خلص الخبراء والعلماء الأكاديميون المشاركون في الملتقى الدولي السادس للجامعة المفتوحة بالداخلة، التي أسدل الستار عن فعالياتها، مساء الجمعة الماضي، إلى ضرورة وحتمية إنتاج نخب جديدة قادرة على رفع تحديات التنمية من أجل بناء إفريقيا المستقبل ومعالجة التحديات الاجتماعية. وشدد المشاركون في الملتقى، الذي حضره أزيد من 50 خبيرا وباحثا أكاديميا وعلماء قدموا من 39 دولة تمثل جميع قارات العالم، على أن القارة السمراء مطالبة اليوم، ببلورة رؤية جديدة تشمل تعزيز رأس مالها البشري والمؤسسي والاجتماعي، وتأهيل جيل جديد من الباحثين والنخبة المثقفة، لتضطلع بدور أكبر في تحريك عجلة التنمية، وبناء الإصلاحات، وبناء مستقبل جديد لإفريقيا. ولفتت التوصيات المستنبطة من أزيد من 50 مداخلة للخبراء المشاركين في الملتقى على مدار يومين، والتي تلاها إدريس الكراوي، رئيس جمعية الدراسات والأبحاث من أجل التنمية، ورئيس الجامعة المفتوحة في الداخلة، في الأمسية الختامية إلى أن إفريقيا مطالبة اليوم، بتحقيق تحول هيكلي لمواكبة العالم في عهد الرقمنة، وتشجيع التبادل والمواطنة الاقتصادية،فضلا عن بلورة تصورات جديدة بخصوص التعاون الإفريقي مع بقية بلدان العالم. ولتحقيق هدف التنمية المنشود دعا الخبراء المشاركون في الملتقى، إلى ضرورة الاندماج الجهوي، في ظل الأقطاب الجهوية التي تصبو إلى تحقيق النمو والإقلاع الاقتصادي، خصوصا أن التجارب السابقة في هذا المجال أثبتت نجاعتها وفعاليتها لمواجهة التحديات المشتركة في مرحلة أولى على الأقل. واستحضر المؤتمرون واقع الاندماج في المنطقة المغاربية، إذ شخصوا التحديات التي وجب على مؤسسات الدول المعنية تجاوزها في ثلاث نقط، أولاها ندرة الموارد الطبيعية وضعف تمويل النمو المتزايد للمجتمع وضعف المؤهلات والقدرات الكفيلة بالاستجابة لمتطلبات المنطقة وانتظاراتها، فضلا عن الصعوبات الاقتصادية والتكنولوجية، المعرقلة لعجلة التنمية فيالمنطقة، والتي تستلزم من نخبة الدول الأعضاء طرح أفكارهم وتسخير ذكائهم لتجميع اقتراحات من شأنها أن تساعدهم ، مشيرين إلى أن التحدي الثالث مرتبط بالأمن، خصوصافي ظل التهديدات والمخاطر المرتبطة بالإرهاب والتعصب الديني والصراعات القبلية. وبهذا الخصوص، قال الخبير والمحل السياسي الجزائري قادر عبدالرحيم، في تصريح ل“اليوم 24“، إن المرحلة تستدعي تعزيز التعاون الوثيق بين البلدان المغاربية والإفريقية للتفكير معاً في نموذج جديد للقارة، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية الاقتصادية، ثم السياسية التي تشهدها المنطقة، مشيرا إلى أن حكومات الدول المغاربية مطالبة اليوم، بالجلوس على طاولة الحوار ونبذ خلافاتها في سبيل بناء إفريقيا المستقبل.. إفريقيا جديدة. من جانبه، وفي تصريح ل“اليوم 24“، عقب الأمسية الختامية، قال رئيس الجامعة الدولية للداخلة:”إن إفريقيا صارت مرتعا للرهانات الدولية، وهو ما يستدعي إنشاء نخب إفريقية جديدة، من شأنها أن تؤطر جيلا جديدا قادرا على تحمل المسؤوليات التاريخية أمامه، والتي بات يفرضها الواقع الراهن“. وأشار المتحدث إلى أن القارة الأم، تعيش في سياق عالمي يشهد تحولات تكنولوجية ورقمية كبرى ما يستدعي مواكبتها له، لاسيما أن العديد من النماذج الاقتصادية بالعالم تعرف أزمة عميقة نتيجة التناقضات الجديدة التي يطرحها هذا النموذج الدولي الجديد“، مضيفا “وجب تغيير طريقة التفكير ونظرتنا لمستقبل إفريقيا كي نتمكن من تنزيل هذه الأهداف“. الكراوي نبه، أيضا، النخب الإفريقية النخب إلى ضرورة إعادة النظر في النموذج الملائم للديمقراطية في الأقطار الأفريقية، والاهتمام بالتحديات الاجتماعية، التي تؤرق المواطن الإفريقي خاصة ما يتعلق بالتربية، التعليم الصحة، أو الحماية الاجتماعية والبطالة وغيرها، فضلا عن إنتاج الثروة، وإرساء نموذج اقتصادي جديد، يلائم الرهانات والتحدياتالجديدة. يذكر أن أشغال الملتقى الدولي للجامعة المفتوحة بالداخلة، في نسخته السادسة انطلقت الخميس الماضي، لمناقشة القضايا الراهنة، المرتبطة بالتنمية في إفريقيا والرهانات الناجمة عنها، من خلال مقاربة أكاديمية وسياسية وعلمية، تحت عنوان “إعادة التفكير في إفريقيا في القرن الواحد والعشرين” بحضور ثلة من المؤسسات الجهوية والدولية، والأساتذة والباحثين المختصين في قضايا التنمية بالقارة الإفريقية. وتميزت أعمال هذا الملتقى الدولي بالتوقيع على اتفاقيتين للشراكة: الأولى في مجالي البيئة والحماية الاجتماعية، والثانية في مجال تقوية القدرات العلمية والتقنية لجهة الداخلة – وادي الذهب. كما تم توزيع جوائز “التنافسية والشراكة بين الجامعة والمقاولة” على المشروعات الفائزة، التي توزعت بين تطوير محولات للطاقة الشمسية، وتطوير آليات التحكم عن بعدبتقنية «درون»، وتطوير عملية تصنيع «الأسيد الفوسفوري». كما جرى خلال الملتقى تنظيم جلسات وورشات موازية لمناقشة مواضيع تهم «قراءات في وضعية الدراسات والأبحاث حول إفريقيا»، و«تمثلات غير إفريقية حول الإشكاليات الكبرى بأفريقيا»، و«تمثلات غير إفريقية حول الإشكاليات المستعصية بإفريقيا»، و«إفريقيا والعالم»، و«الاندماج الاقتصادي بإفريقيا: حصيلة وآفاق»..