قال محمد السكتاوي عن منظمة العفو الدولية “أمنستي”، إن حالة الصحافي توفيق بوعشرين، فريدة في تاريخ الصحافة المغربية، ولم يسبق أن تعرض صحافي مغربي من تضييق وقمع واضطهاد، بقدر ما تعرض له بوعشرين، معتبرا أنه عانى من كل أصناف القمع والتضييق من التهديد بالاعتقال في بداية مساره الصحافي، إلى الحبس موقوف التنفيذ، ثم الغرامات الباهظة التي كان القصد منها إفلاس مشاريعه الصحافية، إضافة إلى السجن، وأخيرا التعذيب وإساءة المعاملة. وأوضح السكتاوي في اتصال مع “أخبار اليوم” أنه بالعودة إلى الوراء، فستبدو الأمور واضحة بجلاء، لقراءة الوضع في السياق السابق، منطلقا من تاريخ 30 أكتوبر 2009، حيث صدر الحكم ضد بوعشرين بالسجن لمدة 4 سنوات مع وقف التنفيذ في قضية خالد كدار الصحافي الرسام الكاريكاتوري، الذي كان يشتغل في جريدة “أخبار اليوم”، وكانت التهمة التي أُلصقت ببوعشرين وكدار، أنه لم يحترم العلم الوطني وأساء إلى أحد أفراد العائلة المالكة، وهي أول رسالة إلى بوعشرين. وواصل عضو منظمة “أمنستي” سرده لكرونولوجيا محاكمات بوعشرين، موردا تاريخ يوليوز 2010، حيث جرى الحكم عليه مرة أخرى بالسجن 6 أشهر وغرامة مالية عقب إدانته بتهمة التزوير من طرف المحكمة الابتدائية بالرباط، وهو الملف الذي كان قد حصل فيه على البراءة في 2009، لكن سلطات الادعاء أعادت فتح القضية لأسباب سياسية واضحة، تتعلق بكتاباته التي انتقد فيها الحكومة وتخطى الخطوط الحمراء. مضيفا أنه في نونبر 2014 أدانته المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتهمة القذف بعد نشره خبرا استند إلى برقيات دبلوماسية سرية، وحكمت عليه بالسجن شهرين موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 106 ملايين درهم. وانتهت عملية سرده لتاريخ محاكمات بوعشرين، إلى المرحلة الأخيرة التي جرى اعتقاله فيها بتهمة الاتجار بالبشر وغيرها من التهم الغريبة، موضحا أن منظمة العفو الدولية، وفي تقريرها السنوي، وضعت حالة بوعشرين في خانة حرية التعبير ووضعها في المغرب، باعتباره ضحية من ضحايا التعبير، مضيفا أن هاته السنة جرى وضعه في خانة التعذيب، مشيرا إلى أن بوعشرين وبعدما تلقى سجنا مشددا ل15 سنة، يوجد الآن رهن الحبس الانفرادي المطول بسجن عين بورجة، وكما هو معروف في المواثيق الدولية، فإن الحبس الانفرادي لفترات طويلة يُعد بمثابة نوع من التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة. وخلص السكتاوي إلى أنه من خلال السرد التاريخي لحالة بوعشرين، يتضح أنه كان مستهدفا منذ سنوات بعيدة، وكان واضحا، حسب ما وجه إليه من اتهامات أنه رجل لا يحترم الخطوط الحمراء، علما أن السلطات المغربية لا تتسامح إزاء التعبير عن آراء أو نشر معلومات تعتبر إساءة لمؤسسات وثوابت الأمة وغيرها من القضايا التي تندرج ضمن المتعارف عليه بالخطوط الحمراء، وهذا ما يتكرر باستمرار. إذ لازال الكثير من الصحافيين تطالهم مثل هاته العقوبات، فقط لأنهم يملكون الجرأة والشجاعة لانتقاد المسؤولين أو كشفهم للفساد أو وضعهم الحقائق المسكوت عنها أمام المواطنين. وأوضح عضو منظمة العفو الدولية أن القرار الأممي في شأن الاعتقال التعسفي، كان واضحا، لأنه سلطة أممية مشهود لها بالنزاهة والموضوعية والحياد، وليس منظمة دولية لحقوق الإنسان أو جمعية وطنية، وإنما آلية أممية لها سلطتها المعنوية، قالت بوضوح وبدون قراءة الأمور بتأويل مغرض، إن الصحافي بوعشرين يخضع للاعتقال التعسفي ويتعين إطلاق سراحه، وهو ما تدعو إليه جميع المنظمات الوطنية والدولية لحقوق الإنسان، فالصحافي الحر المستقل لا يجب أن يكون وراء القضبان، بل يجب أن يكون صوتا لمن لا صوت له، والمغرب في حاجة إلى مثل هذه الأصوات الحرة مثل بوعشرين، معتبرا أن ما يتعرض له من التعذيب، هو نوع من إسكات صوت صحافي له الجرأة ليقول ما يقول جميع الناس بقلمه وافتتاحيته وشجاعته. وعبر محمد السكتاوي أنه بعد إصدار الحكم في حق بوعشرين، بغض النظر عن كون المحاكمة عادلة أم لا، فالمطلوب الآن، وطبقا لتوصية المقرر الأممي بشأن الاعتقال التعسفي، أن يصدر عفو في حق هذا الرجل الذي يملك الشجاعة، مؤكدا أن سلطة العفو في يد الملك، الذي يملك سلطة عليا تقوم على قيم حقوق الإنسان واحترامها، فإنها، أيضا، تقوم على الرحمة والرأفة، مشددا على أنه، إن حدث ذلك، سيكون عفوا لفائدة الحرية وقيم حقوق الإنسان لتكون رايتها مرفرفة عالية في المغرب.