالمي لحرية الصحافة، وتتبوء المرتبة الأولى على المستوى العربي.
نعتبر هذا التطور، حقيقة، إيجابيا عندما نقارن بين وضع تونس ما قبل الثورة، وما بعدها، لكننا لن نتغاضى عن وضع حرية الإعلام فيها، الذي ليس متكاملا، وليس هناك ما يمنعها من الالتحاق على الأقل بالدول العشرين الأولى، التي تحتل الصدارة في العالم، خصوصا أننا ليست لدينا رقابة على الإعلام، كما أن هناك إعلاما حرا.
لا أنكر أن هناك سلطة سياسية تريد السيطرة على الإعلام، وتدجينه ووضعه تحت خدمتها، وتصرفها، وقد قدمت مشاريع قوانين في هذا الشأن، لكن الهياكل الإعلامية كلها تصدت لهذه المشاريع.
ولابد أن أشير إلى أن الصحافيين وضعهم سيئ نوعا ما، وكثير من الانتهاكات مازالت تطال العديد منهم في الشارع، وداخل مراكز الأمن، وأثناء تغطية المظاهرات، وفي المناطق الحدودية، وهناك تيارات سياسية لها عداء كبير، للاعلام بصفة عامة هدفها الوحيد هو السيطرة عليه.
صحيح أن حرية الإعلام موجودة، لكنها في نفس الوقت مهددة.
2- بعد انتخاب المكتب الجديد للنقابة الوطنية للصحافيين، في 20 شتنبر الماضي، تم انتخابكم نقيبا للصحافيين التونسيين، ما هي استراتيجيات النقابة للمرحلة القادمة للتصدى للتهديدات على حرية الصحافة في تونس؟
لقد تم انتخابنا في رئاسة نقابة الصحافيين بناء على برنامج واضح، كنا تقدمنا به للصحافيين، وأساسه الدفاع عن حقوق الصحافيين المهنية، والاجتماعية، والاقتصادية، والمادية، وهذا كان شعار مؤتمر نقابة الصحافيين.
وكنا كذلك تعهدنا بالدفاع عن الحريات، وحرية الصحافة والتعبير في الإطار التشريعي الملائم لها.
في أول يوم بدأنا فيه كمكتب جديد، واجهنا مشروع قانون في البرلمان متعلق بالإعلام، وينسف حرية الصحافة والإعلام، ويهدد المشهد الإعلامي التونسي، بصفة كلية، وجذرية.
واسراتجيتنا تسعى إلى تجميع كل المجتمع المدني حول قضية حرية الصحافة، والدفاع عنها، لأن كل المجتمع معني بها، وهذا ما تمتاز به تونس، فهي الدولة الوحيدة، التي تجد فيها نقابة الصحافيين حولها مجموعة كبيرة من قوى المجتمع المدني العريقة، والقوية للدفاع عن حرية الصحافة.
وفي هذا الشأن، كنا قد وجهنا رسالة إلى رئيس الجمهورية، ونظمها ندوات صحفية، وأصدرنا بيانات، وتوجهنا إلى مجلس النواب بغرض الحوار المباشر معه، والضغط عليه، حتى لا يمرر تلك القوانين، وحتى نحسس البرلمانيين بخطورة المشروع، الذي يسعى إلى السيطرة على هيأة الاتصال السمعي البصري، وطريقة إسناد القنوات التلفزية، وإحداث فوضى كبيرة في القطاع.
وهدفنا أن يكون كل المجتمع معني بقضايا الحرية، خصوصا حرية التعبير، فمثلا المركزية النقابية للاتحاد العام للشغل بتونس لا يمكن أن تطرح جميع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الموجودة دون إعلام حر، المنظمات الحقوقية نفس الشئ تحتاج إعلاما حرا، أيضا المنظمات، التي لها علاقة بالشفافية، والحكامة الرشيدة، ومكافحة الفساد يهمها أن يكون هناك إعلام حر حتى تتمكن من القيام بمهامها، وتحقيق أهدافها.
نحن منذ البداية وضعنا خطة عمل واضحة، على كل المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، خصوصا ما يتعلق بحرية الإعلام من منطلق الحوار مع البرلمانيين، والأطراف السياسية، لكن أساسا بناء جبهة حقوقية مدنية تدافع عن حرية التعبير.
