كلفت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، أول أمس الأربعاء، المحامي هشام الجواهري بإحضار المشتكي للجلسة المقبلة من محاكمة المستشار البرلماني ورئيس جماعة «واحة سيدي إبراهيم»، مولاي عبد الرحيم الكامل، المتابع، في حالة اعتقال، بجناية “الارتشاء”. وجاء التكليف بعد اعتراض دفاع المتهم على إدلاء المحامي الجواهري، من هيئة مراكش، بشهادة طبية مكتوبة باللغة الإنجليزية تفيد بأن موكله، وهو مهاجر مغربي بالسويد، يتابع العلاج في إنجلترا، بعد أن كان ابنه «ب.ن» (37 سنة) تقدم نيّابة عنه بشكاية لدى الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، عصر الثلاثاء 21 يناير المنصرم، يتهم فيها البرلماني، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، بأنه طلب منه رشوة قدرها 11 مليون سنتيم مقابل الحصول على رخصة بناء عمارة بمركز الجماعة التي يترأسها بضواحي مراكش، موضحا له بأن سيحتفظ لنفسه بمبلغ مليون سنتيم، فيما سيوزع الباقي على أعضاء اللجنة، قبل أن يتم توقيف البرلماني، مساء اليوم نفسه، في كمين أمني متلبسا بحيازة الرشوة المفترضة المذكورة داخل فيلته بحي «أسيف» بمراكش. ورغم ضبط البرلماني في حالة تلبس بارتكاب جناية «الارتشاء»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 248 من القانون الجنائي، فإن ممثل الحق العام، القاضي إدريس حزام، لم يعارض ملتمس دفاع المتهم بإحضار المشتكي «م.ن»، كما لم يعترض عليه دفاع هذا الأخير، إذ التزم المحامي الجواهري بإحضار موكله للجلسة الرابعة المقرر التئامها بتاريخ الأربعاء 4 مارس الآتي. كما وافقت الغرفة، برئاسة القاضي أحمد النيزاري، على ملتمس تقدم به دفاع المتهم باستدعاء وسيطين عقاريين، باعتبارهما شاهدي نفي لم يجر الاستماع إليهما من طرف الضابطة القضائية، وهو الملتمس الذي يهدف من خلاله دفاع المتهم إلى تعزيز رواية مؤازرهم، الذي سبق له أن صرّح، خلال مرحلة البحث التمهيدي، بأن المبلغ المحجوز بحوزته له علاقة بمعاملة تجارية مع المشتكي، تعود لحوالي 32 سنة، موضحا بأنه سبق وأن باع له بقعة أرضية تقع بجماعة «واحة سيدي إبراهيم»، بمبلغ 4 مليون سنتيم، واتفق معه على أن يمنحه مرآبا بالبناية التي كان يعتزم تشييدها بالبقعة المذكورة، غير أن المشتكي لم يف بوعده وهو ما تسبب في خلاف بينهما، إلى أن قرر هذا الأخير طي صفحة هذا الخلاف عارضا عليه مبلغ 10 مليون سنتيم كتعويض عن المرآب، زاعما بأن المشتكي كلف ابنه بأنه يسلمه المبلغ المذكور، ونافيا بأن يكون تقدم بأي طلب للحصول على رخصة بناء عمارة. وسبق للفرقة الجهوية للشرطة القضائية أن فندت رواية المتهم في استنتاجاتها بمحضر الضابطة القضائية، الذي خلصت فيه إلى أن أبحاثها أنتجت أدلة وقرائن كافية على ارتكاب البرلماني الموقوف لجناية «الارتشاء»، من قبيل ضبطه متلبسا بحيازة مبلغ مالي نقدي قدره 11 مليون سنتيم، وتطابق الأوراق المالية المحجوزة مع المستنسخة بمقر الفرقة الجهوية، واعترافه التلقائي بأنه هو من بادر إلى الاتصال بالمشتكي لتحديد مكان وموعد تسلم المبلغ، الذي أنكر لحظة توقيفه تلقيه، قبل أن يعود ويعترف بأنه تسلمه في إطار تسوية خلاف ناجم عن معاملة تجارية تعود إلى 1988، ناهيك عن نفيه وضع المشتكي لأي طلب بالجماعة التي يترأسها، قبل أن تنتقل الضابطة القضائية إلى مقر الجماعة ويتبين بأن المشتكي تقدم بطلب، بتاريخ 8 يناير الفارط، وكان مقررا أن تبت فيه اللجنة الإقليمية للتعمير، بتاريخ 22 من الشهر نفسه، فضلا عن إفادة تقني بالجماعة بأن الرئيس كان على علم بموضوع طلب الترخيص. كما عرضت الضابطة القضائية قرينة أخرى تتعلق بالطريقة «المريبة» التي كان الرئيس حريصا على أن يتسلم بها المبلغ على مستوى باب منزله الذي دخل إليه وأغلقه بسرعة مباشرة بعد تلقيه المبلغ المالي، فضلا عن التبريرات «غير المنطقية» لأسباب تسلمه، التي أرجعها إلى معاملة تجارية مزعومة بدون شهود أو وثائق مثبتة، وتسلمه للمبلغ قبل يوم واحد من انعقاد اللجنة الإقليمية للتعمير، التي كان مقررا أن تبت في طلب المشتكي. هذا، وقد كان مقررا أن تنعقد جلسة أول أمس ابتداءً من التاسعة صباحا، غير أنها تأخرت لأكثر من أربع ساعات، بسبب عدم إحضار المتهم، الذي كان مفترضا أن ترسل النيابة العامة إلى السجن الذي يقبع فيه أمرا بإحضاره لجلسة محاكمته، ثلاثة أيام على الأقل قبل انعقادها، وهو ما لم يتم، إذ لم يحضر المتهم على متن الحافلة التابعة لسجن «الأوداية» بسبب عدم توصل إدارته بأي أمر رسمي بإحضاره، قبل أن تتدارك النيابة العامة ذلك وتكلف سيارة تابعة للدرك الملكي بنقل المتهم إلى المحكمة في حدود الواحدة زوالا. وقد استغرقت الجلسة زهاء عشرين دقيقة، أعلن خلالها المحامي مولاي رشيد الغرفي، من هيئة مراكش، نيابته عن فرع «المنارة» للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وتنصيبه طرفا مدنيا في الملف، ملتمسا مهلة لإعداد مذكرة المطالب المدنية، كما تقدم المحامي يونس مسوس بملتمس للتأخير لإعداد الدفاع مؤازرا المتهم، لينضم إلى فريق دفاعه، المكون من المحامين عبد الرحمان الفقير ومولاي سليمان بن بويا، من هيئة مراكش، ومحمد الكاميلي من هيئة سطات، وهو ما وافقت عليه الغرفة مرجئة المحاكمة لأسبوعين.