دعت منظمة العفو الدولية، فرع المغرب، الملك محمد السادس بصفته رئيسا للدولة المغربية، إلى تقديم اعتذار رسمي وعلني لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي. وفيما أكدت المنظمة أنها تعترف ب«العمل الطليعي الذي أنجزته هيئة الإنصاف والمصالحة، وترحّب بما حقّقته السلطات من تقدّم في السنوات الأخيرة لتحسين حالة حقوق الإنسان»، عادت لتلاحظ أن التأخير في تنفيذ عدد من التوصيات المهمة للهيئة في مجالات كشف الحقيقة وجبر الضرر والإصلاح القانوني والمؤسسي، «تهدّد بتقويض ما تحقّق من نجاحات، وتلقي بظلال من الشك على التزام السلطات المغربية بالتصدي لانتهاكات الماضي لحقوق الإنسان على نحو مناسب». هذه الخلاصات، التي بنتها المنظمة الدولية على تقرير كانت قد أعدته شهر يناير الماضي، عادت إليها صباح أمس خلال ندوة صحافية لتقديم التقرير السنوي للمنظمة الحقوقية الدولية، حيث قدّم المدير العام لفرعها بالمغرب، محمد السكتاوي، عددا من التوصيات، أهمها تقديم اعتذار رسمي للضحايا، وإحالة جميع الأدلة التي تبيّن المسؤولية الجنائية الفردية للسلطات القضائية، من أجل مزيد من التحقيق وتقديم الجناة «إلى ساحة العدالة بلا إبطاء». وكرّر مسؤولو المنظمة، خلال ندوة أمس، أنه «لا يمكن تحقيق أي مصالحة ولا إنصاف بدون تحقيق العدالة». ودعت «أمنستي أنترناشيونال» إلى إحداث آلية تمكّن ضحايا الانتهاكات من استئناف قرارات جبر الضرر الصادرة لفائدتهم، في حال شعورهم بعدم الرضا عليها. كما دعا السكتاوي إلى عدم منح كلّ من تحوم حولهم شبهة ارتكاب تلك الانتهاكات الجسيمة، أي مسؤولية رسمية كيفما كان نوعها، «بالإضافة إلى إصلاح النظام القضائي وضمان استقلاليته، والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري». وفي الجزء المخصّص للمغرب في تقريرها السنوي، قالت المنظمة إن السنة الماضية عرفت تزايد الاعتداءات على حرية التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات، «في قضايا ينظر إليها باعتبارها جزءا لا يتجزّأ من أمن الدولة الداخلي أو الخارجي». وقال التقرير إن كلا من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وأنصار تقرير المصير في الصحراء وأعضاء جماعة العدل والإحسان كانوا عرضة للمضايقات والاعتقالات والمحاكمة، فيما «ظلّ مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي والحاضر ينعمون بحصانة شبه كاملة من المساءلة والعقاب». وردّا على الاتهامات التي توجّه إلى المنظّمة بمناسبة تقديم تقريرها السنوي، والمتعلقة بالحيّز المخصّص في التقرير لما تعتبره المنظمة انتهاكات تقع في الصحراء المغربية، قال محمد السكتاوي إن منظمة العفو «لا تتعامل بناء على أجندة سياسية، بل هي منظمة غير حكومية مستقلة ومحايدة». وأضاف السكتاوي أن المنظمة تطالب أيضا بإخضاع المسؤولين عن الانتهاكات التي تمارس في مخيّمات تندوف للمساءلة. وأعلن المسؤول الأول للمنظمة في المغرب أن هذه الأخيرة «تجد صعوبة في الولوج إلى الجزائر، نظرا لغياب التعاون من طرف المسؤولين، وتقاعس السلطات الجزائرية عن معالجة مسألة الحصانة التي يتمتّع بها من ارتكبوا انتهاكات في تندوف خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات». واعتبر السكتاوي أن الحلّ لتجاوز هذا الوضع يبقى هو مصادقة الدول على الاتفاقية المتعلّقة بالمحكمة الجنائية الدولية، من أجل إعمال العدالة الدولية في حال عجز أنظمة العدالة المحلية. في هذا السياق، اعتبرت «أمنستي» فرع المغرب أنه ورغم ما تحقّق على مستوى العدالة الدولية، «ما زلنا بعيدين عن إعمال حقّ مساءلة الدول والشركات والجماعات المسلحة والأفراد»، رغم بعض «التباشير» التي قالت المنظمة إنها تتمثّل في كون كثير من الجناة أصبحوا يهابون العدالة الدولية، بعدما صادقت 111 دولة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية. ووقفت منظمة العفو الدولية عند ما وقع قبل أسبوع، حين تعرّض نشطاء حقوق الإنسان إلى هجوم سافر من القوات الإسرائيلية وهم يقودون قافلة الحرية نحو غزة، فسقط العديد من الضحايا. وقالت «إنهم عبّروا بذلك عن القوة الجسورة لحقوق الإنسان من أجل التغيير، وشقوا طريق الانتصار». واعتبرت المنظمة أن أي مساس بنشطاء حقوق الإنسان هو مساس بأمل الشعوب في التحرّر من الظّلم.