3- تعتبر تونس متقدّمة على بلدان المنطقة في مجال حرية التعبير عامة وحرية الصحافة على وجه الخصوص، كيف تقيمون حالة حرية الصحافة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
كما قلنا منذ البداية تونس في المرتبة الأولى عربيا، على الأقل في مجال حرية الصحافة، ولكن نحن نعتبر أن الدول العربية، التي تضم كثيرا من الأنظمة الرجعية المتخلفة، خصوصا في دول الخليج، وحتى في منطقة شمال إفريقيا، أنظمة لا تؤمن بحرية الصحافة التعبير.
في الجزائر مثلا، كنا نتوقع أن يتحرر الإعلام وينهض من جديد في الحراك الجزائري، الذي أنهى حكم بوتفليقة، ويقوم بدوره، وبالفعل عدد من الصحافيين، المناضلين، والملتزمين، والمستقلين قاموا بهذا الدور، لكن في النهاية دفعوا ثمن ذلك، مثل زميلنا خالد الدرارني، وهو الآن في السجن.
مع الأسف بقية الإعلام لم يستغل هذه الفرصة، وهناك تطبيع كبير من الإعلام الجزائري مع مشروع السلطة بخصوص الدستور الجديد، وهذا يعني أن الإعلام لم يتحرر، والسلطة لم تقم باجراءات للدفاع عنه، وتحريره.
والشيء نفسه في المغرب، ومصر، وليبيا، والأردن، والعديد من الدول العربية، السلطة مازلت تدجن الإعلام، وتسيطر عليه وحتى تونس مثلا هي متقدمة في مجال حرية التعبير مقارنة بالدول العربية، لكنها دولة في محيط إقليمي ضعيف، ليست فيه حريات حتى فيما يتعلق بالحريات العامة، والفردية.
وحتى في مسألة حقوق المرأة والمساواة، يمكن أن ترى تونس نموذجا، لكنها في النهاية ليست نموذجا قويا، باعتبار أنها في منطقة عربية محافظة جدا، منطقة رجعية، ولبنان، أيضا، تعتبر دولة متقدمة في مجال حرية الصحافة، لكنها مهددة بفعل العوامل الطائفية، والانتماء الطائفي للأحزاب، وتهديد الصحافيين بقوة السلاح من طرف الميليشيات، وأيضا الشيء نفسه بالنسبة إلى فلسطين المحتلة، والأردن، والجزائر، والمغرب، وليبيا، التي يعاني فيها الصحافيون، الذين يتابعون، وتقتحم مقرات وسائل الإعلام، وحدث هذا في المغرب، منذ سنوات، وهو ليس بالجديد، وأذكر قضية علي أنوزلا، وعلي المرابط، وتوفيق بوعشرين، والآن، قضية الصحافي، سليمان الريسوني، وعمر الراضي، وهذا مسلسل متواصل للتضييق على حرية الصحافة، والصحافيين المستقلين.
نحن نتساءل ماذا فعل هؤلاء الصحافيين ليسوا بثوار يحملون السلاح، بل إنهم صحافيين يقومون بدورهم بنشر الحقائق، وربما ينتقدون السلطة.
وفي المغرب، والجزائر أعتقد أنه لا يليق بها سجن الصحافيين، لأنها دول لديها مكانة إقليمية مميزة، ففي المغرب الممارسة، التي نراها اليوم تفند كل الدعاية الرسمية المغربية، بأنها دولة حرية الصحافة، عندما يسجن صحافيون، لا يمكن أن تتحدث عن حرية الصحافة مهما كان الجرم، الذي ارتكبه الصحافيون.
4 – الصحافيون في الجوار مهددون دائما بالسجون، ومتابعات قضائية على خلفية عملهم، وتلفق ضدهم تهم جنسية وتهم حق عام، هل تهتمّ نقابة الصحافيين التونسيين بزملائها في الجوار، وتسعى إلى الدفاع عنهن/م؟

الدفاع عن الزملاء بالنسبة إلينا أمر مبدئي هي ليست قضية بروتوكولات، فقد كنا في قضية زميلنا علي المرابط، وعلي أنوزلا نظمنا في تونس ندوة صحفية، شارك فيها أهلهم، وأصدقاؤهم، وزملاؤهم، وحتى هياكل نقابية أخرى في تونس، وفي فلسطين كنا تحركنا، وهذا جاء حرصا منا على أن العمل الصحفي في كل أنحاء العالم، ليس فقط في منطقة شمال إفريقيا، أو المنطقة العربية، هو عمل تضامني أساسا، يعني حين لا يتضامن الصحافيون مع بعضهم بعض لا تنتظر التضامن من أية جهة أخرى، هذا من جهة، و من جهة أخرى، اعتبر أنه لولا تضامن الصحافيين فيما بينهم، لا كان الوضع كارثي أكثر منه حاليا.
