في سياق الجدل الدائر حول الحريات الفردية في المغرب، اعتبر مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوقالإنسان، أنه لا مجال “للتلصص أو تكسير الأبواب على الناس، من أجل ضبط حالات الفساد الأخلاقي“، معتبرا أنالحريات الفردية في المجال الخاص تبقى مضمونة. وتابع وزير الدولة خلال ملتقى “الجامعة الشعبية“، الذي نظمهحزب الحركة الشعبية، صبيحة أول أمس السبت بسلا، أن الحريات الفردية “حق ثابت لا يخضع للمنع أو للمضايقة،مادامت تُمارس في إطار خاص“، لأن الفضاء الخاص، حسب قوله، “يجب أن يكون محميا“، معتبرا أن المشكل لاينحصر في القوانين “وإنما في ممارسة السياسة الجنائية“، لأن الممارسة “تقتحم على الناس خصوصياتهم، كمايقع أحيانا“، في إشارة إلى بعض التدخلات الأمنية في قضايا الحريات الفردية، داعيا في الآن عينه، “إلى ترشيدقرار تنفيذ السياسة الجنائية ليكون أكثر رشدا“. وروى الرميد أنه عندما كان وزيرا للعدل، قام بمقاربة موضوع الحريات من خلال التمييز بين “الفضاء العام والفضاءالخاص“، وكشف أنه اتفق مع وزير الداخلية حينها امحند العنصر، على تنزيل هذه المقاربة، فقام العنصر بالتواصلمع المؤسسة الأمنية، فيما تواصل هو مع النيابة العامة التي كان رئيسا لها، وقال: “هذا ما تم تبليغه آنذاك“، لكنه أقرأن هناك “مشكلةً في الممارسة“. واعتبر الرميد أنه يجب التمييز في الأحكام بين تلك التي تنظم الفضاءات الخاصة، وتلك التي تنظم الفضاءات العامة،“ففي الفضاء الخاص، فإن الشخص في علاقة بربه، ولا شأن للدولة به، مادام لم يضر بغيره“. أما الفضاء العام، فهو“مشترك“، وممارسة الحرية فيه “مرتبطة بحريات الآخرين“، وبالتالي، فإن الحرية فيه تبقى “مرتبطة بالمسؤولية“،فإذا أدت الحرية إلى “الاستفزاز” تصبح “غير مرغوب فيها، لهذا تتدخل القوانين لتنظيم الحرية في الفضاء العام“. وشدد الرميد على أن كلا من الشريعة وروح القانون يتفقان على “احترام حريات الأفراد الخاصة وعدم التجسسعلى الفضاءات الخاصة“، بدليل أن جريمتي الفساد والخيانة الزوجية لا تثبت بالقانون إلا بمحضر رسمي في حالةالتلبس، أي المعاينة المباشرة، أو الاعتراف القضائي، وكذا في حالة الزنا في الشريعة، فإنه لا يثبت سوى بشهادةأربعة شهود يكونون قد رأوْا الواقعة بأعينهم، أو بالإقرار أمام مجلس القضاء. من جهة أخرى، عبر الرميد عن موقفه من عدة قضايا مثيرة للجدل تتعلق بالحريات، مثل حرية المعتقد وجريمة “زعزعةعقيدة مسلم“، و“المثلية” و“الإفطار في رمضان“، معتبرا أن القانون المغربي “لا يعاقب على تغيير الدين“، وإنمايعاقب على “زعزعة عقيدة مسلم“، وقال إن المقصود “ليس زعزعة العقيدة بالنقاش والإقناع“، وإنما “باستغلالالهشاشة العمرية أو الاجتماعية لتقديم مساعدات للتأثير على ضمائر الناس“، أما “من يغيّر دينه تلقائيا، فينطبقعليه: “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر“”، لكن في الآن عينه اعترف بأنه تم اعتقال مغربي لأنه غيّر دينه تلقائيا دوناستغلال هشاشة، وتوبع بزعزعة عقيدة مسلم، وكشف أنه لما كان وزيرا للعدل ورئيسا للنيابة العامة وقعت إدانة هذاالشخص ابتدائيا لأنه غيّر دينه، وقال: “لما تبين لي أنه اقتنع بدين آخر أصدرت توجيهات إلى النيابة العامة بأن تترافعلفائدته في مرحلة الاستئناف، وفعلا تم ذلك وبرأته المحكمة“.وبخصوص تجريم الإفطار في رمضان، قال الرميد إنهيشترط أن يكون المفطر مسلما، وأن يتم ذلك في مكان عام وأن يتم بدون عذر يبيح الإفطار، أما من أراد الإفطار دونأن يراه أحد فله ذلك، لكن عليه تجنب المكان العام والاستفزاز. وبخصوص المثلية، أشار الرميد إلى أن المرجعيات الدولية أباحت المثلية، ورفضت تعدد الزوجات الرضائية، وتسامحتمع التعدد خارج إطار الزواج، متسائلا: “لماذا تم الاعتراف بالحرية في هذا الاتجاه وليس في اتجاه آخر؟ ورد بأنالمنظومة القيمية هي التي تفسر ذلك، وأشار إلى أن الدستور المغربي يعتبر أن الأسرة قائمة على زواج شرعي بينرجل وامرأة وأنها خلية أساسية في المجتمع.