على غرار الإرهاب الذي انتشر بمنطقة الساحل والصحراء في ظل الحديث عن انتقال جهاديين محتملين إليها؛ تعتبر الهجرة غير النظامية الآتية من إفريقيا جنوب الصحراء أحد أكبر التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجه المغرب وإسبانيا في السنوات المقبلة في حالة استمر الوضع كما هو عليه في الدول الإفريقية، التي تعيش على إيقاع الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وانتشار الجماعات الإرهابية والفقر، وانسداد الآفاق. إذا كان المغرب يواجه اليوم تقاطر آلاف المهاجرين عبر الساحل والصحراء عليه، فإن العدد مرشح للتضاعف عندما ينتقل سكان إفريقيا من 1.3 مليار نسمة حاليا إلى 2.3 مليار نسمة سنة 2050. في هذا الصدد، أوضح وزير الداخلية الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا، في حوار مثير مع صحيفة “آ ب س” أنه لا يجب اعتبار الهجرة غير النظامية “مشكلا”، بل “تحد”، مبرزا أنه من المهم “أن نكون واعين بالواقع”. واعترف قائلا: “أنام وأستيقظ على الهجرة. إذا خصصت له 70 في المائة من قوتي فهذا يعني أنني لم أتفرغ لأشياء أخرى”، قبل أن يستدرك قائلا إن النتائج في 2019 كانت “مرضية”، لكنها لا تكفي. وعن تراجع تدفقات الهجرة غير النظامية من السواحل المغربية صوب الإسبانية بنسبة 50 في المائة في 2019 مقارنة مع 2018، قال “لقد عدنا إلى اعتماد سياسة الهجرة. فالأمر ليس قضية حسن أو سوء الحظ، إنها السياسة”، مشيرة إلى أن الحكومة الإسبانية استطاعت إقناع الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات في مجالات عدة، أهمها التعاون مع الدول المصدرة للهجرة والمعبر. وشرح قائلا: “ليس لدينا أي خيار غير التعاون الحقيقي والدائم. أنا وفريقي سافرنا إلى المغرب (ما بين يونيو 2018 و2019) خمس مرات على الأقل، ومرتين إلى الجزائر، ومرة إلى السنغال، ومرة إلى موريتانيا، ومرة إلى غانا، ومرة إلى ساحل العاج…”، وتابع “الرؤساء والوزراء الذين حظيت بالتباحث معهم هناك يقولونها بشكل جلي: إنها قضية إفريقيا وأوروبا”، وليست قضية إفريقيا وحدها. لم يفوت الوزير الإسباني الفرصة للتأكيد على أن المغرب “شريك ملزم وموثوق به. أشعرُ بالارتياح التام وأنا أشتغل مع المغرب. لقد أبلغنا أوروبا كيف هو الواقع، وفهمت ذلك: المغرب يعاني من تدفقات مهمة للهجرة الآتية من إفريقيا جنوب الصحراء؛ لقد سوى وضعية 50 ألف مهاجر. المغرب يواجه ضغط الهجرة أيضا”. وحذر من “وجود مافيا تغتني من معاناة الأشخاص، وتعرضهم لمخاطر حقيقية”، مبرزا أن “كل الغرقى والمفقودين في البحر والذي يموتون في الطريق، يخضعون لهذه الوضعية المهينة على يد المافيوزيين الذي يغتنون على حسابهم”، وهي المافيات التي يواجهها المغرب. وعلق على التعاون بينه وبين الرباط قائلا: “لا يمكنني القول إلا الخير عن المغرب”. ودق ناقوس الخطر من نقل المافيا نشاطاتها إلى سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة بعد تضييق الخناق عليها في الشمال. إذ ارتفع عدد المهاجرين الواصلين انطلاقا من المغرب وموريتانياوالسنغال وبلدان إفريقية أخرى إلى جزر الكناري من 1400 مهاجر سنة 2018 إلى 2200 سنة 2019، أي بارتفاع قدره 70 في المائة تقريبا. في هذا قال الوزير: “عندما نحارب المافيا، النتيجة تكون هي أنها تبحث عن إمكانيات أخرى للتحرك، الآن تنشط في الساحل الأطلسي؛ نحن ندرس إجراءات مع موريتانياوالسنغال وغامبيا… ولا نكتفي بخفض تدفقات الهجرة ب50 في المائة”.