سجل التقرير الوطني الخاص ب«تنفيذ أهداف التنمية المستدامة» نجاح المغرب في القضاء على الجوع، وتحقيقه إنجازات مهمة في ما يتعلق ب«القضاء على الفقر والجوع»، و«توفير الأمن الغذائي»، و«ضمان تمتع الجميع بأنماط العيش الكريم»، وذلك تحقيقا لأهداف برنامج التنمية المستدامة 2015-2030، واستعدادا للاستعراض الوطني الطوعي الخاص بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والذي قررت المملكة المغربية أن تقدمه للمرة الثانية منذ سنة 2016. وحسب ما تضمنه تقرير الاستعراض الوطني الطوعي لإنجاز أهداف التنمية المستدامة برسم سنة 2020، والذي أنجزت ورقته المقترحة المندوبية السامية للتخطيط، فقد نجح المغرب في تقليص الفقر إلى 2.9 في المائة سنة 2018، كما عرف معدل الفقر النقدي عموما تراجعا ملموسا بين سنتي 2014 و2018، لكنه ظل مرتفعًا نسبيًا بالعالم القروي. فقد انتقلت نسبته من 4,8 في المائة إلى 2,9 في المائة على الصعيد الوطني. أما في ما يخص الوسط الحضري، فإن ظاهرة الفقر تتجه نحو الاستئصال، حسب ما أورده التقرير المذكور الذي تتوفر عليه «أخبار اليوم»، حيث لم تتجاوز نسبة الفقر 1,1 في المائة سنة 2018، في حين لاتزال هذه النسبة مرتفعة شيئا ما بالوسط القروي، على الرغم من تسجيل انخفاض ملموس في السنوات الأخيرة، حيث تراجعت نسبة الفقر من 9,5 في المائة سنة 2014 إلى 5,9 في المائة سنة 2018. وأوردت الورقة، التي صيغت بناء على المعطيات الإحصائية التي خُصصت لأهداف التنمية المستدامة (قاعدة البيانات الإحصائية)، وكذا باعتماد حصيلة القطاعات الحكومية المعنية، كل حسب اختصاصها، بعنوان: «الاستعراض الوطني الطوعي لإنجاز أهداف التنمية المستدامة برسم سنة 2020»، أن عدد الأشخاص الذين لا يتعدى مستوى إنفاقهم السنوي عتبة الفقر عرف تراجعا، حيث انخفض من 2,755 مليون سنة 2007 إلى 1,605 مليون سنة 2014 ثم إلى 1,021مليون سنة 2018. على الصعيد الجغرافي الجهوي، سجلت ست جهات معدلات فقر تجاوزت المتوسط الوطني في عام 2014، حيث اشتملت وحدها على ما يقارب ثلاثة أرباع الفقراء، أي ما يقدر ب74 في المائة، وذلك في كل من جهات درعة-تافيلالت بنسبة 14,6 في المائة، وبني ملال-خنيفرة بنسبة 9,3 في المائة، ثم مراكش-آسفي بما يقدر ب5,4 في المائة، والجهة الشرقية ب5,3 في المائة، ثم فاس-مكناس بنسبة 5,2 في المائة، وأخيرا جهة سوس-ماسة بنسبة 5,1 في المائة. ولاحظت الورقة أيضا أن منحى الانخفاض نفسه شمل أيضا الفقر متعدد الأبعاد، حيث تراجعت نسبته بين سنتي 2004 و2014، من 25 في المائة إلى 8.2 في المائة على الصعيد الوطني، ومن 9 في المائة إلى 2 في المائة في الوسط الحضري، ومن 45 في المائة إلى 18 في المائة في الوسط القروي، فيما بلغ عدد الفقراء وفق معايير الفقر متعدد الأبعاد، سنة 2014، حوالي 2,8 مليون نسمة، 85 في المائة منهم يقطنون بالوسط القروي. ومن بين التحديات الرئيسة التي يسعى المغرب إلى رفعها من أجل استدامة الإنجازات المذكورة، تسريع الحد من الفقر والهشاشة، خاصة بالعالم القروي، وخصوصا لدى النساء وبالمناطق المحرومة، والتسريع بتعميم نظام الحماية الاجتماعية، خاصة للفئات الفقيرة والهشة، وتوسيع قاعدة الطبقات الوسطى، وذلك عبر الحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وتنزيل أكبر لمقاربة النوع. أما في ما يخص مكافحة الجوع، فسجل التقرير المذكور انخفاضا مهما في نسبة السكان الذين لا يتوفرون على الحد