بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب، وجه الملك محمد السادس، مساء اليوم الخميس، خطابا إلى الأمة، والذي كانت أغلب محاوره على الوضع الوبائي في المغرب، والذي قال الملك إنه مقلق ويتطلب من الجميع أخذ الحيطة الحذر. وقال الملك إن ثورة الملك والشعب قد تميزت، بروح الوطنية الصادقة، وبقيم التضحية والتضامن والوفاء، من أجل حرية المغرب و استقلاله، وتاريخ المغرب حافل بهذه المواقف و الأحداث الخالدة، التي تشهد على التلاحم القوي بين العرش و الشعب، في مواجهة الصعاب، وهي نفس القيم و المبادئ، و نفس الالتزام و التعبئة الجماعية، التي أبان عنها المغاربة اليوم، خاصة في المرحلة الأولى من مواجهة وباء كوفيد 19. وأضاف الملك في الخطاب الذي وجه للأمه "لقد تمكنا خلال هذه الفترة، بفضل تضافر جهود الجميع، من الحد من الإنعكاسات الصحية لهذه الأزمة، ومن تخفيف آثارها الاقتصادية والاجتماعية، كما أن الدولة قامت الدولة بتقديم الدعم لفئات واسعة من المواطنين، وأطلقنا خطة طموحة و غير مسبو قة لإنعاش الاقتصاد، ومشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، وإننا نؤكد على ضرورة تنزيل هذه المشاريع، على الوجه المطلوب، وفي الآجال المحددة". وجاء في الخطاب الملك إننا لم نكسب بعد، المعركة ضد هذا الوباء، رغم الجهود المبذولة. إنها فترة صعبة و غير مسبوقة بالنسبة للجميع، صحيح أنه كان يضرب بنا المثل، في احترام التدابير الوقائية التي اتخذناها، وفي النتائج الحسنة التي حققناها، خلال فترة الحجر الصحي، وهو ما جعلنا نعتز بما قمنا به، و خاصة من حيث انخفاض عدد الوفيات، و قلة نسبة المصابين، مقارنة بالعديد من الدول، ولكن مع الأسف، لاحظنا مع رفع الحجر الصحي، أن عدد المصابين تضاعف بشكل غير منطقي، لأسباب عديدة. وأكد الملك أنه "هناك من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ و هناك من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول، وهنا يجب التأكيد على أن هذا المرض موجود؛ و من يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، و إنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين، و يجب التنبيه أيضا، إلى أن بعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض، إلا بعد 10 أيام أو أكثر، إضافة إلى أن العديد من المصابين هم بدون أعراض. وهو ما يضاعف من خطر انتشار العدوى، و يتطلب الاحتياط أكثر، فهذا المرض لا يفرق بين سكان المدن والقرى، و لا بين الأطفال و الشباب و المسنين". وكشف الملك من خلال خطابه "أن نسبة كبيرة من الناس لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية: كاستعمال الكمامات، واحترام التباعد الاجتماعي، واستعمال وسائل النظافة و التعقيم، فلو كانت وسائل الوقاية غير موجودة في الأسواق، أو غالية الثمن، قد يمكن تفهم هذه التصرفات. و لكن الدولة حرصت على توفير هذه المواد بكثرة، و بأثمان جد معقولة، كما أن الدولة قامت بدعم ثمن الكمامات، و شجعت تصنيعها بالمغرب، لتكون في متناول الجميع، بل إن الأمر هنا، يتعلق بسلوك غير وطني و لاتضامني. لأن الوطنية تقتضي أولا، الحرص على صحة وسلامة الآخرين؛ ولأن التضامن لا يعني الدعم المادي فقط، وإنما هو قبل كل شيء، الالتزام بعدم نشر العدوى بين الناس". وقال الملك كما أن هذه "السلوك يسير ضد جهود الدولة، التي تمكنت و الحمد لله، من دعم العديد من الأسر التي فقدت مصدر رزقها، إلا أن هذا الد عم لا يمكن أن يدوم إلى ما لانهاية، لأن الدولة أعطت أكثر مما لديها من وسائل و إمكانات". واعتبر الملك أنه "بموازاة مع تخفيف الحجر الصحي، تم اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، قصد الحفاظ على سلامة المواطنين، والحد من انتشار الوباء. إلا أننا تفاجأنا بتزايد عدد الإصابات، فتدهور الوضع الصحي، الذي وصلنا إليه اليوم مؤسف، و لا يبعث على التفاؤل. ومن يقول لك، شعبي العز يز، غير هذه الحقيقة، فهو كاذب، فبعد رفع الحجر الصحي، تضاعف أكثر من ثلاث مرات، عدد الإصابات المؤكدة، والحالات الخطيرة، و عدد الوفيات، في وقت وجيز، مقارنة بفترة الحجر". وجاء في الخطاب الملكي "أن معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي، ارتفع من إصابة واحدة كل يوم، خلال فترة الحجر الصحي، ليصل مؤخرا، إلى عشر إصابات، وإذا استمرت هذه الأعداد في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد 19، قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده، وإذا دعت الضرورة لاتخاذ هذا القرار الصعب، لاقدر الله، فإن انعكاساته ستكون قاسية على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ووبدون الالتزام الصارم و المسؤول بالتدابير الصحية، سيرتفع عدد المصابين و الوفيات، و ستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية، وقطاع الصحة". واعتبر الخطاب الملكي أنه "بموازاة مع الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية، أدعو كل القوى الوطنية، للتعبئة و اليقظة، و الانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية و التحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لهذا الوباء، هنا، أود التنبيه إلى أنه بدون سلوك وطني مثالي و مسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، و لا رفع تحدي محاربة هذا الوباء. وقال الملك "إن خطابي لك اليوم، لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ و إنما هي طريقة مباشرة، للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، و الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية، وإننا اليوم، ونحن نخلد ذكرى ثورة الملك و الشعب، أكثر حاجة لاستحضار قيم التضحية و التضامن و الوفاء، التي ميزتها، لتجاوز هذا الظرف الصعب، و إني واثق بأن المغاربة، يستطيعون رفع هذا التحدي، و السير على نهج أجدادهم، في الالتزام بروح الوطنية الحقة، وبواجبات المواطنة الإيجابية، لما فيه خير شعبنا وبلادنا".