إذا كانت العلاقات الثنائية المغربية الإسبانية الجيدة في السنوات الأخيرة سمحت برفع عدد العاملات المغربيات، اللواتي يشتغلن موسميا في حقول الفواكه الحمراء بمنطقة "ويلبا" الإسبانية، فإن تدبير ملف هذه العاملات العالقات في الديار الإسبانية، منذ انتهاء عقود عمل أغلبهن نهاية الشهر المنصرم، قد يهدد "اتفاق التعاقد مع المغربيات" الموقع بين البلدين منذ سنة 2001، إذ يطرح أرباب المقاولات الزراعية الإسبانية إمكانية الاستغناء عن المغربيات في المواسم المقبلة، وتعويضهن بعاملات من أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، في ظل تأجيل الحكومة المغربية عملية ترحيل 7100 عاملة عالقة في "ويلبا". لكن مصادر حكومية مغربية أكدت ل"أخبار اليوم" أن العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد جيدة، محذرة من ترويج بعض المعلومات غير الدقيقة، واستعمال قضية المغربيات كورقة انتخابية بين الفرقاء السياسيين والنقابيين بالجارة الشمالية. في هذا الصدد، كشفت آخر المعطيات الآتية من الجارة الشمالية أن أرباب المقاولات الزراعية بمنطقة "ويلفا"، يفكرون في التخلي عن التعاقد مع آلاف العاملات المغربيات في السنوات المقبلة، بسبب عدم تجاوب الحكومة المغربية، وحتى الإسبانية، مع مطالبهم المتكررة، للتدخل من أجل ترحيل 7100 عاملة عالقة، حسب صحيفة "إلباييس". مصادر من الجمعية البين-مهنية للفواكه بالأندلس (Interfresa) أوضحت قائلة: "إلى حدود الساعة، كان يشتغل هذا النظام (التعاقد) بشكل جيد، لأنه لم يسبق أن واجهنا جائحة مثل الحالية، لكن لما وقعت المشاكل، وجدنا أن ولا واحدة من الإدارات الرئيسية قدمت حلولا". لهذا يطرح المهنيون الإسبان تنويع مصادر التعاقد مع العاملات الأجنبيات، وتجنب الارتباط أكثر باليد العاملة المغربية. في هذا الإطار، يقول أنطونيو لويس مارتين، رب مقاولة للفواكه الحمراء ب"ويلبا": "يجب أن نحاول ألا تأتينا اليد العاملة من نفس المنطقة، لتجنب مثل هذه الوضعية". وتابع أن المقاولين الإسبان يتحملون اليوم تكاليف سكن آلاف المغربيات، وحتى طعام وحاجيات عيش جزء منهن، وحذر قائلا: "نحن على حافة الهاوية". ويضيف هذا المقاول قائلا: "يجب فتح قنوات الاتصال مع بلدان أخرى خارج الاتحاد الأوروبي، مثل أوكرانيا ومقدونيا وبيلاروسيا ومالدوفيا، وهي بلدان لديها ثقافة وعادات قريبة منا". مصدر بوزارة الشغل المغربية المعنية بالدرجة الأولى والمسؤولة عن وضعية المغربيات بإسبانيا، أوضح ل"أخبار اليوم" قائلا: "ما يقال عن الوضع المأسوي للمواطنات العاملات في إسبانيا غير صحيح بالمرة. المغربيات لديهن سكن محترم، وتم تمديد تأشيراتهن، والأمور عادية، وليس هناك أي مشكل". وأردف قائلا: "كل ما يروج في إسبانيا بخصوص العاملات المغربيات ليس صحيحا، فالإسبان هم من لديهم مصلحة في عملية التعاقد الموسمية وليس نحن. وهذا الاتفاق غير مرتبطة بأحاديث تقال هنا وهناك". وأقر أن الإسبان يوفرون فعلا السكن للعاملات، لكن المغرب يدبر طعامهن وأشياء أخرى بطريقة أخرى. وبخصوص حقيقة هذا الملف الذي كتبت عنه أشياء كثيرة بالجارة الشمالية، يبين المصدر ذاته أنه كان من المتوقع أن تلتحق 16500 عاملة فقط ب"ويلبا"، وليس 19 ألفا كما كان يقال. وبسبب فيروس كورونا، تمكنت 7100 عاملة من السفر إلى إسبانيا. وشرح قائلا: "ما تقوله الصحافة لا نهتم به، لأننا نعرف حقيقة ما يجري مع المغربيات. والحقيقة هي أنه ليس هناك وضع مأسوي، بل هناك عاملات يرغبن في العودة بسرعة، وهذا شيء عادٍ، ولكن نحن نبحث عن كيفية إعادتهن في ظروف جيدة". ورفض المصدر ذاته ما يروج بخصوص تخلي الحكومة المغربية عن العاملات قائلا: "لا يمكن قول هذا، لا يمكن لأي حكومة في العالم أن تنسى ما يقارب 7000 من مواطنيها الذين هم من طبقة هشة، بحيث إذا تخلت عنهم، ولو قليلا، سيقعون في مشاكل كبيرة". واستطرد: "القنصلية تتابع الوضع هناك عن كثب، وتصلنا عنه تقارير. هناك تواصل دائم معهن، وعكس هذا غير صحيح، وقريبا سيعدن"، وذكر بأن هناك مغربيات لم تنتهِ عقود عملهن بعد، والبعض الآخر انتهت عقود عملهن، ومُددت تأشيراتهن، وجزء آخر انتهت عقود عملهن وجُددت، لكن الأغلبية تريد العودة. مصادر حكومية أكدت أيضا للجريدة أن كل ما يروج بخصوص العاملات، راجع إلى أن "هناك من غابت عنه المعلومة الدقيقة، وهناك من يستعملها كورقة انتخابية أو نقابية بإسبانيا". وعن إمكانية خسارة المغرب آلاف المناصب الشغل بسبب التأخر في ترحيل العاملات المغربيات العالقات اليوم بإسبانيا، أكدت المصادر عينها أن أرباب المقاولات ب"ويلبا" يشغلون أكثر من 100 ألف عاملة، والأغلبية تأتي من أوروبا الشرقية، بينما المغربيات يمثلن الأقلية، لهذا فالإسبان هم من لديهم غرض في هذا الاتفاق، والتعاقد مع المغربيات مرده إلى أنهن "تقنيات ولديهن الحرفة، ويشتغلن بجد، ولدين التجربة، ويصبرن، وليس لأنهن مغربيات، وخير دليل على هذا هو أن عدد المتعاقد معهن يزداد سنويا". وأشارت المصادر الحكومية إلى أن ما يقارب 100 عاملة مغربية عدنا إلى المملكة في الأيام الماضية، في إطار عملية ترحيل العالقين في مختلف مناطق العالم، وحول هذا الموضوع تشرح قائلة: "عادت المريضات والحوامل اللواتي وضعن حملهن، هذا يعني أن كل الحالات الحرجة أُعيدت، إذ يقارب عددهن المائة". وخلصت المصادر ذاتها إلى أن الإجراء الرسمي الذي سيتم القيام به ستعلن عنه وزارة الخارجية، مبرزة: "ستتم إعادتهن قريبا".