لذلك، سبق لنا، وتحركنا مع الزملاء الصحافيين الفلسطينيين، الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والمصريين، الذين سجنوا بعد الانقلاب العسكري في بلدهم، وهم إلى حدود، الآن، دون تهم، وأحكام قضائية، وأيضا، تضامنا مع زملائنا الصحافيين في المغرب، والجزائر، وتركيا، وليبيا، وسوريا في اليمن في العديد من الدول العربية، خصوصا في الحقيقة موقفنا ثابت مهما كانت السلطة الحاكمة.
انتصرنا دائما إلى حرية التعبير، ونحن في تونس حين نخوض معركة، نجد الدعم من زملائنا في الدول الأخرى.
تونس تتبوؤ المرتبة الأولى في حرية الصحافة في المنطقة العربية، وستتبوؤ مكان الريادة في الدفاع عن زملائها في كل الدول العربية، التي نستطيع التدخل فيها سنقوم بذلك، وهذا ليس منة منا، أو إمتيازا، هو واجبنا، ونؤمن بأنه لا يكمن أن نتحدث عن الحرية في تونس منفصلة عن بقية زملائنا في باقي الدول العربية.
5- النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عضو في الاتحاد الدولي للصحافيين، بل إنها ممثلة في مكتبه التنفيذي، ألا تجدون أن الفيج لا يفعل ما يجب للدفاع عن الصحافيين في المنطقة؟
حتى نعطي لكل ذي حق حقه، الاتحاد الدولي للصحافيين يقوم بدوره عموما، يعني يتدخل في العديد من الأماكن، التي يتطلب فيها تدخله، في تونس أتذكر حتى قبل الثورة، ساندنا كصحافيين في تونس، وتدخل للدفاع عنا، وفي مصر، أيضا، وتركيا، والعديد من الدول.
وفي حادثة الزميل خاشقجي "الفيج" تدخل بقوة، لكن نقول دائما إن هناك نقصا، من حيث تدخلهه، لأنه إلى حدود، الآن، وهي قراءة شخصية مني أظن أن "الفيج"، لا يقدر قوته الحقيقية، هو اسم عريق، ويعني كل الصحافيين حول العالم.
وكل دول العالم تخشى "الفيج"، لأنه يمثل خيرة، ونخبة صحافيي العالم، ولديهم كلمة قوية، ومسموعة، ورأي قوي، لكنه للأسف لا يقدر قوته جيدا، وظل يلعب على توازنات معينة إقليمية، ودولية، ومالية، تتعلق بالمانحين، وهنا أقصد أنه ليس لديه قوة مادية كبيرة، وهو يضم هيكل نقابات العالم، ومصادر تمويله هي مساهمة النقابات، المنضوية تحت لوائه، وليست لديه الإمكانيات المادية الكبرى حتى يتحرك بقوة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، هناك نقص في وعي الصحافيين، الذين لا يلجؤون إلى الفيج، فالنظام الأساسي للمنظمة يقول إنه يحق لكل صحافي اللجوء إلى "الفيج"، وتقديم شكوى مباشرة له، والفيج يطلب من النقابة المحلية التدخل، وإن لم تتدخل النقابة المحلية يتدخل هو مباشرة.
اعتقد أن "الفيج" منظمة تدافع عن كل الصحافيين في العالم بغض النظر عن دولهم، وجنسياتهم، ودياناتهم، لكن يجب أن يكون تدخله أقوى، وذي نجاعة أكبر في العمل حتى يشعر الصحافيون بالطمأنينة، بأن وراءهم اتحاد دولي قوي من شأنه أن يتدخل، ويدافع عنهم في حالة الضرورة.
