حددت هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء نونبر المقبل لمواصلة جلسات محاكمة الأم التي أقدمت على رمي أطفالها الثلاثة من سطح العمارة السكنية بحي أناسي بالدار البيضاء، في حادث أثار ضجة كبيرة، خاصة حين تبين أنها تعاني من مشاكل اجتماعية كبيرة، وتقدم زوجها بالتنازل عن متابعتها قضائيا، بعد أن نجا أطفاله من موت محقق بواسطة معجزة إلهية. وبعد أن كانت المحاكمة قد انطلقت بشكل حضوري، وانطلقت هيئة الحكم في الاستماع إلى أقوال الأم المعتقلة، التي أجهشت غير ما مرة بالبكاء لا تصدق ما حدث ولا تذكر شيئا من الواقعة، خاصة بعد إجراء البحث الاجتماعي من طرف المحكمة، والذي أكد أنها عاشت طفولة مفككة وتركيبة من الأزمات النفسية في مسار حياتها، بعد استغناء والدتها عنها، واضطرارها للعيش مع جدها، ثم وفاة خطيبها الذي بنت أحلاما كثيرا على زواجها منه، قبل أن تسقط في زواج عانت خلاله الكثير من المشاكل مع زوجها الحالي طوال 10 سنوات، وطلبت الطلاق منه أكثر من مرة، وهي التصريحات التي أكدتها أمام هيئة الحكم أثناء الاستماع إليها في الملف. وأدت المشاكل العائلية التي تعيشها مع زوجها إلى حالة اكتئاب، حسب دفاع الام المتهم برمي أطفالها من السطح، خاصة حين كان يعرضها لمعاملة قاسية، ولا يعطيها مصروف البيت، إضافة إلى لغط أطفالها الذين لا يأبه لهم، وهو ما اعتبره الدفاع، في تصريح ل"أخبار اليوم" ظرفا قاهرا، وأثرا نفسيا حادا، من شأنه أن يرفع عنها المسؤولية الجنائية، مشيرا إلى تدهور وضعها النفسي داخل السجن، حيث أبدت تصرفات غير طبيعية، وعزوف عن الأكل، وهو ما اعتبر محاولات انتحار، كما أن أسئلتها عن صحة أطفالها ومصيرهم له دلالة حول إمكانية ارتكاب تلك الجريمة من دون وعي، وهو ما ستتحقق منه الخبرة الطبية المرتقبة، خصوصا وأن ماضيها شكل إحباطات كثيرة في حياتها، على حد قول دفاعها. ولمواصلة تفاصيل المحاكمة، قررت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تأخير الملف إلى نونبر المقبل لانطلاق مرافعة الدفاع، والذي كان قد رفض في السابق تدبير المحكمة عن بعد، وطالب بمحاكمتها حضوريا، غير أن استمرار التهديدات المتعلقة بجائحة فيروس كورونا المستجد، واستمرار المحاكم في نهج تدبير المحكامة عن بعد، خاصة في ضل اشتداد هجمات الفيروس التاجي، وارتفاع المصابين به، فقد تقرر مواصلة المحاكة التي وصلت مراحلها الأخيرة. وتعود تفاصيل الحادث، إلى أكتوبر من السنة المنصرمة، قبل عام واحد، حيث أقدمت الأم البالغة من العمر آنذاك 30 سنة، على محاولة التخلص من أطفالها الثلاثة، بعد خصام مع حماتها، حيث تقطن بمعية زوجها رفقة عائلته، في شقة بحي أناسي التابع لمنطقة البرنوصي، لتقوم برمي أطفالها من أعلى العمارة السكنية، بالمدخل 25، في لحظة انهيار، وفقدان للأعصاب، غير أن الأطفال نجو بأعجوبة من موت محقق بسقوطهم فوق عشب الحديقة ، وتدخل طاقم الإسعاف الطبي والإنعاش بقسم الأطفال بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء لمواكبة الوضع الصحي للأطفال الثلاثة. حيث أصيب الرضيع محمد أمين البالغ من العمر آنذاك، 8 أشهر برضوض خطيرة في الرأس وباقي الجسد، مما جعل الطاقم الطبي يستعين بالتنفس الاصطناعي، في حين وضع أخويه يوسف ذو الخمس سنوات، حين الحادث، وسيف الدين الذي كان يبلغ من العمر 8 سنوات، أحسن حالا، حيث رقد الجميع بقسم العناية المركزة تحت إشراف طاقم طبي متكامل، قبل تماثلهم للشفاء. وكانت عناصر الشرطة القضائية التابعة للمنطقة الأمنية "أناسي" استمعت للزوج الذي يشتغل بائعا متجولا، ولوالدته، في النازلة، قبل أن تفرج عنهما، في حين تم الاحتفاظ بالزوجة التي طوحت بأطفالها الثلاثة من أعلى العمارة، رهن الحراسة النظرية، تحت إشراف النيابة العامة، قبل تقديمها أمام العدالة بعد يومين.