دخل مشروع القانون الجنائي، مرحلة بلوكاج جديد، بعد تجدد الخلاف بين مكونات الأغلبية، بشأن جريمة الإثراء غير المشروع التي تضمنها المشروع "المحتجز" منذ نحو أربع سنوات في مجلس النواب. وقالت مصادر برلمانية، اليوم الخميس، إن حزب العدالة والتنمية، سحب توقيعه من التعديلات التي قدمتها فرق الأغلبية حول مجموعة القانون الجنائي، والتي تتعلق بالإثراء غير المشروع. انسحاب “البيجيدي” من تعديلات الأغلبية، يأتي بعد تصريحات أدلى بها وزير العدل محمد بنعبد القادر، نفى فيها وجود أي "بلوكاج" بخصوص مشروع القانون الجنائي بسبب نقطة الإثراء غير المشروع، معتبرا في نفس الوقت أن هذه النقطة “نقاش مفتعل”، مضيفا أنه “لا يفهم لماذا تم افتعال هذا النقاش بهذه الدرجة، بينما يوجد في مشروع القانون الجنائي مقتضيات أخرى كثيرة على قدر أكبر من الأهمية، و"الحال أيضا أن الجميع بدون استثناء منخرط في قضية محاربة الفساد”. وقال مصطفى ابراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، إن هذا السحب، يأتي بعد استنفاذ كافة السبل للتوافق على تعديلات من شأنها المساهمة في محاربة الفساد، وذلك بعد أربعة تأجيلات لوضع التعديلات، وبعد أربع سنوات من إيداع المشروع لدى مجلس النواب، مشيرا إلى أن ما يقترحه الفريق من تعديلات كفيل بتقليص الفساد والرشوة، وسيساهم في تحسين ترتيب المغرب على مؤشر ادراك الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية. واستغرب رئيس الفريق لتصريحات منسوبة لوزير العدل، اعتبر فيها أن الحكومة لم تطلع على مشروع القانون الجنائي الموجود قيد الدراسة بمجلس النواب، مشددا على أن مسطرة التشريع واضحة في هذا الباب، وأن الحكومة هي من تقدمت بالمشروع ولم يصدر عن رئيسها أي قرار بسحبه وفق ما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل. وكانت جريمة الإثراء غير المشروع سببا في خلافات حول مشروع القانون الجنائي، منذ مصادقة مجلس الحكومة السابقة عليه في 2016، فقد نص المشروع الذي أعدته وزارة العدل في البداية على تطبيق هذه الجريمة على جميع موظفي الدولة والجماعات المحلية البالغ عددهم 800 ألف، إذ نص على عقوبة السجن من سنة إلى 5 سنوات على المتورطين، لكن بعد جدل داخل مجلس الحكومة، ورفض بعض الوزراء اعتقال الموظفين بتهمة الإثراء غير المشروع في حين قد تظهر براءتهم، تم الاتفاق على إلغاء العقوبة السجنية والإبقاء على الغرامة، مع تقليص عدد الموظفين الخاضعين لهذه الجريمة إلى 110 آلاف موظف الخاضعين للتصريح بالممتلكات. وبالمقابل جرى رفع الغرامة لتنتقل من ما بين 5000 و50 ألف درهم، إلى ما بين 100 ألف درهم و1 مليون درهم، ضد الموظف المدان بتهمة الإثراء غير المشروع، كما تم التنصيص على الحجز على الممتلكات وإمكانية الحكم بعدم الأهلية لممارسة الوظيفة، أي الطرد من المنصب، وهي عقوبة لم يكن منصوص عليها في الصيغة الأولى، التي أعدتها وزارة العدل.