ساعات قليلة بعد قرار السلطات فتح الحدائق في إطار تدابير تخفيف الحجر الصحي، عاد سكان مراكش، مؤخرا، إلى تنظيم النزهات الليلية. وسط المتنزِّهين في هذه الفضاءات العامة، هناك العشرات من التلاميذ الذين يجرون، فرادى أو في إطار مجموعات صغيرة، المراجعة النهائية قبل اجتياز امتحانات البكالوريا. "بعد ثلاثة أشهر من الحجر الصحي، لم أعد أطيق التهييء للامتحان داخل المنزل، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ولذلك اخترت أن أنهي آخر الاستعدادات هنا في هذه الحديقة"، تقول ليلى، تلميذة بمستوى السنة الثانية بكالوريا بشعبة العلوم الفيزيائية، وأضافت: "كنت متعودة أنا وصديقاتي وأصدقائي على الإعداد الجماعي للامتحانات الموحدة بهذه الحقيقة القريبة من منازلنا أو في شارع محمد السادس، ولكن ظروف الحجر الصحي منعتنا هذه السنة من اللقاءات المباشرة واكتفيا بالتواصل عن بعد". وعن الاحتياطات التي تتخذها للوقاية من العدوى، ترد هذه الفتاة، التي تقفل في غشت المقبل سنتها ال 18، بأن المعقم لا يفارق محفظتها المدرسية، كما أنها تحرص على ارتداء الكمامة. وفيما تجري ليلى "آخر المراجعات" في حديقة، أنهى زملاؤها في قطب الآداب والعلوم الإنسانية والتعليم الأصيل، أول أمس السبت، الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا. الأجواء كانت استثنائية بامتياز خلال امتحانات هذه السنة. بدأ توافد التلاميذ على مراكز الامتحانات مبكرا. قياس الحرارة للتلاميذ والأساتذة بدأ في حدود الساعة السابعة صباحا، أما الإداريون، فلقد خضعوا لهذه العملية قبل ذلك بنصف ساعة على الأقل. التعقيم بدأ عند مداخل مراكز الامتحانات بالأرجل وانتهى بتعقيم اليدين فور الدخول للأقسام الدراسية، قبل أن يتسلم التلاميذ الكمامات والأقنعة البلاستكية، وحتى فضاءات الامتحان بدت مختلفة هذا العام، فلأول مرة تُجرى الامتحانات داخل قاعات رياضية مغطاة وبمدرجات جامعة "القاضي عياض". الطقوس والعادات التي كانت تسبق الامتحانات بمراكش، وبدأت تختفي تدريجيا في الأيام العادية، لم يظهر لها أثر في زمن الجائحة، فلم يترك الفيروس مجالا أمام إمكانية استمرارها، إذ لم يعد ممكنا للمراكشيين، في ظل تدابير الوقاية من العدوى، أن يحيوا عادة متوارثة تقضي بأن تنظم العائلات لأبنائها الذين يستعدون لاجتياز الامتحانات التعليمية، خاصة لنيل الشهادة الابتدائية، زيارة إلى ضريح الولي "سيدي ابن العريف" بقلب المدينة العتيقة، غير بعيد عن المدرسة الدينية العتيقة "ابن يوسف"، وهناك كانوا يتناول التلاميذ الزبيب بأعداد فردية (بين ثلاث وسبع زبيبات)، وهي العملية التي يُستعمل فيها القلم التقليدي المصنوع من القصب، المستعمل في الكتاتيب القرآنية، كأداة للأكل، قبل أن ينتهي هذا الطقس بأن تمسح القيمة على الضريح رأس التلميذ بيدها وترْبت عليه، لتنفحها عائلته بدريهمات معدودة، واعدة إياها بإكرامية كبيرة وعطاء جزيل بعد النجاح. أما عن مخاوف بعض النقابات التعليمية من أن تتحول الامتحانات إلى "بؤر تربوية"، فقد أصدرت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكشآسفي، مؤخرا، بلاغا إخباريا أوضحت فيه بأنه جرت مضاعفة عدد مراكز الامتحان من أجل تقليص عدد المترشحات والمترشحين بكل قاعة إلى 10، وتوفير الظروف الصحية الملائمة والحفاظ على مسافة التباعد الضرورية، بحيث جرت تعبئة 235 مركز امتحان، وبذلك تم توفير 5134 قاعة دراسية و8 قاعات مغطاة و16 مدرجا بكليات ومؤسسات جامعة "القاضي عياض"، وهي الإجراءات التي قال البلاغ نفسه إنها تدخل في إطار التدابير الاحترازية والترتيبات الوقائية، للتصدي لوباء كورونا "كوفيد 19′′، وذلك باحترام كل المعايير التنظيمية وكذا مختلف الإجراءات الاحترازية الواردة في البروتوكول الصحي للأكاديمية، والذي يقدم مجموعة من الشروحات والنصائح والإجراءات العملية المرتبطة بمختلف محطات وعمليات ومراحل هذا الاستحقاق الوطني المهم، والتي تروم حماية وسلامة جميع المترشحات والمترشحين، وكل المتدخلين في هذه المحطة الحاسمة. يشار إلى أن العدد الإجمالي لمترشحات ومترشحي الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا برسم دورة 2020، بحهة مراكشآسفي، هو 50372 مترشحة ومترشحا، بزيادة 2735 مترشحة ومترشحا، مقارنة مع السنة الماضية، يبلغ عدد الإناث منهم 23853 مترشحة، بنسبة 47.35%، ويتضمن هذا العدد الإجمالي 33339 مترشحة ومترشحا بالتعليم العمومي، و3515 مترشحة ومترشحا بالتعليم الخصوصي، فيما يبلغ عدد المترشحين الأحرار 13518 مترشحة ومترشحا. ويتوزع مجموع المترشحات والمترشحين على المديريات الإقليمية ال 8 التابعة للأكاديمية، وهي مراكش ب 19793 مترشحة ومترشحا، آسفي ب 9419 مترشحة ومترشحا، قلعة السراغنة ب 5660 مترشحة ومترشحا)، الحوز ب 4036 مترشحة ومترشحا، الصويرة ب 3641 مترشحة ومترشحا، الرحامنة ب3358 مترشحة ومترشحا، شيشاوة ب 2289 مترشحة ومترشحا) واليوسفية ب2176 مترشحة ومترشحا.