بعدما رفضته في جلستين سابقتين، من المقرر أن تبت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، بتاريخ الأربعاء 27 ماي الجاري، مجددا، في ملتمس السراح المؤقت للمستشار البرلماني ورئيس جماعة “واحة سيدي إبراهيم”، مولاي عبد الرحيم الكامل، المتابع، في حالة اعتقال، بجناية “الارتشاء”، في الوقت الذي قررت فيه تأخير المحاكمة بسبب وباء “كورونا”، محددة اليوم المذكور تاريخا للجلسة الثامنة، التي من المقرر أن تشهد مرافعات النيابة العامة ودفاع المتهم والمطالبين بالحق المدني، ممثلين في المشتكي وفرع “المنارة” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. واستنادا إلى مصدر قانوني، فقد منع انتشار الوباء انعقاد الجلسة السابعة حضوريا، بتاريخ 29 أبريل المنصرم، وهو ما حال دون تداول الغرفة، برئاسة القاضي أحمد النيزاري، في شأن ملتمس تمتيع المتهم بالسراح المؤقت، الذي تقدم به دفاعه كتابيا، يومين قبل ذلك، أمام كتابة الضبط، لتقرر الغرفة تأخير البت فيه إلى جلسة 27 ماي الجاري، كما قرّرت تكليف النيابة العامة بإحضار أحد الشهود بالقوة العمومية إلى الجلسة المذكورة. وسبق للغرفة أن رفضت الملتمس نفسه، خلال الجلسة السادسة الملتئمة بتاريخ فاتح أبريل الفارط، وقبل ذلك رفضته، خلال أول جلسة من محاكمة البرلماني، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، المنعقدة بتاريخ 29 يناير الماضي، التي حجزت فيها ملتمس السراح للمداولة، قبل أن تقضي، في آخر الجلسة، برفضه وإبقاء المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي. وكانت آخر جلسة حضورية انعقدت بتاريخ الأربعاء 18 مارس الفائت، وقد استغرقت زهاء ساعة ونصف من الزمن، وهي الجلسة الخامسة من المحاكمة، واستجابت خلالها غرفة الجنايات الابتدائية لطلب مكتوب تقدم به أمامها دفاع المتهم، خلال الجلسة نفسها، ملتمسا الاستماع إلى شاهد نفي، بعد أن كان دفاع البرلماني تكلف، خلال الجلسة الرابعة المنعقدة بتاريخ 4 مارس الماضي، بالسهر على تبليغ شاهدين آخرين عن طريق مفوض قضائي باستدعاء حضور الجلسة الخامسة، غير أنهما تغيّبا عنها، في الوقت الذي أدلى فيه الدفاع بشهادة مكتوبة لأحدهما، وهو عون سلطة بجماعة “واحة سيدي إبراهيم” ضواحي مراكش. إفادة شاهد النفي، وهو وسيط عقاري، حاولت تعزيز رواية البرلماني الذي سبق له أن صرّح، خلال مرحلة البحث التمهيدي، بأن مبلغ الرشوة المفترضة الذي تم توقيفه ملتبسا بحيازته له علاقة بمعاملة تجارية مع المشتكي، تعود لحوالي 32 سنة، موضحا أنه سبق وأن باع له بقعة أرضية تقع بجماعة “واحة سيدي إبراهيم”، بمبلغ 4 ملايين سنتيم، واتفق معه على أن يمنحه مرآبا بالبناية التي كان يعتزم تشييدها بالبقعة المذكورة، غير أن المشتكي لم يف بوعده وهو ما تسبب في خلاف بينهما، إلى أن قرر هذا الأخير طي صفحة هذا الخلاف عارضا عليه مبلغ 10 ملايين سنتيم كتعويض عن المرآب، زاعما بأن المشتكي كلف ابنه بأن يسلمه المبلغ المذكور، ونافيا بأن يكون تقدم بأي طلب للحصول على رخصة بناء عمارة، فيما اتهمت الشكاية التي تقدم بها لدى الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش “ب.