يسود استغراب وسط الأطر الطبية بطنجة حول أسباب تكتم المدير الجهوي لوزارة الصحة، إكرام عفيفي، على مذكرة وزارية صادرة عن وزير الصحة أنس الدكالي، وتتعلق بتعيين رسمي لإطار متصرف بمستشفى محمد الخامس، رئيسا لقسم الشؤون الاقتصادية بنفس المستشفى، حيث تم إخفاؤها لمدة أسبوع قبل إعادتها للمصالح المركزية لوزارة الصحة، بدعوى أن المعني بالأمر طلب تنقيله إلى مستشفى لالة سلمى لأمراض السرطان بمدينة طنجة. وأثارت مصادر متطابقة ل “اليوم24″، فرضية وجود تواطؤ مشترك بين المدير الجهوي لوزارة الصحة إكرام عفيفي، وبين مدير المستشفى الإقليمي فؤاد قابيل، من أجل إحباط قرار التعيين الرسمي لإطار متصرف مشهود له بالاستقامة ونزاهة اليد، منذ أن علموا قبل أشهر بأن وزير الصحة أنس الدكالي، يتجه إلى تعيين عادل شارية رسميا في منصب مقتصد مستشفى محمد الخامس. غير أن إدارة هذا الأخير استبقت قرار الوزير التقدمي في الحكومة، وأقدمت قبل ثلاثة أشهر على إبعاد عادل شارية إلى المستشفى الأنكولوجي الجديد بطنجة، بطريقة وصفتها المصادر ذاتها ب “التنقيل العقابي”، وذلك بعد أن أعدوا “تقريرا مخدوما” حول أدائه، وحملوه مسؤولية وجود تعثرات ومشاكل في إبرام الطلبيات العمومية، في حين أن شارية كان يشتكي لمقربين منه تدخل أشخاص في صلاحياته والتلاعب في “بورطاي الصفقات”. وإثر ذلك، قرر فؤاد قابيل مدير أكبر مؤسسة استشفائية بعاصمة البوغاز، تعيين تقني محاسب مقرب منه يسمى مراد لغريسي، ووضعه في منصب مقتصد المستشفى مكان الإطار المتصرف عادل شارية، ضدا على إرادة الوزير الوصي على قطاع الصحة، وهو ما اعتبرته مصادر الجريدة “خرقا مفضوحا للقوانين المعمول بها وتواطؤا مثيرا للشبهات”. وبحسب معطيات تحرت بشأنها “اليوم24″، فإن التقني المحاسب الذي ترقى بضربة حظ لشغل هذا المنصب الحساس، كان له اليد الطولى في التفاوض مع المقاولات المشاركة في الطلبيات العمومية لمستشفى محمد الخامس، وتمرير الصفقات، منذ عهد المدير الأسبق. من جهة أخرى، أفادت مصادر موثوقة في حديث مع الجريدة، أن عادل شارية والذي سبق أن شغل منصب مقتصد متصرف لمدة طويلة بالمركب الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء، هو من بادر إلى تقديم طلب تنقيله إلى المستشفى الأنكولوجي بطنجة، بعدما ضاق ذرعا من التدخل في مهامه واختصاصاته من طرف أيادي لها غاية أن يشاع عنه أنه “ضعيف الكفاءة”. وأكدت مصادر مقاولاتية تتعامل مع مستشفى محمد الخامس، أن المدة التي تولى فيها عادل شارية منصب مقتصد المستشفى، منذ عزل وزير الصحة السابق للمقتصد الأسبق بعد أن ثبتت عليه اختلالات تدبيرية، أواخر سنة 2015، تميزت بترشيد النفقات، واحترام مبدأ الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، وتسريع وتيرة إنجاز الصفقات، لعل أهمها صفقة اقتناء الأدوية والتي ظلت مجمدة منذ أكثر من خمس سنوات قبل تعيينه في منصب المقتصد بالنيابة. وتساءلت مصادرنا عن طبيعة الرسائل التي يريد بعض المسؤولون إيصالها سواء للأطر الطبية والتمريضية العاملة بقطاع الصحة، أو للرأي العام الوطني، عندما يتم التفريط في مسؤول مشهود له بقيم النزاهة والمسؤولية، وترجيح كفة موظف آخر يثار حوله الكثير من الكلام، في منصب اتخذه عدد من المسؤولين السابقين مطية للاغتناء غير المشروع. يذكر أن المجلس الأعلى للحسابات، كان وقف في تقريره الأخير على اختلالات تفوح منها رائحة الفساد المالي، خاصة على مستوى المشتريات، إذ سجل قضاة جطو غياب سياسة شرائية تمكن من تحديد توجهات الإدارة فيما يخص التوريد، وتأثر إجراءات الشراء بمنطق استهلاك الاعتمادات بدلا من منطق النجاعة في تلبية الاحتياجات الحقيقية، حيث تبين أن بعض المقتنيات يتم شراؤها في متم السنة دون حاجة ملحة إليها، وذلك لتفادي إلغاء الاعتمادات المخصصة لها. وبحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي هم فترة 2008-2015، سجل وجود ثغرات كان يقوم بها المسؤولون عن المشتريات، أبرزها تمرير سندات الطلب بالتزامن مع الصفقات، وعدم الأخذ بعين وضعية الاستهلاكات السابقة من طرف كل مصلحة، للمواد المراد اقتناؤها ووضعية الباقي بالمخزون، فضلا عن اختلالات أخرى في تنفيذ وإسناد الطلبيات العمومية، وهي المعطيات التي يرى فيها متتبعو الشأن المحلي بطنجة، أنها تزكي فرضية وجود شبكة مصالح داخل المستشفى الإقليمي محمد الخامس، من مصلحتها إدامة مظاهر التسيب والفوضى للاستفادة من ريع الامتيازات