" رغم أن الجنود الإسبان كانوا غير راضين، دائما، عن نقص جودة الأسلحة التي كانوا يحصلون عليها من أمريكا، إلا أن الشيء الذي كانوا يرفضونه أكثر في حديثهم لبعضهم البعض، القيود التي كانت تفرضها أمريكا على استعمال تلك الأسلحة، بحيث لم يسمح لهم باستعمالها في حرب سيدي إيفني ما بين 1975-1985، نظرا لأن المغرب كان حليفا مهما للولايات المتحدةالأمريكية". هذا ما يؤكده الكاتب البريطاني والباحث الرئيس في المعهد الملكي الإسباني، تشارلز باول، في كتابه "الصديق الأمريكي"، والذي يسرد فيه العلاقات الأمريكية الإسبانية في تفاعلها مع دول الجوار. وإذا كان كتاب "الصديق الأمريكي" يُظهر كيف أن المؤسسة العسكرية الإسبانية تتوجس من أي تطوير وتعزيز وتحديث في القدرات العسكرية والحربية المغربية، ومن تنويعه لشركائه العسكريين، لا سيما التركيز على سوق الأسلحة الأمريكية والفرنسية؛ فإن الحملة الإعلامية الإسبانية ومنذ أيام، لازالت مستمرة إلى الآن، وهي تثير الانتباه إلى الاستراتيجية العسكرية والتسلحية للمغرب، رغم محدودية ناتجه الإجمالي المحلي. فرغم علاقات التعاون "فوق الجيدة" بين المملكتين في جميع المجالات منذ يونيو 2018، تاريخ وصول الاشتراكيين الجدد إلى الحكم، غير أن "الحذر العسكري" لازال سيد الموقف. وهو الشيء الذي تؤكده التقارير الخاصة اليومية التي خصصها الموقع الدولي "إنفوديفينسا"، المتخصص بالشؤون العسكرية والصناعات الحربية والمقرب من المؤسسة العسكرية الإسبانية، منذ أول الأربعاء الماضي، تحت عنوان: "تحديث القوات المسلحة المغربية: تقرير خاص". وتركز هذه التقارير على "المخطط الطموح للتسلح الذي بدأه المغرب في السنوات الأخيرة من أجل تحديث قواته العسكرية"، والمتمثل في "رفع الميزانية الموجهة إلى الدفاع، والدعم المالي الخارجي، كما يسعى إلى تحسين القدرات العملية وتحديث ترسانة الفروع الثلاثة المكونة اليوم، للقوات المسلحة الملكية". كما تهتم هذه التقارير الخاصة بالعوامل الرئيسة التي جعلت المغرب يقدم على تعزيز قدراته الحربية في السنوات الأخيرة. وتَظهر الأهمية التي يكتسيها الشأن العسكري المغربي لإسبانيا من خلال تخصيص الموقع السالف الذكر تقارير مفصلة، حول كل المؤسسات العسكرية المغربية، إلى جانب الرسوم البيانية للمعلومات وبعض البنيات التحتية العسكرية المغربية. ويشدد التقرير الأول على أن القوات المسلحة الملكية المغربية "تعزز قدراتها بوتيرة متصاعدة"، إلى درجة أن "المغرب فاجأ المجتمع الدولي بالمشتريات العسكرية التي قام بها، لاسيما من الولاياتالأمريكيةوفرنسا". وتابع أن ميزانية وزارة الدفاع المغربية ارتفعت منذ سنة 2008 لتصل إلى 3.8 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، ما بين 2014 و2015، مشيرا إلى أنه إذا كانت الميزانية تتجاوز 3 في المائة، فإن ما يخصصه المغرب للدفاع يصل إلى 3500 مليون دولار سنويا، رغم أن الناتج الإجمالي بالمغرب أقل من نظيره الإسباني 10 مرات على الأقل. ويذهب التقرير أن المغرب يعزز قدراته وعينه على الجارة الجزائر التي لازالت، أيضا، مستمرة في نهج سياسة التسلح. ويزعم التقرير أن المغرب عزز قدراته العسكرية ب"دعم خارجي، وبدعم مالي مهم من العربية السعودية، ودول أخرى". لكن التقرير لم يكشف عن طبيعة وهوية هذه المصادر، مما يجعل هذه المزاعم أقرب إلى التوجس أكثر منها حقيقة. ويعتقد التقرير أنه منذ وقف إطلاق النار في الصحراء المغربية سنة 1991، لم تكن القوات المسلحة الملكية تشكل أولوية، نظرا لأن تطوير قطاعات أخرى فرضت نفسها. لكن التغيرات