فوجئ الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماش بوثائق صفقة تنظيم المؤتمر الرابع للحزب، كما رفعها إليه المكي زيزي، رئيس لجنة اللوجستيك والاستقبال والإعلام والتواصل، وهي خالية من كافة العناصر الجوهرية والضرورية لسلامة صفقة تجرى وفق مدونة الصفقات العمومية. ووجد مسؤولو هذا الحزب أنفسهم متورطين في تنظيم صفقة وفقا لقنوات الصفقات العمومية، دون أن يكونوا مجبرين على ذلك قانونا. لكن قرار اللجنة التحضيرية للمؤتمر الملزم بتنظيم صفقة وفقا للشروط المقررة في الصفقات العمومية، دفع بالمسؤولين عن الصفقة إلى الكثير من التخبط. رسالة وجهها الأمين العام للحزب، لدى موقع “اليوم 24” نسخة منها، تكشف عن جوانب رئيسية أغفلتها اللجنة التي كانت مكلفة بإعداد طلب العروض، ثم فتح الأظرفة. وعلى ما يبدو، فإن بنشماش يحاول أن ينأى بنفسه بواسطة رسالته، عن أي تداعيات قانونية قد تحدث مستقبلا بسبب هذه الصفقة التي آلت أخيرا إلى شركة Avant Scéne، التي يظهر بأن قرار الحزب أو على الأقل لجنته التحضيرية، على أن ترسو عليها الصفقة كان متخذا منذ شهر نونبر الفائت. الصفقة المذكورة شارك فيها كل من وكالة V8 للمعارض، وSJ Event وهي الشركة التي كان قد أنيط بها تنظيم مؤتمر الحزب في شتنبر الفائت قبل إلغائه، وهناك أيضا وكالة First Class، ثم وكالة Avant-scene، التي يوجد من بين الشركاء فيها زوجة شخصية على قدر عال من المسؤولية في الدولة، وهو ذو صلة جوهرية بحزب الأصالة والمعاصرة منذ تأسيسه. ويشار إلى أن هذه الشركة الأخيرة قد بدأت أعمال تنفيذ صفقة المؤتمر، وعلى ما يبدو، فهي غير مهتمة بتاتا بأي من هذه التفاصيل الإجرائية المتعلقة بسلامة الصفقة. وعلى عكس مضمون الإفادة التي قدمها المكي زيزي لموقع “اليوم 24″، بخصوص حصر ملاحظات بنشماش حول إدراج توقيعات الحاضرين لاجتماع “فتح الأظرفة” ضمن محضر الصفقة وليس ضمن ورقة منفصلة سميت لائحة الحضور، فإن رسالة بنشماش تكشف أن الملاحظات كانت تهم جوانب كثيرة من الصفقة، بعضها رئيسي بالنسبة لسلامة ظروف انعقاد الجلسة المخصصة ل”فتح الأظرفة”. المراسلة ذات رقم 22/2020، الموجهة يوم 17 يناير إلى المكي زيزي، يعلن فيها بنشماش بوضوح “حرصه على احترام المساطر”، ويطلب فيها “على وجه الاستعجال”، من رئيس اللجنة المذكورة آنفا، “إعادة صياغة محضر اجتماع اللجنة الذي عقد بمقر الحزب يوم 15 يناير”. بنشماش طلب أن يكون المحضر “مذيلا بتوقيعات أعضاء اللجنة الذين تكلفوا بدراسة الملفات وفتح أظرفة الشركات المتنافسة على نيل الصفقة”. ويظهر أن المحضر الأصلي الذي جرى رفعه إلى بنشماش لم يتضمن سوى توقيع رئيس اللجنة، المكي زيزي. ويعتقد بأن ذلك كانت محاولة لإخفاء أن عدد أعضاء اللجنة التي كانت تدرس الملفات، كان مختلفا من شركة لأخرى، بحيث كان لبعض الشركات محصورا في سبعة أعضاء، بينما في أخرى يفوق 24 عضوا. ويتضح بأن بنشماش قد تلقى شكاوى شركات شاركت في هذه الصفقة بخصوص الطريقة التي جرى تدارس ملفاتها في هذه الصفقة، ويتبين ذلك في النقطة الثانية من رسالته، حيث طلب أن يتضمن المحضر “كيفية اختيار الأعضاء السبعة الواردة أسماؤهم ففي المحضر من بين الأعضاء ال33 عضوا في اللجنة”. وهذه مسألة تتعلق بتعيين لجنة اللوجستيك لأعضاء منها للمشاركة في تدارس ملفات بعض الشركات، حيث تلقى بنشماش شكاوى من أن هذه اللجنة منحت لأشخاص حق العضوية في لجنة فتح الأظرفة وهي على علم بموقفهم السلبي جميعها من مشاركتها في الصفقة. وليس هذا فحسب، بل إن بنشماش طلب أن يظهر في المحضر “استيفاء المرحلة الأولى في مسطرة فتح الأظرفة والمتعلقة بدراسة الملفات الإدارية للشركات المتنافسة قبل المرور إلى فحص الملفات التقنية”. وهذه بدورها كانت موضوع شكوى لبعض الشركات المتنافسة، لأن بنشماش تلقى شكوى من أن مسطرة فحص الملفات المتنافسة لم تشمل أي من هذه المراحل، بل وبشكل غريب، اكتفت ب”إلقاء عروض”، وانتهى الأمر. بنشماش طلب تبعا لذلك، أن يكون المحضر الجديد “مرفقا بنسخة موقعة من دفتر التحملات”. وما نسيه أعضاء هذه اللجنة ورئيسها بالضبط، هو تهييء رسائل لموافاة الشركات المرفوضة عروضها مع بيان أسباب ذلك. وقد لاحظ بنشماش أن رئيس اللجنة لم يفعل ذلك، وقد طلب منه في نهاية مراسلته، أن يعد “مشاريع رسائل داخل الآجال القانونية”، تطبيقا لمقتضيات المادة 44 من الفقرة 2 من مدونة الصفقات العمومية. ويقول مصدر مقرب من بنشماش، إن الأمين العام لديه شكوك كبيرة حول الطريقة التي تمت بها الصفقة، وهو “لا يرغب في أن يكون متورطا في أي شيء يشتم منه خرق للقانون في هذه الصفقة”.