دعا المشاركون في الملتقى الدولي السادس للجامعة المفتوحة للداخلة، إلى تحرير الطاقات البشرية في القارة الافريقية حتى تتمكن هذه الأخيرة من استغلال إمكانياتها البشرية في خلق القيمة المضافة والتغلب على التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تواجهها في القرن الواحد والعشرين. وشدد حوالي 50 خبيرا وأكاديميا شاركوا في هذا الملتقى الهام، الذي اختتمت أشغاله عشية الجمعة، على ضرورة تقوية وتثمين الرأسمال البشري والمؤسسي والاجتماعي لدول القارة حتى يتسنى لها مجابهة هذه التحديات. وأجمع المتدخلون على أن البلدان الإفريقية مطالبة اليوم بتعزيز رصيدها البشري وتأهيله ليضطلع بدور أكبر في قيادة جيل جديد من الإصلاحات، وبناء مستقبل جديد للقارة. واعتبر إدريس الكراوي رئيس الجامعة الدولية المفتوحة للداخلة أن «إفريقيا الجديدة.. إفريقيا المستقبل في حاجة إلى حلم إفريقي جديد مبني على طموح إفريقي جديد، ولن يتأتى هذا إلا إذا استطاعت القارة إنتاج نخب سياسية وإدارية وعلمية واقتصادية وثقافية في مستوى هذا الطموح والحلم الجديد». وقال الكراوي إن التحديات المتعددة التي تواجه افريقيا اليوم، على مستوى التدبير المجالي والاستراتيجية الأمنية و التحديات العسكرية والبيئية وإدارة المجال الديني باتت تفرض رهانات جديدة على أفريقيا من حيث تنميتها واستقرارها وعلاقات البلدان الأفريقية بالعالم، وبالتالي ، يعتقد الكراوي أنه من الضروري فهم الوضع في أفريقيا. كما أن النخب في إفريقيا مطالبة بإعادة النظر في النموذج الملائم للديمقراطية في الأقطار الإفريقية، مع إيلاء اهتمام أكبر لمعالجة «التحديات الاجتماعية» إن على صعيد التربية أو الصحة أو الحماية الاجتماعية أو البطالة وغيرها. وخلص الكراوي إلى أن إيجاد حلول لمختلف القضايا، لاسيما تلك المتعلقة بالتشغيل وإنتاج الثروة، يرتبط بشكل كبير بالقدرة على إرساء نموذج اقتصادي جديد يلائم الرهانات والتحديات الجديدة. وأبرز الكراوي، في مداخلة خلال ورشة نظمت على هامش فعاليات الملتقى تحت عنوان «الاندماج الجهوي بإفريقيا كحل لمواجهة تحديات عولمة في أزمة»، أن مواجهة التحولات السريعة التي تعرفها المنطقة المغاربية تستدعي تغيير الرؤية التي تتبعها دول المنطقة لمعالجة قضاياها الأساسية. وفي هذا السياق، سلط رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة الضوء على ثلاثة تحديات تواجه اندماج المنطقة المغاربية، يتمثل أولها في ندرة الموارد الطبيعية وضعف تمويل النمو المتزايد للمجتمع وضعف المؤهلات والقدرات الكفيلة بالاستجابة لمتطلبات المنطقة وانتظاراتها. أما التحدي الثاني الذي تواجهه المنطقة المغاربية، حسب الكراوي، فيتمثل في الصعوبات الاقتصادية والتكنولوجية، وهو ما يستلزم من المغاربيين تجميع أفكارهم وتسخير ذكائهم لاقتراح حلول لهذه الصعوبات، فيما يتعلق التحدي الثالث بالأمن، خصوصا في ظل التهديدات والمخاطر المرتبطة بالإرهاب والتعصب الديني. وكان الملتقى الدولي للجامعة المفتوحة للداخلة افتتح أعمال دورته السادسة، الخميس الأخير، لبحث مختلف القضايا الراهنة المرتبطة بالتنمية في إفريقيا والرهانات الناجمة عنها، من خلال مقاربة أكاديمية وسياسية وعلمية. ويندرج هذا اللقاء، المنظم في موضوع «إعادة التفكير في إفريقيا في القرن الواحد والعشرين»، في سياق نهج أطلقته الجامعة المفتوحة للداخلة منذ تأسيسها في 2010 لمناقشة وتبادل وجهات النظر بين نحو 50 أكاديميا وخبيرا من 39 بلدا حول العالم. وعرف هذا الملتقى، الذي يشكل منصة علمية وأكاديمية للمناقشات حول مجمل القضايا والتحديات التي تواجه القارة الإفريقية، مشاركة لافتة لثلة من المؤسسات الجهوية والدولية والأساتذة والباحثين المختصين في قضايا التنمية بالقارة الإفريقية. وتميزت أعمال هذا المنتدى الدولي بالتوقيع على اتفاقيتين للشراكة، الأولى في مجالي البيئة والحماية الاجتماعية والثانية في مجال تقوية القدرات العلمية والتقنية لجهة الداخلة – وادي الذهب. كما تم، بهذه المناسبة، توزيع جوائز «التنافسية والشراكة بين الجامعة والمقاولة» على المشاريع الفائزة، والتي توزعت بين تطوير محولات للطاقة الشمسية، وتطوير آليات التحكم عن بعد بتقنية «درون»، وتطوير عملية تصنيع «الأسيد الفوسفوري». وتم، خلال الملتقى، تنظيم جلسات وورشات موازية لمناقشة مواضيع تهم «قراءات في وضعية الدراسات والأبحاث حول إفريقيا»، و«تمثلات غير إفريقية حول الإشكاليات الكبرى بإفريقيا»، و«تمثلات غير إفريقية حول الإشكاليات المستعصية بإفريقيا»، و«إفريقيا والعالم»، و«الاندماج الاقتصادي بإفريقيا: حصيلة وآفاق».