بعد مرور 21 سنة على مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ما زال عدد من المواطنين المغاربة يشتكون من استمرار مختلف أشكال التعذيب أثناء الاعتقال، مثل الضرب المبرح على الرأس والأعضاء الحساسة، والاغتصاب بواسطة القنينات الزجاجية، ووضع الرأس في المرحاض... حسب تقرير قُطري لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، فرع المغرب. المدير العامّ لفرع المنظمة في المغرب، محمد السكتاوي، قال في ندوة صحافية نظمتها المنظمة، صباح اليوم بالرباط، للإعلان عن إطلاق الحملة الدولية لمناهضة التعذيب، التي ستستمرّ سنتين، إنّ المنظمة ستُعدّ تقريرا خاصّا عن التعذيب في المغرب، مطالبا الحكومة المغربية التي يقودها عبد الإله بنكيران بالعمل على إقرار تدابير فعالة وضمانات أساسية لوضع حدّ للتعذيب، قائلا "سنكون مسرورين إذا تفاعلت الحكومة بشكل إيجابي مع مطالبنا". السكتاوي، وبعد أن ذكّر بعدد من الإجراءات التي اتخذها المغرب، لتعزيز حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، مثل إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإحداث هيأة الإنصاف والمصالحة، وتجريم التعذيب والمصادقة على الاتفاقية الأممية لمناهضته، والمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية، قال إنّ الواقع يؤكّد أنّ الممارسة "تكذب الكثير من الوعود والالتزامات التي قدمتها الدولة، في ظلّ استمرار ورود تقارير موثّقة عن وقوع التعذيب أثناء الاحتجاز". ووجّهت منظمة العفو الدولية انتقادات للمغرب، على عدم إخضاع المسؤولين المتورطين في قضايا التعذيب للمساءلة، وهي النقطة التي اعتبرها السكتاوي بمثابة "الطامة الكبرى"، لافتا إلى أنّ المغرب فشل فشلا شبه منهجي للتحقيق في قضايا مساءلة المتورطين في التعذيب"، وهو ما يُفضي، يضيف المتحدث، إلى ارتفاع عدد ضحايا التعذيب، وهو ما تؤكّده الشكاوى الرسمية الموجهة إلى النيابة العامة وإلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وبخصوص تركيز حملة "أمنستي" على المغرب، إضافة إلى أربع دول أخرى، قال السكتاوي، إنّ ذلك راجع إلى أنّ هناك "فرصة غير مسبوقة لاستئصال ظاهرة التعذيب في المغرب"، وأضاف "لسنا وحدنا من يقول إن هناك تعذيبا في المغرب، بل يقولها المجلس الوطني لحقوق الإنسان أيضا"، لافتا إلى أنّ التراكم الذي حققه المغرب، في مجال حقوق الإنسان، من خلال المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية، وتجريم التعذيب، وتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، تعتبر مؤشرات إيجابية، وامتيازا، "ونحن اخترنا المغرب لأنّ لنا أملا كبيرا في أن يخطو في اتجاه وضع حدّ للتعذيب". وإن كانت منظمة العفو الدولية تقول إنّ ظاهرة التعذيب في المغرب ما زالت مستمرة، إلا أنّ السكتاوي أشار إلى أنّ التعذيب ليس ممنهجا، كما كان في السابق، موضحا أنّ الإشكال الأكبر يكمن في كون القضاء "يتقاعس بشكل منجهي عن فتح تحقيقات في شأن ما يرد عليه من مزاعم بخصوص التعذيب"، محمّلا المسؤولية للحكومة، التي قال إنها على موعد كبير مع التاريخ، لأنها أول حكومة خرجت من صناديق الاقتراع، وأتى بها مدّ شعبي، وأتت في مخاض تحوُّل يعرفه المغرب، لذلك، إذا لم تتخذ القرار المناسب، فسوف يكون ذلك كارثة". وتهدف الحملة العالمية التي أعلنت منظمة العفو الدولية عن إطلاقها، في الذكرى الثلاثين لصدور الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، إلى تحقيق تأثير على الحكومات، في مختلف بلدان العالم لاستئصال ظاهرة التعذيب، والسعي إلى تغييرٍ شامل وعميق لمجال حقوق الإنسان، على مستوى المنظمات الحكومية، وتعبئتها لمناصرة قضايا حقوق الإنسان، وعلى رأسها مناهضة التعذيب. وتأتي حملة منظمة العفو الدولية لمناهضة التعذيب، والتي ستوازيها دراسة، عبارة عن مسح عالمي، في ظلّ توصّل المنظمة بحقائق، حول التعذيب، وصفها السكتاوي ب"المرعبة"، موضحا أنّ ما زيد على رُبع دول العالم ما زالت تمارس التعذيب؛ فضلا عن ذلك، يعاني نصف سكان العالم من رُهاب من التعرض للتعذيب، يقول السكتاوي، منتقدا الحكومات "التي نكثت بوعدها بعد ثلاثين سنة من إصدار الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب"، وفق تعبيره.