بعد أيام قليلة على التحركات الموسعة التي خاضتها هيئات نقابية في قطاع الصحة بعاصمة البوغاز، آخرها وقفة احتجاجية إنذارية بحر الأسبوع الماضي بالمركز الاستشفائي الجهوي؛ سارعت منسقية التفتيش بمديرية وزارة الصحة في جهة طنجةتطوانالحسيمة، إلى مباشرة افتحاص مديرية الشؤون المالية بمستشفى محمد الخامس الثلاثاء الماضي. كما تم الاستماع إلى المقتصد المعين بالنيابة في المنصب منذ نحو عام ونصف، ورفعت تقريرا إلى المفتشية العامة المركزية بوزارة الصحة، قصد النظر فيما يمكن اتخاذه من إجراءات وقرارات. وعلمت "أخبار اليوم" من مصادرها، أن المديرية الجهوية لوزارة الصحة انتدبت لجنة تفتيش متكونة من ثلاثة أعضاء تحت إشراف الدكتور البشير الجباري، المدير الأسبق لمستشفى سانية الرمل بتطوان، وموظفين آخرين بمصلحة المنسقية الجهوية للتفتيش، أحدهم من بين أطر وزارة الصحة الذين استفادوا من دورات تكوينية نظمتها رئاسة الحكومة حول مكافحة الفساد، وكان من ضمن الفوج الأول الذي استفاد منها، ودشن مهامه بافتحاص ميزانية مستشفى محمد الخامس بطنجة التي غرقت في المديونية. وأضافت مصادر الجريدة أن لجنة التفتيش بحثت في شبهات أثارتها تصريحات المسؤولين النقابيين في قطاع الصحة خلال الوقفة الاحتجاجية، إذ تم الاستماع إلى المقتصد بالمركز الاستشفائي محمد الخامس، في شأن شبهات تحوم حول كيفية استفادة شركات ومقاولات معينة من إحدى المدن التي ينحدر منها، دون احترام مساطر المنافسة في إبرام الصفقات العمومية، وأيضا الشبهات المتعلقة بتدبير بنود دفاتر تحملات شركات المناولة المكلفة بالحراسة الخاصة، والنظافة، والإطعام، حول عدم تناسب مواردها مع الحاجيات المحددة. ومن بين الاتهامات التي استفسر عنها أعضاء لجنة التفتيش الثلاثية، اختفاء متلاشيات ذات قيمة دون إبرام صفقة طلب عروض، ويتعلق الأمر بأفرشة المرضى التي استبدلت بأخرى جديدة، ولوحات شمسية لتوليد الطاقة كانت مثبتة في أسطح مبنى المركز الاستشفائي، وبوابات خشبية وحديدية تم تغييرها حديثا في إطار مشروع تأهيل المستشفى، ومعدات مختلفة اختفت بشكل غامض بعد عملية صيانة مرافق استشفائية وجراحية بالمستشفى. كما همت الأبحاث مع المقتصد المعين بالنيابة، صفقات صيانة المعدات، كجهاز المصعد الذي يسقط في الأعطال كل فترة قصيرة، وشبكة الكهرباء، ومصابيح الممرات والسقوف، والمشتريات والمخزونات، ما أدى إلى عجز المقتصدية عن تلبية الطلبات المستعجلة من لدن الأطر الصحية، العاملة في المركب الجراحي، ومختبر التحاليل، ومركز الفحص بالصدى والأشعة. وأوردت مصادرنا أن لجنة التفتيش رفعت تقريرا يتضمن تفاصيل الملاحظات المتعلقة بتدبير قطب الشؤون المالية، مشفوعا بأجوبة المقتصد المعني على تساؤلات واستفسارات أعضاء اللجنة، وتم رفع تقرير إلى المفتشية العامة بوزارة الصحة، للنظر في التدابير المتناسبة مع حجم المخالفات القانونية التي لم يقدم المسؤول عنها أية تفسيرات مقنعة، وفق تأكيد مصادرنا. وكانت أطر صحية تحدثت على هامش الوقفة الاحتجاجية في تصريحات للصحافة، عن شبهات تبذير المال العام، وشكاوى حول ممارسات منافية للقانون داخل الوسط الوظيفي، من بينها مضايقات في حق أعوان الحراسة الخاصة، وعمال خدمة النظافة، توصلت الهيئات النقابية بوقائعها، ورفعت بشأن معطياتها مراسلات مكتوبة إلى الجهات المسؤولة في الوزارة، قبل أن تتحرك مصالح الوزير خالد آيت الطالب، على وجه السرعة، إزاء تلك الادعاءات المسيئة لسمعة وزارة الصحة. واستحسنت الهيئات النقابية في تصريحات لمسؤوليها الإقليميين بطنجة تحرك لجنة التفتيش، مرحبين بسرعة تدخل الوزارة الوصية بشأن ملفات ظل مسكوتا عنها خلال عهد الوزير السابق أنس الدكالي، الذي تم في فترته تعيين مقتصد المركز الجهوي الاستشفائي، بمباركة المندوب الإقليمي والمدير السابق للمستشفى، اللذين عزلتهما وزارة الصحة قبل أشهر، وألحقتهما بمهام إدارية بمندوبية الصحة في مرشان، مع إحالة ملفات تدبيرهم على القضاء. يشار إلى أن مستشفى محمد الخامس أهم مستشفى ضمن مكونات المركز الاستشفائي الجهوي لطنجة. ويقدم هذا المرفق الصحي خدمات جراحية في تخصصات، وهي الجراحة العامة وجراحة المسالك البولية وجراحة العظام والمفاصل وطب النساء والتوليد وجراحة الدماغ والجهاز العصبي وجراحة الأطفال، كما يقدم خدمات طبية في ثلاثة تخصصات، وهي طب الأطفال وطب الكلي والتخدير والإنعاش، بالإضافة إلى المستعجلات والعيادات الخارجية. وتعيد هذه الاختلالات إلى الواجهة ملاحظات سبق أن سجلها المجلس الأعلى للحسابات في آخر تقرير له، حيث عاب قصور قطب الشؤون المالية للمركز الاستشفائي محمد الخامس، في تحصيل مداخيل تتجاوز 16 مليون درهم، كما سجل اختلالات بوظيفة المشتريات والتوريدات، دون اعتماد دليل للمقتنيات يؤطر مسار الشراء، والشروع في تنفيذ بعض الصفقات قبل الموعد المحدد لفتح أظرفة المقاولات المتنافسة، وعدم حجز الضمان من المتعهدين المنسحبين، واستئثار منطق استهلاك الاعتمادات المالية عوض منطق النجاعة في تلبية الاحتياجات، وشراء مقتنيات دون حاجة ملحة إليها لتفادي إلغاء مخصصاتها، وهو ما تسبب في نزيف الموارد وفق تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات.