إذا كان المواطنون في المغرب والدول المغاربية انضبطوا للحجر الصحي وحالة الطوارئ، فإن الجماعات الإرهابية تخرق الطوارئ في محاولة لاستئناف نشاطاتها، رغم تضييق الخناق عليها في ظل الانتشار الأمني والعسكري في كل هذه البلدان. إذ إن فيروس كورونا المستجد لا يشكل فقط تحديا صحيا وغذائيا للمغرب وباقي الدول، بل تحديا أمنيا، كذلك، لاسيما في ما يتعلق بمواجهة المخاطر الإرهابية. هذا ما كشفه المرصد الدولي للدارسات حول الإرهاب، والذي يوجد مقره في إسبانيا. مع ذلك، نجح المغرب في الجمع بين توفير التأمين الصحي والغذائي وبين توفير الأمن منذ فاتح مارس المنصرم، حيث جرى تفكيك خلية جهادية واحدة في المملكة، لكن ليس هناك «صفر خطر»، وفق خبراء مغاربة، لاسيما في ظل ارتفاع التهديدات الإرهابية والإجرامية في منطقة الساحل والصحراء على الحدود المغربية. في هذا الصدد، يوضح المرصد الدولي للدارسات حول الإرهاب أنه رغم الحجر الصحي الذي فرض لوقف زحف فيروس كورونا، فإن «النشاطات الإرهابية ذات الطابع الجهادي تتواصل دون توقف في مناطق المغرب العربي والساحل الغربي، لاسيما في هذا الأخير». وتابع التقرير أنه في مارس المنصرم، جرى تسجيل 58 اعتداء إرهابيا في هذه المناطق، كما أن عدد القتلى بلغ 522 ضحية، حيث ارتفع مقارنة بشهر فبراير الماضي الذي سجل 270 ضحية فقط. وبخصوص المغرب الكبير، يقول التقرير: «مازالت السلطات في المغرب والجزائر تقوم بعمليات مكافحة الإرهاب. في المغرب، فكك المكتب المركزي للأبحاث القضائية خلية داعشية تتكون من أربعة أشخاص في بنسليمان، فيما نفذت السلطات الجزائرية عمليات أمنية في ثلاث مناطق»، في حين أن الهجوم الإرهابي الوحيد الذي شهدته المنطقة كان في تونس من تنفيذ انتحاريين. وسجلت أغلبية الهجمات والوفيات في منطقة الساحل والصحراء، لاسيما في دول بوركينافاسو والكاميرون ونيجيريا ومالي وتشاد والنيجر وتشاد وكينيا وليبيا. لكن، ما هي تأثيرات تحالف الإرهاب وكورونا على المغرب وإفريقيا؟ يقول الخبير المغربي في الشؤون الصحراوية والإفريقية، مساوي العجلاوي، في دردشة مع «أخبار اليوم»: «إن الانعكاسات الأمنية على القارة جراء فيروس كورونا أو ما بعد كورونا، ستكون سلبية جدا. وهنا تكفي العودة إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة الذي أكد أن إفريقيا ستعاني الأمرين، خاصة مناطق الصراع». وأضاف العجلاوي شارحا: «سيزيد تأثير كورونا من تهلهل سلطة الدولة في بعض الدول الإفريقية، فمثلا في منطقة الساحل والصحراء، التي تعرف ازدهارا للحركات الجهادية وشبكات الجريمة العابرة للحدود، هناك غياب الدولة ووظائف الدولة بمفهومها العام، وبالتالي، فإن تأزم الدول والسلطات في القارة الإفريقية سيؤثر كثيرا، أيضا، في حضور الدولة في كل المناطق التي بها جماعات جهادية أو حركات انفصالية أو جماعات الجريمة العابرة للحدود، ما سيؤدي إلى تقوية هذه الحركات». وعلى غرار بقية المراقبين، يعتقد المرصد الدولي أن أزمة فيروس كورونا المستجد ستؤثر في السياقات الأمنية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، وحذر، كذلك، من إمكانية استغلال الجماعات الإرهابية الوضع القائم لتنفيذ اعتداءات على نطاق واسع في المراكز الحدودية والسجون، مشيرا إلى بعض البيانات الجهادية التي أكدت الرغبة في تحرير إخوانهم المعتقلين. كما دق التقرير ناقوس الخطر بشأن تزايد السخط الاجتماعي في المغرب الكبير بفعل الآثار السلبية لفيروس كورونا على اقتصادات المنطقة. وتزايدت حدة هذه المخاوف بعد تسجيل مواجهة واشتباكات بين المواطنين والأجهزة الأمنية في بعض الدول الإفريقية بسبب نقص التموين الغذائي. كما حدث في مدينة كابو الجنوب إفريقية ونيروبي الكينية ومالاوي، فضلا عن دول أخرى. وتجدر الإشارة أن 20 في المائة من السكان في جنوب إفريقيا، القوة الاقتصادية الأولى في القارة، يجدون صعوبة في الحصول على المواد الغذائية. وخير تعبير عن أزمة التغذية في القارة هو صرخة جواني فريدريكس، وهي ناشطة من جنوب إفريقيا، والتي قالت: «سيدي الرئيس، إننا نمر بأزمة غذائية. هذه حرب». وأضافت فريدريكس، عبر مقطع فيديو نشر في وسائل التواصل الاجتماعي: «قام بعض الناس بتخريب المتاجر، والسبب الوحيد هو أنهم جائعون»، في إشارة إلى أن الناس قد يفضلون الموت بالفيروس على الموت جوعا.