ن” (37 سنة)، ابن المشتكي نيابة عن والده المهاجر المغربي بالسويد، (اتهمت الشكاية) البرلماني، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، بأنه طلب منه رشوة قدرها 11 مليون سنتيم مقابل الحصول على رخصة بناء عمارة بمركز الجماعة التي يترأسها، موضحا له بأن سيحتفظ لنفسه بمبلغ مليون سنتيم، فيما سيوزع الباقي على أعضاء اللجنة، قبل أن يتم توقيف البرلماني، مساء الثلاثاء 21 يناير المنصرم، في كمين أمني متلبسا بحيازة الرشوة المفترضة المذكورة داخل فيلته بحي “أسيف” بمراكش. وبعد أن أدى اليمين القانونية، صرّح الشاهد بأن توسط، سنة 1988، في عملية بيع عقار موضوع مطلب تحفيظ، مساحته 422 مترا مربعا، من طرف البرلماني للمشتكي، بمبلغ 35 ألف درهم (ثلاثة ملايين ونصف المليون سنتيم)، موضحا بأنه حصل على عمولة قدرها 500 درهم من طرف كل من البائع والمشتري، مشيرا إلى أن المشتكي التزم بمنح البرلماني مرآبا مساحته 150 مترا مربعا، وفي رده عن سؤال لدفاع هذا الأخير، نفى الشاهد بأن يكون هذا الالتزام قد تم تدوينه في عقد مكتوب من طرف موثق أو عدل. وفي الوقت الذي كان فيه رئيس هيئة الحكم، القاضي أحمد النيزاري، يذكّر الشاهد بعقوبة الإدلاء بشهادة الزور وما يمكن أن تؤدي إليه من تضليل محتمل للعدالة، اعتبر دفاع المتهم، المكون من نقيب هيئة المحامين بمراكش، مولاي سليمان العمراني وعبد الرحمان الفقير ومولاي سليمان بن بويا ويونس مسوس، من الهيئة نفسها، ومحمد الكاميلي من هيئة سطات، (اعتبروا) أن هذا التذكير يعد “ترهيبا” للشاهد، وهو ما اعترض عليه القاضي النيزاري الذي اعتبر ذلك من صميم صلاحياته القانونية. وسبق للفرقة الجهوية للشرطة القضائية أن فندت رواية المتهم في استنتاجاتها بمحضر الضابطة القضائية، الذي خلصت فيه إلى أن أبحاثها الأمنية أنتجت أدلة وقرائن كافية على ارتكاب البرلماني الموقوف لجناية “الارتشاء”، من قبيل ضبطه متلبسا بحيازة مبلغ مالي نقدي قدره 11 مليون سنتيم، وتطابق الأوراق المالية المحجوزة مع المستنسخة بمقر الفرقة الجهوية، واعترافه التلقائي بأنه هو من بادر إلى الاتصال بالمشتكي لتحديد مكان وموعد تسلم المبلغ، الذي أنكر لحظة توقيفه تلقيه، قبل أن يعود ويعترف بأنه تسلمه في إطار تسوية خلاف ناجم عن معاملة تجارية تعود إلى 1988، ناهيك عن نفيه وضع المشتكي لأي طلب بالجماعة التي يترأسها، قبل أن تنتقل الضابطة القضائية إلى مقر الجماعة ويتبين بأن المشتكي تقدم بطلب، بتاريخ 8 يناير الفارط، وكان مقررا أن تبت فيه اللجنة الإقليمية للتعمير، بتاريخ 22 من الشهر نفسه، فضلا عن إفادة تقني بالجماعة بأن الرئيس كان على علم بموضوع طلب الترخيص. كما عرضت الضابطة القضائية قرينة أخرى تتعلق بالطريقة “المريبة” التي كان الرئيس حريصا على أن يتسلم بها المبلغ على مستوى باب منزله الذي دخل إليه وأغلقه بسرعة مباشرة بعد تلقيه المبلغ المالي، فضلا عن التبريرات “غير المنطقية” لأسباب تسلمه، التي أرجعها إلى معاملة تجارية مزعومة بدون شهود أو وثائق مثبتة، وتسلمه للمبلغ قبل يوم واحد من انعقاد اللجنة الإقليمية للتعمير، التي كان مقررا أن تبت في طلب المشتكي.