كشفت الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عن تقريرها السنوي الأول برسم سنة 2019، الذي تضمن تشخصيا لوضع الفساد على المستوى الوطني، من خلال منظور مؤشرات الإدارات، والمتابعات. وأشار التقرير، الذي قدمه رئيس الهيأة المذكورة، محمد بشير الراشدي، في ندوة افتراضية، صباح اليوم الخميس، إلى أنه على الرغم من التحسن الطفيف، الذي عرفه تنقيط المغرب في مؤشر ملامسة الفساد برسم سنة 2018، إلا أنه عاد إلى التراجع بنقطيتين العام الماضي، وذلك بحصوله على 41/100 نقطة، واحتل بذلك الرتبة 80 من بين 180 دولة. وزاد التقرير نفسه أن نتائج البارومتر العالمي، الخاص بإفريقيا، والذي اعتبر 53 في المائة من المستجوبين المغاربة أن الفساد يتصاعد في المملكة، فيما رأى 74 في المائة منهم أن الإجراءات الحكومية في هذا المجال غير فعالة، وهو ما يشكل تراجعا ب10 نقاط مقارنة مع 2015، بينما أكد 31 في المائة منهم اضطرارهم إلى دفع رشاوى للولوج إلى بعض الخدمات الأساسية. وفيما يخص القطاعات الأكثر فسادا، أشار التقرير ذاته إلى ما تضمنه مقياس الفساد العالمي في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، والذي أظهر- برأي المستجوبين- أن معدل الفساد بين أعضاء البرلمان يصل إلى 41 في المائة، و39 في المائة بين أعضاء الحكومة، و38 في المائة بين الموظفين الترابيين، و37 في المائة بين الموظفين الحكوميين، و26 في المائة بين القضاة، والموظفين القضائيين، و24 في المائة بالنسبة إلى الشرطة. وتابع التقرير نفسه أن آراء المستجوبين تتقاطع مع المعطيات، المتعلقة بالمتابعات القضائية، ذات الصلة بجرائم الفساد، إذ بيّن أن نتائج الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة، المحدث لدى رئاسة النيابة العامة، تلقي حوالي 19 ألف مكالمة إلى حدود 31 دجنبر 2018، إلا أنه أكد أن هذه المكالمات احتلت فيها التبليغات عن الرشوة، في حالة تلبس، 63 في المائة، فقط، وتهم مختلف مناطق المغرب، وذلك بشأن طلبات رشاوى بمالغ مالية، تتراوح بين 200 درهم و300 ألف درهم. وقال التقرير إن ضعف التبليغ عن الرشوة، والفساد ينطوي على دلالة عميقة، مفادها أن الضرر الشخصي يعبتر، إلى حدود الآن، المحفز الأساسي، الذي يدفع سائر المعنيين إلى الانخراط في واجب التبليغ عن الجرائم، وأن مقتضيات الحماية، التي أقرها المشرع المغربي لم تكن باعثا حيويا للموظفين، وباقي المواطنين على التبليغ عن جرائم الفساد، التي تصل إلى علمهم. وجاء في التقرير نفسه أن هناك تفاوت واضح بين عدد المتابعات، من أجل جريمة الرشوة، المعروضة لدى المحاكم العادية، والتي بلغت 9088 متابعة، مقابل 508 متابعة من أجل جرائم الفساد، التي تبلغ، أو تزيد عن مائة ألف درهم، والمعروضة على أقسام الجرائم المالية المختصة. وخلص تقرير الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى أن التفاوت المذكور يعكس حقيقة أساسية، وأكد أن جرائم الفساد، ذات العائدات الإجرامية الكبرى، لا تعرف الدينامية نفسها، التي تميز جريمة الرشوة، والتي تبقى عائداتها هزيلة في جميع الأحوال، مرجعا ذلك إلى كون جرائم الفساد الكبرى تتميز بالتعقيد، وتعدد أوجه تمظهراتها، وبالتواطئ، وتلاقي مصلحة الراشي، والمرتشي.