الأدنى من السعرات الحرارية، والتي تبقى منعدمة في الوسط الحضري، من 0,9 إلى 0,1 في المائة على الصعيد الوطني، ومن 2 إلى 0,2 في المائة في الوسط القروي بين 2007 و2014، كما شهدت تغذية الأطفال دون سن الخامسة تحسنًا مستمرًا، حيث سُجل، بين 2004 و2018، تقلص نقص الوزن من 10,2 في المائة إلى 2,9 في المائة، وتراجع توقف النمو من 18,1 في المائة إلى 15.1 في المائة، غير أنه ظل يمثل في الوسط القروي، سنة 2018، ضعفي ما هو عليه في الوسط الحضري بنسبة 20,5 في المائة، مقابل 10.4 في المائة، حسب التقرير، الذي لفت إلى أن هذا المعطى يهم وبنسبة أكثر أهمية للذكور بنسبة 17.3 في المائة مقارنة بالإناث (12.7 في المائة). وبالمثل، انخفض الهزال من 9,3 في المائة إلى 2,6 في المائة، حسب التقرير الرسمي دائما، فيما جرى التحكم في الوزن الزائد في حدود 10.5 في المائة، 12,3 في المائة للذكور و9,2 في المائة للإناث. وأبرز المصدر ذاته أن المغرب حقق في المجال الصحي «بشكل كلي أو يكاد يحقق الغايات المتعلقة بوفيات الأمهات والأطفال، سنة 2018، وهكذا بلغ معدل وفيات الأمهات 72.6 وفاة لكل 100 ألف ولادة، ومعدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 22.16 لكل 1000 حية، سنة 2018، ومعدل وفيات الأطفال حديثي الولادة 13.56 وفاة لكل 1000 ولادة حية، وبالمثل، وصل معدل التغطية الصحية إلى 68.8 في المائة سنة 2019». وتابع التقرير ذاته أنه في مجال التعليم، بعد تعميم التعليم الابتدائي وتحقيق المناصفة بين الجنسين في جميع الأسلاك الدراسية تقريبا، بلغ معدل التمدرس بالسلك الثانوي الإعدادي 92 في المائة سنة 2019، مشيرا إلى أنه في المجال الاقتصادي، وبالرغم من سياق دولي صعب، أبان الاقتصاد المغربي عن صموده، وتطور بمعدل سنوي متوسط يقدر ب4.2 في المائة بين سنتي 2000 و2018، في وقت ارتفع فيه الناتج الداخلي الإجمالي الحقيقي للفرد من 16 ألف درهم إلى حوالي 28 ألف درهم. التحديات التي رفعها المغرب وأورد التقرير، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط بناء على المعطيات الإحصائية التي خصصتها لأهداف التنمية المستدامة وكذا باعتماد حصيلة القطاعات الحكومية المعنية، أنه على الرغم من التقدم المحرز، فإنه لاتزال هناك تحديات يجب مواجهتها من أجل التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمجال الصحي. وتتمثل هذه التحديات، حسب التقرير، في «تزويد القطاع الصحي بالموارد البشرية الكافية والمؤهلة، والتقليص من التفاوتات الجهوية من حيث توفر بعض المتخصصين مثل أطباء القلب والغدد»، حيث أشار التقرير إلى أن أكثر من 50 في المائة منهم يزاولون مهنتهم في محور الرباط-الدارالبيضاء. ومن بين التحديات، أيضا، تعبئة التمويل اللازم للنظام الصحي، حيث لا يتجاوز الإنفاق الإجمالي للصحة 5,8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، فيما تبلغ الميزانية القطاعية 5,86 في المائة من الميزانية العامة للدولة، يضيف التقرير الذي ذكر بتوصية صادرة عن إعلان أبوجا تقضي برفع ميزانية الصحة إلى 15 في المائة، معتبرا أن ذلك سيمكن من التخفيف من عبء الإنفاق الصحي على الأسر التي تتحمل بشكل مباشر، حسب الحسابات الوطنية للصحة لسنة 2015، أكثر من النصف (50,7 في المائة) من الإنفاق الصحي. وفي ما يتعلق ب«ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع»، قال التقرير، الذي أعِدَّ في إطار الاستعداد «للاستعراض الوطني الطوعي» الخاص بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والذي قررت المملكة المغربية أن تقدمه للمرة الثانية منذ سنة 2016، وذلك عند مشاركتها في المنتدى السياسي الرفيع المستوى للتنمية المستدامة، والذي نظم شهر يوليوز الماضي، تحت رعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، إن «تطوير البنية التحتية المتعلقة بتعبئة وإنتاج وتوزيع الماء قد مكن من تأمين تزويد السكان بالماء الصالح للشرب». وفي ما يخص إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، كشف التقرير أنه «جرت تعبئة ما يناهز 64 مليون متر مكعب سنة 2019، مع تحديد أهداف مستقبلية تتمثل في تعبئة 100 مليون متر مكعب في سنة 2020 و341 مليون متر مكعب في عام 2059». وفي علاقة ب«ولوج التطهير السائل»، أفاد التقرير بأن الخدمات المرتبطة بالتطهير، عرفت، خلال العقدين الأخيرين، «تقدما ملموساً بفضل البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة الذي جرى إطلاقه سنة 2006»، موردا أن نسبة الولوج إلى التطهير السائل على الصعيد الوطني، بما في ذلك استخدام حفر الصرف الصحي، انتقلت من «96,5 في المائة سنة 2016 إلى 96,9 في المائة سنة 2018». ويضيف التقرير أن نسبة الربط بالشبكة العمومية للتطهير السائل بالوسط الحضري وصلت إلى أكثر من 76 في المائة في نهاية 2019، معلنا أن الجهود المبذولة تستهدف الوصول إلى الربط الشامل بحلول سنة 2030». وعلى عكس ذلك، فإن «الربط بشبكة التطهير السائل بالوسط القروي مازال ضعيفًا للغاية نظرا إلى طبيعة التضاريس وتشتت المساكن»، يؤكد التقرير الرسمي، الذي أوضح أن هذا الوضع جعل «استخدام حفر الصرف الصحي واسع الانتشار بنسبة تزيد على 75 في المائة». ومن ضمن المعطيات المثيرة التي كشفها التقرير الوطني، إشارته إلى حجم سحب المياه من خزانات السدود الكبيرة، والذي بلغ، خلال سنة 2018-2019، ما مجموعه 4030 مليون متر مكعب ، منها 80 في المائة مخصصة للقطاع الفلاحي. وتوقف التقرير، بعدما تطرق إلى أهم التدابير المتخذة لترشيد استهلاك الماء وتحسين مردودية شبكة التوزيع والتطهير، عند أبزر التحديات التي يواجهها قطاع المياه والصرف الصحي، والتي قال إنها عديدة، من بينها «ندرة الموارد المائية»، وأضاف أن «المغرب، وعلى غرار العديد من بلدان العالم، ليس بمنأى عن آثار التغيرات المناخية، والتي لها تأثير على إمكاناته المائية المحدودة أصلا، فحصة المياه المتاحة لكل فرد مستمرة في التقلص، حيث انتقلت من حوالي 2560 مترا مكعبا للفرد سنة 1960 إلى 620 مترا مكعبا سنة 2019». وأضاف التقرير أن من ضمن التحديات، كذلك، «الاستهلاك غير العقلاني للماء»، و«التكلفة العالية لمشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، والتي تتطلب مشاركة قوية للمتدخلين وتعزيز وسائل التمويل»، وكذا «زيادة مصادر تلوث المياه»، إلى جانب «العوائق المرتبطة بطبيعة التضاريس وتشتت وتباعد المساكن بالوسط القروي، ما يجعل من «الصعب والمكلف، إن لم يكن من المستحيل، الربط الفردي بشبكات مياه الشرب والتطهير»، يورد التقرير، الذي لفتت الانتباه إلى «التأخر في تنفيذ بعض المقتضيات التنظيمية والتشريعية؛ وتعقيد الإطار المؤسساتي الذي يجعل التنسيق والتشاور أكثر صعوبة»، بالإضافة إلى «عدم توفر الجماعات المسؤولة عن تدبير الماء على الوسائل والقدرات الكافية لإنجاز المشاريع وضمان استدامة البنية التحتية».