أثار قرار رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، عدم برمجة إحداث مناصب مالية جديدة برسم سنة 2021-2023 ردودأفعال رافضة للقرار من لدن نقابيين وسياسيين، حيث اعتبروا أن هذا القرار فيه ضرب للوظيفة العمومية وسيؤزم الوضعالاجتماعي والاقتصادي في المغرب في ظل الظروف التي يعيشها، خصوصا أن الآلاف من المغاربة فقدوا مناصب الشغلالتي كانوا يشغلونها قبل جائحة كورونا. وحسب ما ورد في منشور وجهه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إلى وزير الدولة والوزراء والوزراء المنتدبينوالمندوبين السامين والمندوب العام، بشأن «تحيين المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات 2021-2023»،فإن الحكومة قررت عدم برمجة إحداث مناصب مالية جديدة برسم السنة المالية 2021، باستثناء قطاعات الصحةوالتعليم والقطاعات الأمنية، بما فيها وزارة الداخلية والمصالح الأمنية التابعة لها وإدارة الدفاع الوطني. وفي هذا الشأن، قال النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين، إن هذا القرار يأتي في القانون التعديلي للمالية،موضحا أنه رغم أن برمجة هذا القرار لثلاث سنوات قانونية إلا أنه قرار متسرع، فالجائحة الآن يمكن أن تؤثر في اقتصادسنة 2020، لكن ليس بالضرورة أن يبقى الوضع هو نفسه في سنتي 2021 و2022، كما كان بإمكان الحكومة القيامبهذا التعديل أثناء وضعها قانون المالية لكل سنة جديدة. وتابع الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين، في حديثه ل«أخبار اليوم»، أن قرار الحكومة متسرع، إذ إن إلغاء مناصبشغل أغلب القطاعات في الوظيفة العمومية ليس حلا في إطار سياسة التقشف، مضيفا: «نحن نعيش في سياسةالتقشف منذ سنوات، من خلال ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، والزيادة الهزيلة في الأجور»، مشيرا إلى أن «قرارالحكومة يرمي إلى تفقير الطبقة المتوسطة، خصوصا وأن حجم الاستثمارات التي تتحدث الحكومة عن إحداثها غيرمنتجة لفرص الشغل وبالتالي، لن تكون هناك فرص شغل للشباب، وهو ما سيؤزم الوضع أكثر فأكثر». ويرى ميارة أن أزيد من 22 ألف منصب شغل تأتي غالبيتها من التقاعد، وليس هناك إحداث لمناصب شغل جديدة، وزاد: «بعد تقاعد هذا الكم الكبير من الموظفين، من سيلبي احتياجات المرفق العمومي؟»، مؤكدا أن هذا القرار خاطئ، وأنه لوكانت الحكومة تحترم نفسها ومن صوت لها، لم تكن لتتخذ مثل هذه القرارات. في السياق نفسه، وصفت شبيبة حزب التقدم والاشتراكية قرار رئيس الحكومة القاضي بإلغاء جميع المناصب المالية،ب«الخطير والمتسرع»، والذي يدل على غياب حس الإبداع الواجب توفره في حكومة منتخبة ومسؤولة سياسيا لحلالأزمات التي تمر منها البلاد. وطالبت الشبيبة الحليف السابق للحزب الحاكم الحكومة بالتراجع الفوري عن قرارها، الذي يشكل ضربا في العمق لأحدالمقومات الأساسية للاستقرار والسلم الاجتماعيين، مؤكدة أن «هذه الخطوة الانفرادية تعد تراجعا عن الدينامية الوطنيةالتي انطلقت في مواجهة الجائحة، والتي تميزت بانفتاح المواطنين وثقتهم في الفاعلين السياسيين». كما دعت شبيبة الحزب الشيوعي الحكومة إلى فتح حوار وطني جاد وبناء مع القوى الحية بالبلاد حول السبل الممكنةلانطلاق المغرب، وترميم ما أفسدته تبعات الجائحة على جميع المستويات، خاصة الجانب الاقتصادي والاجتماعي،محذرة من تبعات تعليق ولوج الوظيفة العمومية، خصوصا في القطاعات الاجتماعية، لما لها من دور محوري في الحفاظعلى توازن واستقرار المجتمع. من جهة أخرى، اعتبرت «الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب» أن قرار رئيس الحكومة الخاص بإيقاف التوظيفات«تعسفي، ويعمق اليأس والإحباط»، ووصفت الشبكة قرار رئيس الحكومة ب«المتسرع»، مؤكدة أنه «لجأ إلىالحلقة الأضعف لتكون كبش فداء قصد دفع ثمن سياسة التقشف، وذلك لما يحمله القرار في طياته من إجهاز حقيقي علىحق آخر من حقوق فئات المجتمع، والمتمثل في ولوج الوظيفة العمومية». وترى الشبكة أن «إيقاف العثماني التوظيف العمومي في العديد من القطاعات هو تعميق لأزمة التشغيل التي يبحث فيهاعن شماعة لتبرير سياسة التقشف التي تكشف محدودية البحث عن الحلول الجادة والنوعية، وكذا العجز عن التعبير عنالإرادة المواطنة والحقة في التضامن مع البلاد في الأزمة، عبر إقرار تدابير تقشفية تلامس أجور وتعويضات وامتيازاتأعضاء الحكومة عبر تخفيض الأجور، وإيقاف التعيينات في المناصب العليا، ومراجعة شاملة لمكامن الريع السياسيالذي يتأسس على تعدد التعويضات والجمع بين المناصب، وكذا أنواع الريع الأخرى التي تحرم خزينة الدولة من مداخيلمهمة». وانتقدت الشبكة ما وصفته بالقرار «الانفرادي» لرئيس الحكومة، مؤكدة أنه «ضرب للمبدأ الدستوري للديمقراطيةالتشاركية، وتكريس لقرارات تنم عن عدم استيعاب الأزمة الاجتماعية بشموليتها، والتي تستدعي التفكير في طرح بدائلناجعة، عوض تكريس سياسة الهروب إلى الأمام على حساب الشباب المعني بالدرجة الأولى بهذه التوظيفات من حامليالشهادات العليا، من دكاترة، ومهندسين، وخريجي الجامعات، والمعاهد». وحذرت الشبكة من أن قرار توقيف التوظيف من جانب حكومة على وشك انتهاء ولايتها هو «اعتداء على حقوق الناخبينفي اختياراتهم، وضرب حقيقي لمعنى العملية الانتخابية برمتها، خاصة أن المغرب مقبل على خوض الاستحقاقاتالانتخابية في أفق سنة 2021». هذا، وطالب المصدر ذاته الأحزاب المشكلة للأغلبية والمعارضة بأن تبدي مواقفها بكل وضوح من هذا القرار «التعسفيالرامي إلى إيقاف التوظيفات، وانعكاساته الخطيرة على استمرارية المرفق العام، والنقص المهول في العديد منالتخصصات، ودعوة البرلمانيين إلى إسقاط هذا التعديل المزمع تقديمه في مشروع القانون التعديلي.