في أي سياق تأتي مغادرة الملك السابق خوان كارلوس إسبانيا، رغم أن البعض يتحدث عن هروب الملك من التحقيقات أومتابعات قضائية محتملة؟ ليس هروبا، بل هو مجرد إعلان عن مغادرته إسبانيا، إذ قال محامي خوان كارلوس إن الملك الفخري سيكون رهن إشارةالعدالة في أي مكان يوجد فيه. وإذا استدعته المحكمة العليا الإسبانية، سيلبي طلبها. أما السياق، فالأمر يتعلق بحماية الملكالحالي فيليبي السادس، والمؤسسة الملكية. إنها محاولة تجنب أن تضر تجاوزات خوان كارلوس المؤسسة الملكية. هل تعتقد أن تنازل خوان كارلوس عن العرش (يونيو 2014) ومغادرته إسبانيا (غشت 2020)، هو تحصيل حاصل للفضائحالأخلاقية المرتبطة بحياته الخاصة والمالية التي هزت إسبانيا في السنوات الأخيرة؟ الملك الفخري ليس متهما في الوقت الراهن. ولم توجه له أي تهمة. اثنان من عملائه السويسريين، صديقته السابقة كورينالارسن، وقريبه آل بارو دي أورليانس، يتم التحقيق معهما من قبل النيابة العامة السويسرية بسبب "تبييض الأموال". ومنأجل الدفاع عن أنفسهما، قاما بالكشف عن الثروة غير المعروفة لخوان كارلوس في سويسرا، وفي جنات ضريبية. وجزء منالمعطيات التي جمعتها النيابة العامة السويسرية بعثتها إلى نظيرتها الإسبانية في المحكمة العليا. ونظرا إلى ذلك، فُتِح تحقيقفي هذه القضية، لكن المحكمة العليا لم تباشر التحقيق مع خوان كارلوس، بسبب التهرب الضريبي وغسيل الأموال. لذلك،سننظر ما إذا كانت ستقوم باستدعائه مع بداية فصل الخريف. ربما بوصول حزب بوديموس، ذي النزعة الجمهورية إلى الحكم، إلى جانب الاشتراكيين الذين يترأسون الحكومة، هناك ضغطفي اتجاه مغادرة خوان كارلوس البلاد.. رغم أن بوديموس حزب سياسي يقول عن نفسه إنه جمهوري، وهو اليوم جزء من التحالف الحكومي، غير أنه لم يتدخل في هذهالنازلة إلا لينتقد مغادرة خوان كارلوس البلاد إلى الخارج، إذ يشبه المغادرة بالهروب. يعتقدون في بوديموس أنه كان منالأفضل أن يغادر القصر الملكي "الثارثويلا" بمدريد، دون مغادرة إسبانيا. وهو ما عبر عنه نائب رئيس الحكومة، بابلوإغليسياس عن حزب بوديموس، إذ ذهب في اتجاه مغادرة القصر مع البقاء في إسبانيا. في الحقيقة، كانت مغادرة الملكالفخري نتيجة لمحادثات بين الملك فيليبي السادس ووالده خوان كارلوس. والاتفاق الذي توصلا إليه معا، وافق عليه رئيسالحكومة بيدرو سانشيز. إلى أي حد يمكن القول إن العلاقات الوثيقة للملك خوان كارلوس مع بعض الحكام العرب ساهمت في نهايته المأساوية؟ ساهمت الملكيات الخليجية، خاصة السعودية والبحرين، في اغتناء خوان كارلوس عن طريق الهدايا والعمولات. وبناء علىتصريحات اثنين من عملائه للنيابة العامة السويسرية، حصل خوان كارلوس على أموال مهمة، لم يقم بالتصريح بها لدىالخزينة الإسبانية، بل أكثر من ذلك خبأها في حسابات سرية وجنات ضريبية. لم تكن علاقات خوان كارلوس مع ملوك العالمالعربي مالية فقط، بل كانت تربطه، مع الكثير منهم، خاصة أبناء جيله، علاقات صداقة عميقة.