اعتبرت المحكمة الدستورية في قرار صدر في 6 غشت أنه يتعذر عليها البت في تعديلات أدخلها مجلس المستشارينعلى نظامه الداخلي، بسبب عدم تضمين هذه التعديلات للنص الكامل للنظام الداخلي بكافة مواده، مشيرا إلى أنالإحالة التي قام بها رئيس الغرفة الثانية، حكيم بنشماش، "لم تحترم فيها الوحدة العضوية للنظام الداخلي المستخلصةمن أحكام الدستور". ومن أبرز التعديلات التي أدخلها المجلس تلك المتعلقة باعتماد التصويت عن بعد، في سياق سد الثغرات القانونية في ظلحالة الطوارئ. كما اعتبرت المحكمة من جهة أخرى، أن مجلس المستشارين لم يراع "التناسق والتكامل" مع مجلسالنواب، خلال إدخاله تعديلات على النظام الداخلي. ومن شأن قرار المحكمة الدستورية أن يثير جدلا، لأنه غير مسبوق منحيث حيثياته. فحسب عضو بمجلس المستشارين، فإن النظام الداخلي لمجلس المستشارين يميز بين التعديلات علىالنظام الداخلي، وبين النص برمته، وأن المجلس دأب على إرسال التعديلات على النظام الداخلي للمحكمة، وقبلهاللمجلس الدستوري، دون تضمين النص كاملا وكان يجري البت فيها دون مشاكل، واعتبر المصدر أن قرار المحكمة يعد"سابقة". أما بخصوص الملاحظة المتعلقة بمراعاة "التناسق والتكامل" بين مجلسي البرلمان، فيقول المصدر إن مجلسالنواب ومجلس المستشارين" مستقلان عن بعضهما البعض"، وإن "الاستقلالية مبدأ أسمى"، مشيرا إلى أن التعديلاتالتي أدخلت على النظام الداخلي "تخص مجلس المستشارين وليس مجلس النواب". حيثيات القرار وبالعودة إلى حيثيات القرار فهو يتعلق ب"مقترح يقضي بتغيير وتتميم النظام الداخلي"، لمجلس المستشارين أحيل علىالمحكمة من طرف حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين في 24 يوليوز 2020، من أجل البت في مطابقته للدستور. ويتعلق الأمر بتعديلات ترمي إلى استحداث 45 مادة جديدة، مجمعة في ست مواد، وتعديل مادتين من النظام الداخليالساري، والإبقاء على المقتضيات التي سبق أن صرحت المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور. واعتبرت المحكمة أنه لئن كان لمجلس المستشارين حرية إدخال أي تعديل على نظامه الداخلي، وتقدير الظروف التيتستلزمه، "تبعا لاستقلاليته في تدبير شؤونه الداخلية، ومراعاة لخصوصية تكوينه"، فإن ما يتطلبه الدستور من "تناسقوتكامل"، يبقى "قيدا يتعين على كل مجلس من مجلسي البرلمان مراعاته"، سواء عند وضع نظامه الداخلي أو بمناسبةتعديله، لا سيما فيما يهم إعمال الأحكام الدستورية المتعلقة بممارسة أعضاء المجلسين لحقهم الشخصي في التصويتوبأداء واجباتهم في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة. واعتبرت المحكمة الدستورية أنه يعود لها "أمر التثبت والتحقق من مدى احترام مراعاة متطلبات التناسق والتكامل"،بمناسبة إحالة الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان إليها للبت في دستوريتها. وذكرت المحكمة بأحكام الفقرة الثانية منالفصل 69 من الدستور التي تنص على أنه "يتعين على المجلسين، في وضعهما لنظاميهما الداخليين، مراعاة تناسقهماوتكاملهما، ضمانا لنجاعة العمل البرلماني". وشدد قرار المحكمة على ضرورة "احترام الوحدة العضوية للنظام الداخلي،المتكامل في مواده والمترابط في مقتضياته، والتقيد بها، سواء بمناسبة وضع النظام الداخلي أو تعديله أو إقرارهبالتصويت أو إحالته إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقته للدستور". ولهذا شددت المحكمة على أنه "كان يجب إحالة التعديلات الواردة على النظام الداخلي، بعد المصادقة على النص برمته.. إلى المحكمة الدستورية، مضمنة في النص الكامل لهذا النظام، احتراما للوحدة العضوية للنظام الداخلي المستخلصةمن أحكام الدستور المشار إليها ". ولهذا قررت أنه يتعذر عليها البت في دستورية هذه التعديلات. خلاف حول التصويت عن بعد وأمام هذا الوضع سيجد مجلس المستشارين نفسه في وضع محرج في سياق ترتيبه لأثر هذا القرار الغامض، لأنهمطالب أولا، بإعادة إرسال نص النظام الداخلي برمته إلى المحكمة الدستورية، وهي إمكانية سهلة ومتاحة، لكنه من جهةأخرى، مطالب بالتواصل مع مجلس النواب للتنسيق معه حول الإجراءات الجديدة التي تقررت في النظام الداخليلضمان التناسق والتكامل، علما أن المحكمة الدستورية لم تحدد المواد التي يجب أن يكون بشأنها تنسيق. هذا علما أناعتماد "التصويت عن بعد"، لازال مثار جدل، لأن مجلس النواب لم يدمجه في نظامه الداخلي، بل إن رئيس المجلسالحبيب المالكي، سبق أن انتقد ضمنيا خطوة مجلس المستشارين باعتماد هذا، معتبرا في ندوة صحافية في 24 يوليوز،أن التصويت يجب أن يكون "شخصيا وحضوريا" كما تنص على ذلك القوانين، وأن التصويت الإلكتروني عن بعد "لايضمن التأكد من أن النائب البرلماني هو الذي صوت فعلا". أمام هذا الوضع، هل سيكون على المجلسين التفاهم حولتعديلات "متكاملة ومتناسقة" تتعلق بتدبير حالات الطوارئ والتصويت عن بعد؟ وإذا لم يتم ذلك، هل سيتم إقبار تعديلاتمجلس المستشارين؟.