بالموازاة مع شروع المغرب في مخطط تخفيف الحجر الصحي، بعودة جميع الأنشطة الاقتصادية تقريبا، تواصل البؤرالمهنية لفيروس "كورونا" المستجد تفريخ إصابات جديدة على شاكلة أرقام ثلاثية غير مسبوقة، رفعت الحصيلة التراكميةبالمملكة لتجاوز سقف 11465، مع تحقيق انتشار أوسع لرقعة الإصابات في جهات المغرب، وهو ما يدفع إلى طرحتساؤلات حول ما إذا كان المغرب الذي أشهر في وقت سابق بورقة "تحكمه بالوباء"، مقبل على مرحلة ذروة الإصاباتبالفيروس؟ وهل هو مستعد لوجيستيكيا لهذا الاحتمال؟ يسجل المغرب منذ ما يقارب الأسبوع أكبر حصيلة يومية للإصابات الجديدة بفيروس "كورونا" المستجد منذ تسلل هذاالوباء إلى بره لأول مرة في 2 مارس الماضي، وكانت بؤرة لالة ميمونة الجمعة الماضي قد أربكت حسابات الحكومةالجمعة الماضي، بعدما حطمت الرقم القياسي في عدد الإصابات اليومية بتسجيلها ما يزيد عن 552 حالة في يوم واحد،في وقت كانت أكبر حصيلة سجلها المغرب هي 281 في 17 أبريل الماضي، ودفعت المملكة أيضا ضريبة استئنافمصنع "رونو" لعمله، والذي تحول في غضون ثلاثة أيام فقط، إلى أكبر بؤرة صناعية نشطة حاليا لعدوى فيروس "كوفيد19′′. وزارة الصحة تتدارك خطأ تسرعها في تجميع الحالات الأرقام المهولة التي رصدتها السلطات الصحية منذ أسبوع، دفع أيضا بوزارة الصحة إلى التراجع عن قرارها السابقبخصوص تجميع الحالات النشطة في مؤسستين صحيتين متخصصتين في كل من بنسليمان وابن جرير، بحسب ماكشف عنه مصدر حكومي اليوم ل"أخبار اليوم". وفي وقت رفضت وزارة الصحة الإدلاء بأي معطى بهذا الخصوص ل"أخبار اليوم"، دون أن تنفي أو تؤكد الخبر الذيتوصلت به الجريدة مكتفية بالإشارة إلى أنها "ستدرس أسئلتنا" حول الموضوع، يقول مصدرنا إن البؤر المهنية في "لالةميمونة" وشركة "رونو" أجبرت المسؤولين في وزارة الصحة على التراجع عن قرارهم بخصوص المستشفيات الإقليمية،فيما جرى تعميم دورية الثلاثاء الماضي ترمي إلى إعادة فتح هذه المستشفيات في وجه الإصابات الجديدة بالأقاليم. وعلمت "أخبار اليوم"، أيضا، أن مديري ومسؤولي المستشفيات، وفور توصلهم بالدورية التي وقعها وزير الصحة خالدأيت الطالب، بدؤوا فورا في التحضير والاستعداد لاستقبال حالات جديدة، خاصة وأن الطاقة الاستيعابية للمستشفيينببنسليمان وبنجرير لا تتجاوز 500 سرير لكل واحدة، وهو ما يعزز، أيضا، هذا الطرح الرامي إلى إعادة استقبالالحالات إقليميا. وفي هذا السياق، علمت "أخبار اليوم" أيضا أنه اتخذ قرار بتنسيق بين مصالح وزارة الداخلية ووزارة الصحة من أجلإعادة فتح المستشفى الميداني الجديد بالغابة الدبلوماسية بطنجة، الذي جرى إحداثه في شهر مارس الماضي، قبل أنيتم إغلاقه لاحقا، وذلك من أجل استقبال حالات جديدة لفيروس كورونا على مستوى الجهة لاحتمالية أن ترتفع عددالحالات في الأيام القليلة المقبلة ما يفوق الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الكائنة بالمنطقة، وكذلك المصحات الخاصةوالوحدات الفندقية التي وضعت خدماتها رهن تصرف السلطات الصحية. الفيروس تفشى في المجتمع والمفاجآت غير السارة قادمة بالعودة إلى سؤال ما إذا كان المغرب قد دخل مرحلة ذروة الإصابات بفيروس "كوفيد 19′′ بعد ما يقارب 4 أشهر مناقتحام الفيروس أرضه، أعرب البروفيسور مصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، عن قلقه من ارتفاع حالات الإصابات على شاكلة بؤر مهنية، مشيرا إلى أن الفيروس تفشى في المجتمع، وأن مايحدث هو رصد له. البروفيسور الأخصائي في علم الفيروسات يقول إن هذه الأرقام المهولة التي يسجلها المغرب "يجب ألا نفصلها عنمسبباتها، كما لا يجب أن نربطها بإجراءات رفع الحجر، على اعتبار أنها وبالصدفة تزامنت فقط، مع إجراءات التخفيفالتي أعلنتها الحكومة"، مشددا في الآن عينه أن "نتائج هذا الإجراء ستظهر أيضا في الأيام المقبلة، وهو ما ينذربإصابات عديدة قريبا أيضا". ويعتبر الناجي أن هذه الحالات التي