في جلسة ماراطونية امتدت لأزيد من ثماني ساعات، وانتهت منتصف ليلة الخميس – الجمعة الأخيرة، بإصدار القطب الجنحي التلبسي بالمحكمة الابتدائية بمدينة خنيفرة، حكمها في حق الناشط ، عبدالعالي باحماد، والملقب ب”بودا غسان”، حيث أدانته بسنتين حبسا نافذا، وغرامة مالية حددتها المحكمة في 10 آلاف درهم، بعدما آخذته من أجل تهمة “إهانة المقدسات”. وعاشت مدينة خنيفرة، أول أمس الخميس، أطول يوم من أيامها، وهي تستقبل منذ الساعات الأولى من الصباح العشرات من الحقوقيين والمتضامنين مع ابن المدينة المعتقل، قدِموا من مختلف مدن وقرى المغرب لحضور الجلسة الأخيرة من محاكمته ضمن المرحلة الابتدائية، حضرها رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، وعضو الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي، الحسين هناوي، وأعضاء “لجنة دعم بودا”، والتي جرى تأسيسها بداية شهر يناير الجاري، أغلب أعضائها من الحقوقيين والفاعلين السياسيين والجمعويين، حيث دعت اللجنة إلى وقفة احتجاجية نفذها المتضامنون، أمام المحكمة الابتدائية لخنيفرة، بالتزامن مع انطلاق جلسة محاكمته بعد ظهر أول أمس الخميس، وظلوا يرابطون بالمحكمة حتى منتصف ليلة الخميس- الجمعة الأخيرة، لتصدر المحكمة حكمها، وصفوه “بالقاسي” في حق رفيقهم، وهم يرفعون شعارات راديكالية قوية داخل المحكمة وبالساحة المقابلة لها، فيما ردت السلطات بإنزال وطوق أمني فرضته عناصر القوات العمومية على المحتجين بأمام المحكمة، ومنعتهم من تحويل وقفتهم الرافضة للحكم إلى مسيرة ليلية تجوب شوارع المدينة، تورد مصادر الجريدة. وقال حسن السباعي، المحامي بمدينة خنيفرة، في تصريح خص به “أخبار اليوم”عن فريق الدفاع عن الشاب المجاز المعتقل، إن مرافعات زملائه ال12 ممن ترافعوا أمام المحكمة، ركزوا ضمن الدفوع الشكلية، على خرق وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، لمقتضيات المسطرة الجنائية، والمرتبطة بموجبات توقيف ناشط خنيفرة واعتقاله وإخضاعه للبحث التمهيدي من قبل ضابطتين للشرطة القضائية، الأولى بمخفر الشرطة بخنيفرة والثانية بمخفر الشرطة بمدينة بني ملال، في خرق سافر للمادتين 39 و22 من قانون المسطرة الجنائية، مضيفا أن الدفاع طعن في محاضر الضابطة القضائية ومحاضر النيابة العامة، والتي غابت عنها مقتضيات المادة 47 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تشترط توفر حالة التلبس، أو اعتراف المشتبه به بالأفعال المنسوبة إليه، أو ظهور معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها، وهذا ما لم يتوفر في نازلة الناشط الحقوقي، مما جعل الدفاع يردف المحامي السباعي، يطالب بإسقاط المتابعة عن الشاب المعتقل والحكم عليه بالبراءة من المنسوب إليه، لعدم وجود جريمة يحاكم من أجلها، بحسب تعبيره. في المقابل، دافع وكيل الملك بقوة عن متابعة النيابة العامة لناشط خنيفرة المعتقل، حيث اعتبر الأفعال الجرمية المنسوبة إليه، بأنها خطيرة استوجبت متابعته في حالة اعتقال، حيث أشهر ممثل”سلطة الاتهام”، في وجه “بودا” مقتضيات الفصل 267 من القانون الجنائي المغربي، والمتعلق بتهمة “الإشادة وإهانة علم المملكة المغربية ورموزها، والإساءة لثوابتها”، وذالك في إشارة من وكيل الملك لتدوينة كان “بودا” قد نشرها بخصوص حادث إحراق العلم المغربي من قبل محتجين بباريس. وتوقف ممثل الحق العام في مرافعته، عند الفصل 129 من مجموعة القانون الجنائي، والذي يخص تهمة “التحريض على ارتكاب جنحة أو جريمة لم ينتج عنها أي مفعول”، على خلفية “تدوينة” ثانية نسبت إلى المتهم، حول شعار رفعه محتجون بالشيلي، كما جاء في تصريحاته للمحكمة، يقول: “إذا جاع الفقراء، فالأغنياء لن يناموا”، وهي “التدوينة” التي اعتبرتها السلطات تحريضا من ناشط خنيفرة على العنف ضد الأغنياء ومؤسسات الدولة. وعلق مصدر قضائي على حكم المحكمة الابتدائية بخنيفرة، في حديثه ل”أخبار اليوم”، بقوله إن قناعة المحكمة اتجهت إلى ثبوت التهم المنسوبة إلى المتهم، طبقا لمقتضيات فصول المتابعة التي أقرتها النيابة العامة في حقه، لذلك قضت المحكمة بتمتيعه بظروف التخفيف لحالته الاجتماعية، ومعاقبته بسنتين حبسا نافذة، طبقا لمنطوق الفصل 267-1 من القانون الجنائي، والذي تصل عقوبته إلى 3 سنوات، حيث جاء في الفصل: “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 10 آلاف درهم إلى 10 ملايين سنتيما، كل من أهان بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل 263 أعلاه، أو بأي وسيلة أخرى، علم المملكة ورموزها كما هو منصوص عليها في الفصل267-4، والذي يعرف شعار المملكة المنصوص عليه في الفصل 7 من الدستور؛ والظهير الشريف رقم 1.00.284، والصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2000 . عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والذي تابع بمدينة خنيفرة أطوار المحاكمة الماراطونية لعضو جمعيته بتهمة “الإساءة وإهانة المقدسات”، علق في كلمة ألقاها أمام المحكمة التي أدانت رفيقه بخنيفرة، بقوله، إن هناك سعي حقيقي للدولة للتضييق على الحريات، عبر توسيعها لعمليات زجر مجال الجهر بالإخلال بالرموز والثوابت، حيث أضافت الفضاء الإلكتروني إلى “الفضاء العام التقليدي”، وذلك بغرض إغلاقه، بعدما أغلقت الفضاءات العمومية والفضاءات الخاصة بالجمعيات، وها هو النظام، يضيف غالي، يصر على إغلاق الفضاء الرقمي، في سياق ما تلعبه فضاءات منصات التواصل الاجتماعي الإلكترونية، كميدان خصب للتعبير وانتقاد السياسيين من طرف مرتاديها، مشددا في نهاية كلمته، أن جمعيته، والتي تعتبر منذ تأسيسها، قضية الاعتقال السياسي، قضية لا يمكن أن تتهاون الجمعية وكل المدافعين عن الحقوق والحريات، في القفز عليها أو التراجع عن مناصرة المعتقلين بسببها، يقول عزيز غالي، رئيس ال”AMDH”..