انتهت التطورات المتسارعة في الإدارة المركزية بوزارة الصحة، جرت في غضون أسبوع، بالإطاحة بالمدير الجهوي في جهة طنجةتطوانالحسيمة، إكرام عفيفي من منصبه، حيث ودع موظفي إدارته في حفل وداع أقيم على عجل يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد يوم واحد من وضعه طلب إعفائه من مهامه. وأوضحت مصادر «أخبار اليوم»، أن قرار المدير الجهوي لوزارة الصحة تم بشكل «مفاجئ»، وأحيط بكثير من «الغموض» و»الاستفهام»، على اعتبار أن المسؤول المستقيل لم يقدم مبررا واضحا لقراره، وإنما اكتفى بإخبار موظفي المديرية صباح يوم الجمعة الأخيرة بقرار تقديم استقالته، وذلك في كلمة موجزة ألقاها باللغة الفرنسية والدارجة، خلال حفل وداعه. وعلل إكرام عفيفي خطوته في إيجاز مقتضب، بالقول «كتعرفوني عزيز عليا الخدمة، لكن من كانشوف شي حاجة ماشي هي هاديك أفضل أن أغادر»، كما يظهر من قوله في تسجيل مصور توصلت به الجريدة عبر تطبيق التراسل الفوري «واتساب». من جهة أخرى، حاولت «أخبار اليوم» الاتصال بالمدير الجهوي السابق لمعرفة منه ماذا جرى بالضبط، حتى أقدم على هذه الخطوة المفاجئة، لكن هاتفه النقال كان مقفلا طيلة صباح أمس الاثنين. في سياق متصل، أفادت مصادر حسنة الاطلاع، أن هناك تضاربا في أسباب إقدام وزير الصحة، خالد آيت الطالب، على قرار إعفاء المدير الجهوي من منصبه، والذي تم تغليفه من لدن المسؤول المعفى بقرار الاستقالة الطوعية. وقالت مصادر عليمة إن الرجل ذو سيرة مهنية حسنة، لكنه عجز عن مجابهة شبكة من الموظفين المتورطين في التلاعب في الصفقات والطلبيات العمومية وسندات الطلب، عبر عدة طرق احتيالية، منها شراء تجهيزات قديمة عوض المنتوجات الجديدة، وإنجاز عملية اقتناء وهمية لبعض التجهيزات، والتوقيع على تواصيل تسلمها، كما جاء في شهادة أحد الموظفين الذين سبق أن استمعت إليهم لجنة جهوية، وفق ما أكدته مصادرنا. واعتبرت المصادر نفسها، أن إخفاق المدير الجهوي السابق لوزارة الصحة في هذه المهام، تطرح أكثر من علامات استفهام حول عدم تفعيل صلاحياته وسلطاته التقريرية، في ملاحقة لوبي الفساد في المؤسسات الاستشفائية الصحية، الذي أبرم «صفقات وهمية» بكل من مستشفى القرطبي، ودوق دي طوفار، ومحمد الخامس، والمركز الصحي بأصيلة، ومقر المندوبية الإقليمية المتواجد في مرشان. أما المعطى الثاني، الذي يرجح أنه كان وراء الإطاحة بالمدير الجهوي، إكرام عفيفي، من منصبه الذي مكث فيه أزيد من عامين، بعد تعيينه في عهد الوزير الأسبق الحسين الوردي، فيتمثل في وقوع مشاداة كلامية بينه وبين الوزير الجديد خالد آيت الطالب خلال زيارته إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة، بعد استفساره عن تهالك مرافق البنية التحتية للمؤسسة الصحية، وتعثر أشغال الإصلاحات الداخلية. وأضافت مصادرنا أنه في هذا السياق، قرر وزير الصحة الجديد في حكومة سعد الدين العثماني، تعيين مفتش عام جديد مكلف بالنيابة، الطبيب الحسين بلكبير، وأعطاه تعليمات بتحريك مسطرة التفتيش والافتحاص الداخلي في كل جهات المملكة، على أن تكون الانطلاقة من المديرية الجهوية لطنجةتطوانالحسيمة، للوقوف على تقارير توصلت بها الإدارة المركزية، تتحدث عن اختلالات شابت صفقات تجهيز بشراكة مع مجلس الجهة. ووفق ما أوردته مصادرنا، فإن وزير الصحة أحيط علما بصحة المعطيات التي تحدثت عن اقتناء عتاد وآليات في مصلحة الراديو وأجهزة الفحص بالصدى مستعملة وقديمة، تمت إعادة صباغتها وتركيبها في المستشفى الجهوي محمد الخامس، حيث تم تسجيلها في مصلحة المشتريات على أنها تجهيزات جديدة، في حين أن الأمر يتعلق بخردة متهالكة، ظلت تتوقف كل مدة قصيرة من دخولها حيز الخدمة، حسب شهادة عدد من الأطباء. ونتيجة لذلك، اعتبرت وزارة الصحة صمت المدير الجهوي عن هذه الاختلالات الخطيرة وشبهات اختلاس وتبديد أموال عمومية «غير مفهوم» و»غير مبرر»، سواء كان على علم وعجز عن اتخاذ التدابير اللازمة، أو أنه كان «غافلا» عن ماذا يحصل من تدابير يفترض أن تجرى تحت مراقبته، تقول مصادرنا. ومن بين الخروقات التي كانت أثارتها تقارير نقابية مهنية في قطاع الصحة، وتم إيصالها للوزير الجديد، وقائع خطيرة تتعلق بإبرام سندات وهمية لاقتناء معدات مختلفة، لم تتسلمها مصلحة المخزن في المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة، وهو ما جعل بعض الموظفين يرتعدون من أن تطالهم العقوبات، بعد توقيعهم على وصولات التسليم، دونما التحقق من الوجود المادي لتلك المشتريات الوهمية. في سياق آخر، ينتظر أن تعرف الأيام المقبلة تغييرات في منصب المندوب الإقليمي بكل من عمالتي فحص أنجرة وطنجةأصيلة، بعد توجه الوزارة إلى توحيد المندوبتين في إدارة واحدة، من أجل وضع حد لمظاهر التجاوزات والاختلالات الإدارية والمالية، والتي تقوض كل جهود الوزارة إصلاح وتحسين جودة الخدمات الطبية والرعاية الصحية في عاصمة البوغاز والمدن المجاورة، وهي أكثر القضايا التي يشتكي منها المنتخبون والبرلمانيون لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني في كل لقاء يجمعه بهم.