تظهر الآن "بدأت تظهر تزامنا مع رفع المغرب لعدد الفحوصات المخبرية اليومية،خاصة على مستوى المقاولات، والمصانع وأماكن الاكتظاظ، بعدما أعطت الحكومة أوامر قطعية بهذا الخصوص". ونبه الناجي إلى أن الفيروس"موجود في المجتمع، وقد يكون المرء حاملا له دون أن تظهر عليه أعراض، ودون أن يدرك هونفسه بذلك، بحيث أن مناعته تشتغل على طرد الفيروس واكتساب مناعة ضده، وبالتالي في حالة ما إذا كان هذاالشخص يشتغل في مقاولة أو غيرها وأجرى الفحوصات من الطبيعي أن تظهر إيجابية. لذلك أؤكد أن الحالات الجديدة لاتدعو إلى الخوف، يقول المتحدث، مضيفا: "المهم اليوم هو معدل الإماتة المنخفض بحيث لم يتجاوز 1 في المائة، ومعدلالتشافي مرتفع، وهذا هو الأساس في هذه المرحلة، أما عدد الحالات اليومية فهي عادية وسترتفع أكثر وأكثر مستقبلا". وأضاف البروفيسور أنه لا يجب أن نستغرب أو نصدم من ارتفاع الحالات، أيضا، خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أنه اليومأجريت 20 ألف تحليلة، فيما الرؤية أو المخطط الذي تسير عليه الوزارة يستهدف 40 ألف فحص مخبري، كما أن الخبراءوالمهنيين اليوم، يدرسون إمكانية أن نبلغ 2 مليون فحص، لذلك من المتوقع أن تظهر حالات أخرى وأرقام قد تبدو مرتفعة،لكن بالمقارنة مع المجهودات المبذولة من أجل الكشف المبكر عن المرض، فهذا أمر يدعو إلى الاطمئنان والافتخار". وتابع المتحدث: "نحن 36 مليون مغربي، بيننا أشخاص حاملين للفيروس وينقلون العدوى دون أن يدركوا، لذلك يجبرصدهم والتكفل بهم وخضوعهم لعناية طبية جيدة، لأنه إذا حدث عكس ذلك من الممكن أن تكتسب مناعة ضد الوباءوتتشافى، كما أنه من الممكن أن تسوء حالة الشخص ويصل إلى مراحل متقدمة من الوباء قد تقوده إلى الإنعاش ويفشلعلاجه". وبخصوص مؤشرات المناعة، التي تظهر على الشخص المصاب عديم الأعراض يقول الناجي: "توجد من نوع ugg التيتظهر بعد 3 أشهر، وعندما يرصدها الطبيب يعلم أن مريضه كان مصابا في وقت سابق بالفيروس واكتسب مناعته دونأن يعلن عن المرض، فيما يوجد مؤشر آخر يسمى UGN ، هذا إذا وجدناه عند الشخص، معناه أن إصابته بالفيروسحديثة"، يقول المتحدث. المطلوب تكليف المصحات الخاصة بعلاج مرضى "كوفيد" البروفيسور شكيب العراقي، الاختصاصي في الأمراض التنفسية، والخبير في طب الشغل، من جانبه، قلل من شأنالبؤر المهنية والصناعية المكتشفة مؤخرا، والتي رفعت عدد الإصابات ببلدنا، معتبرا أن رفع عدد الفحوصات المخبرية فيصفوف المواطنين وخاصة المهنيين، هو ما جعلنا نرصد هذه الأرقام بشكل يومي. العراقي، وفي حديثه مع "أخبار اليوم"، يعتبر أن الحجر الطبي كان جيدا بالنسبة إلى الأسر التي تتوفر على منازلواسعة أو متوسطة، والذين كانوا في حالة وقاية من الإصابة، أما الحالات الهشة، فكانت دائما عرضة للإصابة، خاصةفي الأحياء الشعبية ومدن الصفيح حيث الشروط الصحية غير متوفرة، وهو ما يجعلنا أمام احتمالية ظهور بؤر عائليةأيضا بشكل كبير. ويعتبر البروفيسور العراقي أن هذه الحالات التي أصيبت في إطار بؤر عائلية عادت إلى استئناف عملها بعد قراراتالحكومة، وبالتالي، نقلت العدوى إلى مكان العمل، حيث تكونت هذه البؤر المهنية، مشيرا إلى أن الحالات بدون أعراض لايمكن أبدا اكتشافها بدون فحص مخبري. وعلى عكس البروفيسور الناجي، يسلم البروفيسور العراقي، بأن الحالات بدون أعراض نسبة أذيتهم للآخر أو نشرهمللعدوى قليلة جدا، مستندا في طرحه لما أوردته وزارة الصحة بهذا الخصوص، على اعتبار أن العدوى تكون صادرة علىشكل أعراض من شاكلة السعال وغير ذلك، وبالتالي، فإن الحالات من هذا النوع لا ترعب. وطالب الأخصائي في الأمراض المعدية الحكومة، بفتح المجال للقطاع الخاص للتكفل بمرضى "كوفيد19′′، لاعتباراتلوجيستيكية ذلك لأن: "المستشفيات العمومية لا تتوفر على المعدات أو حتى الأطباء من أجل استقبال المرضى، فحتى قبلكوفيد المستعجلات العمومية تكون دائما بدون طبيب"، على حد تعبيره.