تحولت مداخلة للبرلماني نور الدين مضيان رئيس الفريق لاستقلالي بمجلس النواب، داخل لجنة المالية بمجلس النواب، إلى شكاية ضده أمام الوكيل العام للملك بالحسيمة، ما أثار غضب مكتب مجلس النواب الذي اجتمع يوم الثلاثاء 5 نونبر برئاسة الحبيب المالكي، معلنا شجب الشكاية التي اعتبرها مَسا خطيرا بالحقوق الدستورية للبرلماني مضيان. فما قصة الشكاية وخلفياتها؟ الشكاية وضعها عصام الخمليشي، الكاتب الإقليمي لحزب التجمع الوطني للأحرار بالحسيمة، يوم الثلاثاء 5 نونبر أمام الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، ضد البرلماني مضيان، يتهمه فيها بعدم التبليغ عن جريمة الاتجار في المخدرات والعملة، وذلك استنادا لتصريحات مضيان داخل لجنة المالية في فاتح نونبر الجاري. وحسب نص الشكاية التي نشرتها مواقع إلكترونية وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن مضيان صرح أمام لجنة المالية بمجلس النواب بأنه يعرف أشخاصا «يتاجرون في الحشيش والمخدرات واستفادوا من المخطط الأخضر، وجنوا أرباحا طائلة من جراء هذه التجارة غير المشروعة، ولهم أموال مكدسة بمنازلهم»، ودعا المسؤول في التجمع الوطني للأحرار النيابة العامة للتحقيق مع مضيان لأنه لم يبلغ عن هؤلاء ولأنه تصريحه مسيء لسمعة المغرب. لكن بالعودة لتصريح مضيان في مجلس النواب، فإنه جاء في سياق مناقشة المادة 8 من مشروع قانون المالية لسنة 2020، التي نصت على العفو عن مهربي الأموال للخارج، شريطة التصريح بأموالهم وأداء 5 في المائة من المبلغ المصرح به لفائدة الدولة. واقترح رئيس الفريق الاستقلالي على وزير المالية تعميم هذا الإجراء ليستفيد منه أصحاب الأموال داخل المغرب الذين يكدسون أموالهم في صناديق بيوتهم، من تجار المخدرات والممنوعات والمتاجرين في العملات، وتساءل «لماذا لا نقول لهؤلاء أيضا عفا الله عنا سلف؟». معتبرا أن إجراء هكذا سيزيد موارد الدولة. ورغم هذه الشكاية فإن الفصل 64 من الدستور يمنع متابعة أي برلماني بسبب التعبير عن رأيه «ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يخل بالاحترام الواجب للملك». ولهذا من المستبعد أن يتم متابعة مضيان، لكن ما هي خلفيات الشكاية ضده؟ حسب مضيان، فإن صاحب الشكاية «تحركه جهات خفية تستهدف حزب الاستقلال في الحسيمة». فعصام الخمليشي، هو الكاتب الإقليمي للتجمع الوطني للأحرار، وهو ما يعتبره مضيان موقفا من الأحرار ضد حزب الاستقلال، لأنه «لحد الآن لم يصدر أي موقف من هذا الحزب ضد موقف كاتبه الإقليمي». ثانيا، حسب مضيان فإن الخملشي هو الذي سبق أن وضع شكاية ضد برلماني الأصالة والمعاصرة عمر الزراد، رئيس جماعة تاركيست، وبسببها حكم عليه بالسجن النافذ، معتبرا أن الزراد تعرض لمؤامرة. ثالثا، إن الخمليشي كان سابقا ينتمي لحزب الاستقلال وتم طرده، وقد تمكن من رئاسة جماعة تاركيست خلفا لعمر الزراد، لكن المحكمة الدستورية أسقطته بسبب الفساد الانتخابي، فلجأ إلى دعم ترشيح شقيقه لرئاسة المجلس، وهو أيضا تم إسقاطه مؤخرا. وحسب مضيان فان خلفيات الشكاية ضده هي «تشويه السمعة» خاصة بعد استفادة حزب الاستقلال من تراجع حزب الأصالة والمعاصرة في الريف، والتحاق 13 جماعة في المنطقة بحزب علال الفاسي. علما أن حزب الأحرار يقول مضيان «لا يتوفر على أي مستشار منتخب في الحسيمة». وخلفت الشكاية ضد مضيان رفضا من طرف أعضاء لجنة المالية بمجلس النواب، واعتبر رئيسها عبد الله بوانو أن الشكاية اعتداء على حق دستوري يكفله الدستور والنظام الداخلي للبرلماني مضيان. كما انتقد مكتب مجلس النواب إثر اجتماع يوم الثلاثاء 5 نونبر ما تعرض له مضيان من «تطاول ومس بحقوقه الدستورية وتلفيق تهم تخص عدم التبليغ عن جريمة الاتجار في المخدرات والعملة»، وأكد مكتب المجلس أن ما أثير من تهم وادعاءات، في حق مضيان، «ليعتبر مسا خطيرا وتطاولا يمس في العمق حقه الدستوري في التعبير وإبداء الرأي، كما ينص على ذلك الدستور»، ونقلا «محرفا لنقاش داخل إحدى اللجان الدائمة المكفولة بسرية مداولاتها، طبقا لأحكام الفصل 68 من الدستور، والمادة 96 من النظام الداخلي لمجلس النواب»، وأكد «شجبه وتنديده لهذه الادعاءات المسيئة لحرمة النائب». ولازال فريق الأحرار بمجلس النواب يلزم الصمت تجاه هذه القضية، رغم أنه لم يتحفظ على موقف مكتب المجلس.