الجيوسياسية وبروز تحديات أمنية وتهديدات متعددة مع بداية الألفية الجديدة، من قبيل التهديدات الإرهابية دوليا وإقليميا، وسياسة التسلح التي تنهجها الجزائر، دفعت المغرب إلى الرفع من ميزانية الدفاع، وهي "التكاليف التي من الصعب تحملها دون دعم مالي خارجي"، يقول التقرير. ورغم التوجس الإسباني من سياسة التسلح التي قام بها المغرب، إلا أن "الغرب ينتظر منه أن يكون سدا منيعا أمام الإرهاب". عين على الجيش المغربي غياب تقارير صحافية أو متخصصة في المغرب تهم واردات الأسلحة الإسبانية، لا يعني أن جارنا الشمالي غير مهتم بالترسانة الحربية للمغرب. التقرير الأول ل"موقع إنفوديفينسا" يقول: "إن المغرب استثمر أموالا مهمة في القوات البرية من خلال شراء الأسلحة الأمريكية، مثل الدبابات الحربية "م1 أبرامز"، والمنظومة المدفعية ذاتية الدفع، والصواريخ المضادة للصواريخ، والمروحيات الهجومية والرادارات المضادة للمدفعية والدفاع الجوي". ويوضح التقرير، كذلك، أن هدف المغرب هو خلق توازن عسكري مع الجزائر والدفاع عن نظام الجدار الأمني في الصحراء. وضرب المثل باقتناء المغرب "صواريخ صينية ذات البعد الاستراتيجي (MLRS/PHL03) ، وهي صواريخ يصل مداها إلى 650 كلم، و"هذه الصواريخ تصلح لخلق التوازن مع أنظمة الصواريخ التي تملكها الجزائر، لكنها تثير مخاوف جيران آخرين مثل إسبانيا"، يؤكد التقرير. وإذا كان المغرب لا يتوفر على منظومة غواصات تسمح له بمجابهة الجزائر وإسبانيا وبريطانيا في أعماق البحر، فإن ذلك لا يعني أنه تخلى عن تعزيز أسطوله البحري. إذ "انتقلت البحرية المغربية، في ظرف 8 سنوات، من قوة ساحلية إلى التوفر على أسطول حقيقي، حيث حصل في وقت قصير على ثلاث فرقاطات وسفن الدعم"، ليس فقط، لخلق التوازن مع الجزائر، بل لتأمين مياهه الإقليمية الشاسعة. علاوة على ذلك، يرى التقرير أن الطيران الحربي يحظى هو الآخر باهتمام الجيش المغربي، من خلال اقتناء طائرات حربية أمريكية من طراز "إف 16′′، ومجموعة كاملة من منظومة تسليح جو-جو، وجو-أرض. كما يتوفر المغرب على طائرات حربية أخرى، مثل ميراج "إف-1" وميراج "إف-5′′، في المقابل الجزائر التي تتوفر على "عدد مهم من الطائرات الحربية حديثة الصنع"، يؤكد التقرير. ويخلص التقرير قائلا: "يبدو أن وتيرة المشتريات المغربية من ترسانة الدفاع ستستمر في الارتفاع في المستقبل القريب، في استجابة إلى المصالح الخاصة للمغرب، إضافة إلى الدور الذي يريد الغرب إعطاءه للمغرب". بينما يركز التقرير الثاني على البحرية الملكية المغربية التي لازالت تواصل الرفع من قدراتها العسكرية، والتي تضم نحو 12 ألف جندي، بما في ذلك كتيبة المشاة البحرية (BFM) التي تضم 3000 عنصر. وإذا كان المغرب يطور أسطوله البحري لحماية مياهه، فإن التقرير الثاني يزعم أن عدم توفر المغرب على النفط، يجعله حريصا على حماية ثرواته السمكية. وذكر أن المغرب وقع عقدا مع شركة هولندية للصناعة الحربية قبل خمس سنوات من أجل شراء ثلاث فرقاطات من طراز "سيغما" (واحدة من طراز 10513 واثنتان من طراز 9813)، فضلا عن شراء فرقاطة من طراز " "Fremm/ASWمن فرنسا، إضافة إلى قوارب أخرى. "ويظهر تنامي البحرية الملكية في بناء ميناء وقاعدة عسكرية بالقصر الصغير في مركز مضيق جبل طارق"، علاوة على تعزيز قدرات قواعد بحرية أخرى، مثل قاعدة أكادير ونظيرتها في الداخلة، يقول التقرير معرجا، كذلك، على ما يروج بخصوص عرض روسيا على المغرب شراء غواصة من طراز "كيلو"، وما يثير ذلك من توجس في الجارتين الشرقية (الجزائر) والشمالية (إسبانيا).