رغم الضربات الموجعة التي وجهتها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المغربية إلى “كارتيلات” تهريب الكوكايين منذ 2016 عبر حجز كميات غير مسبوقة في تاريخ المملكة، إلا أن هذه “الكارتيلات” الأمريكية اللاتينية العابرة للقارات التي لديها فروع في شمال إفريقيا وغربها وفي جنوب أوروبا، جَعَلَت من المغرب وجهة ومعبرا للكوكايين. وبعد أسبوع تقريبا من تنفيذ عمليتين أمنيتين في مدن تمارةوالدارالبيضاء وطانطان أسفرتا عن حجز نصف طن من الكوكايين وأسلحة واعتقال 7 مشتبه فيهم، كشفت معطيات جديدة أن السلطات البرازيلية أجهضت عملية تهريب كميات مهمة من الكوكايين إلى المغرب داخل حزمات في حاويات لتصدير السكر. لكن السؤال المطروح الآن هو كيف (الوسائل) تهرب هذه الكارتيلات شحنات الكوكايين انطلاقا من السواحل الأمريكية اللاتينية قبل تفريغها في عرض السواحل المغربية ونقلها على متن قوارب أو مراكب سياحية، لاسيما بعد حجز السلطات الإسبانية لأول مرة، يوم الاثنين الماضي، غواصة في مياه “غاليسيا” على متنها 3 أطنان من الكوكايين آتية من سواحل كولومبيا. في هذا الإطار، حجزت الجمارك البرازيلية طنا و347 كيلوغراما من الكوكايين، يوم أول أمس الأربعاء، محشوة في حزمات سكر داخل حاويات كان من المرتقب أن تصدر انطلاقا من ميناء سانتوس بمدينة سان باولو صوب المغرب، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الأمريكولاتينية “برينسا لاتينا”. وتابع المصدر ذاته أن الكميات المضبوطة كانت محشوة في 120 حزمة داخل حاويتين من خمس حاويات بفضل الاستعانة عند نقطة المراقبة بالكلاب المدربة والصور التي أجريت على الحاويات عن طريق نظام السكانير. رسميا كانت تلك الشحنات موجهة إلى ميناء طنجة المتوسط، لكن المحققين البرازيليين يطرحون احتمال أن تكون شحنة كانت سَتسلُكُ طريقا آخر، وليس الطريق إلى المغرب كما تبين الوثائق الرسمية أثناء الشحن. خوسي مانويل كامانيو، المفوض الأمني الإسباني المتقاعد والخبير في الشؤون الأمنية، والذي لعب دورا كبيرا في قطع الطريق على المهرب الشهير بابلو إسكوبار للاستعانة بالمهربين المغاربة لإدخال الكوكايين إلى أوروبا، يعتقد أن الكارتيلات الأمريكية لاتينية لديها الكثير من الفروع في دول مثل المغرب وموريتانيا والجزائر، وفق ما أوردته صحيفة “دياري ودي قاديس”، بعد حجز أول غواصة متخصصة في تهريب الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى إسبانيا، بداية هذا الأسبوع، في مدينة غاليسيا الإسبانية محملة ب3 أطنان من الكوكايين. ويعتقد المحققون أن هذه الكارتيلات تستعين منذ سنوات بتهرب الكوكايين على متن الغواصات قبل تفريغه عند الدخول إلى مياه الدول الوجهة وشحنه في قوارب سريعة. وكانت أول عملية كبيرة قامت بها الأجهزة الأمنية ضد شبكات تهريب الكوكايين القادم من أمريكا اللاتينية في نونبر 2016، عندما تمكنت من حجز 1.2 طن من الكوكايين على متن سفينة قبالة سواحل مدينة الداخلة، واعتقال 24 شخصا من بينهم مغاربة وإسبانيا وكولومبيون، وهي العملية التي تبين فيما بعد أنه كانت بتنسيق مع الأمن الإسباني. فيما العملية الثانية تمت في 4 أكتوبر 2017 عندما تم حجز 2.5 طن من الكوكايين تبلغ قيمته في السوق 2300 مليون أورو واعتقال 13 مشتبها فيه. فيما العملية الثالثة تمت في مطار الدارالبيضاء في شهر فبراير 2018 الماضي عند حجز 541 كيلوغراما من الكوكايين واعتقال 6 مشتبه فيهم تابعين لإحدى الكارتيلات الأميركولاتينية. في حين أسفرت عملية أمنية مشتركة باشرتها عناصر الشرطة القضائية بكل من مدينتي تمارةوالدارالبيضاء، في 19 نونبر الجاري، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عن حجز 476 كيلوغراما من مخدر الكوكايين داخل شقة بمنطقة الهرهورة بضواحي الرباط. وأكدت الخبرة الكيميائية أن نسبة تركيز الكوكايين المضبوط تتراوح ما بين 61 و64 بالمائة، في حين “أوضحت إجراءات البحث المنجزة أن الكميات المضبوطة من الكوكايين تم تهريبها عبر المسالك البحرية انطلاقا من إحدى دول أمريكا اللاتينية، حيث تم تفريغها في عرض السواحل المغربية ونقلها بعد ذلك على متن مركب سياحي، قبل أن يتم إيداعها وتخزينها بالشقة المذكورة الكائنة بمنطقة الهرهورة”.