6- ألا تجدون أن "الفيج" تخلى على كل من توفيق بوعشرين، وسليمان الريسوني، وعمر الراضي في المغرب، على الرغم من تأكيد الدفاع، والمنظمات الحقوقية، والدولية على طبيعة التهم الملفقة ضدهم، واستعمال القضاء لاستهداف الصحافيين المستقلين؟
حقيقة ليس لدي فكرة على تدخل "الفيج" في قضية زملائنا في المغرب، لكن كما قلت منذ قليل إن من واجبه التدخل في كل الحالات.
7- كيف تفسرون صمت أغلب الصحافيين، وهياكلهم المهنية في بلدان المنطقة، وعدم دعمهم زملائهم المستهدفين؟ هل عرف الصحافيون المستقلون التونسيون ذات المحنة زمن دكتاتورية بن علي؟
نعم إن الصحافيين، خصوصا المستقلين المعارضين، والمناضلين، الذين كانوا، آنذاك، أقلية، واجهوا النظام بمفردهم، أذكر، أيام بنعلي، كنت ضمن مجموعة صغيرة من عشرين صحافيا، نقارع الاستبداد، والدكتاتورية، بينما كان بقية الصحافيين مطبعين مع النظام.
كما قلت في الجزائر هناك عدد من الصحافيين يسعون إلى التحرر، والافتكاك من واقعهم، في حين أن عددا كبيرا منهم، خصوصا في الإعلام العمومي، والرسمي، عادوا إلى الانخراط مجددا في دعاية، ومسار السلطة.
وفي تونس كان الأمر شبيها بتلك المرحلة مع أن الحراك الحقوقي أثر مباشرة على الحراك الصحفي، إذ منذ عام 2008، يعني قبل سنتين من الثورة، أصبح صحافيون يتداولون في العديد من المواضيع، وأصبحت نقابة الصحافيين ملاذا، وملجأ للصحافيين المعارضين، والمستقلين.
لا تنتظر من أية سلطة في العالم، أن تمنحك الحرية دون مقابل، ودون تضحيات، يجب أن تضحي حتى تنتزع الحرية، والصحافيون القلة، الذين يتعرضون للتغيب في السجون، والاعتقال، و التعذيب، وحتى للملاحاقات، والتضييقات القضائية، في النهاية، هم النبراس الذي سيفتح الطريق.
اعتقد أن خالد الدرارني، مثلا، هو النبراس، الذي سيفتح الطريق أمام الصحافيين في الجزائر حتى يتحرروا نهائيا، وأيضا زملائهم المعتقلين في مصر.
وفي المغرب، فإن توفيق بوعشرين، وسليمان الريسوني، وعمر الراضي، هم الذين سيفتحون المجال أمام زملائهم، يعني هناك أمل متواصل حتى تكون هناك حرية صحافة.
7- الصحافيون في المنطقة معرضون للمتابعات الأمنية، والقضائية، ولكن، أيضا، إلى التشهير من قبل المواقع المرتبطة بالأجهزة، أو تلك، التي تحركها مراكز النفوذ المالي، والسياسي، وحتى الإيديولوجي، كيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة؟
في الحقيقة هذا موضوع معقد، وقد عانينا منه مطولا في تونس، قبل الثورة، الذي ينجو من الاعتقال، والتعذيب، والتضييق يكون معرضا للتشهير.
وقد ظلت آلة التشهير متواصلة بعد الثورة، وتعرض زملاء لنا لتهديدات متواصلة، كان عندنا أعضاء في المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين كانوا يتعرضون إلى السب، والتهديد، والقذف في مواقع، وجرائد محسوبة على أطراف سياسية في الحكم، أو غير الحكم، أو دوائر نفوذ مالية، أو عمليات فساد في تونس.
في رأيي يجب وضع ضوابط لاخلاقيات المهنة، وأن تكون هناك تحركات قوية في الميدان، وإذا لم يقم الصحافيون بتحركات قوية من الداخل لن يتحسن الأمر.
وفي رأيي الهياكل النقابية في كل المنطقة، يجب أن تعبر عن الصحافيين، وحتى إن لم تعبر عن دعمها، فيجب أن يذهب الصحافيون، ويطلبوا مساندتهم حتى تدافع عنهم لأنه ما يقع للصحافيين المعتقلين الآن، يمكن أن يتعرض له كل الصحافيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.