بعد مرور أيام قليلة على تصويت المجلس الجماعي لمراكش على مقرّر قضى بتنازل بلدية مراكش عن أسهمها في رأسمال فندق «المامونية» لفائدة مديرية أملاك الدولة في إطار مبادلة عقارية معها، جدل قانوني جديد يثيره المحور الثالث من هذه المعاوضة العقارية، والمتعلق بالتزام مديرية أملاك الدولة باقتناء فيلا ملحقة بالفندق وأداء ثمنها للبلدية بعد تحيين قيمتها المالية، فقد أكد مصدر مطلع بأن الاقتناء تعترضه تعقيدات قانونية، موضحا بأن الفيلا المذكورة سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن أهداها لصديقه المهندس الفرنسي «أندريه باكار»، في الثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن يقوم المجلس الجماعي الذي ترأسه القيادي في حزب الاتحاد الدستوري، عمر الجزولي، بين 2003 و2009، باسترجاع ملكية الفيلا لفائدة بلدية مراكش، والتي أصبح يستغلها، منذ ذلك التاريخ، المدراء العامون المتعاقبون على إدارة الفندق كسكن وظيفي لهم. ويتابع المصدر نفسه بأن المجلس الجماعي الأسبق لمراكش قام بنزع ملكية الفيلا، سنوات قليلة بعد وفاة باكار، وأودع مبلغ التعويض، الذي وصل إلى 600 مليون سنتيم، بصندوق المحكمة الإدارية بالمدينة عينها، بعد أن أذنت له هذه الأخيرة بإجراء عرض عيني، وظل المبلغ قابعا بصندوق إدارية مراكش، لسنوات طويلة، ولم يتم استخراجه من طرف الورثة المفترضين للمهندس مؤلف كتابي «المامونية» و»الحِرف في العمارة الإسلامية بالمغرب»، والذي أوكل له الملك الحسن الثاني مهمة تحديث القناة التلفزيونية الأولي، في الثمانينيات، فيما عُرف ب»التلفزة تتحرك»، والذي توفي فقيرا في سنة 1996، قبل أن تقوم إحدى المحاميات، لاحقا، بالإدلاء للمحكمة بتوكيل موقع من طرف ذوي الحقوق المفترضين، وتقوم باستخراج المبلغ. في غصون ذلك، يتواصل الجدل السياسي والقانوني بشأن تنازل البلدية عن حصتها في أسهم فندق المامونية، التي تبلغ 27% من أسهم الأسطورة المعمارية في مراكش، التي تتشارك في ملكيتها مع المكتب الوطني للسكك الحديدية والمجمع الشريف للفوسفاط، فقد أكد عبد السلام سيكوري، النائب الثاني للعمدة ورئيس مقاطعة «جليز»، بأن البلدية خرجت رابحة في هذه المبادلة العقارية، جازما بأن إجراء الخبرة لتقييم القيمة المالية للفندق والعقارات المقترحة من طرف إدارة أملاك الدولة في المعاوضة العقارية ليس في صالح البلدية، مرجعا ذلك إلى أن قيمة هذه العقارات أغلى من أسهم الجماعة في الفندق. في المقابل، يعتبر المعارضون للتنازل، الذي جاء بعد مرور حوالي سنة على مصادقة الحكومة، بتاريخ 8 نونبر من السنة المنصرمة، على تحويل الفندق الأسطوري من منشاة عامة إلى القطاع الخاص، (يعتبرون) بأنه إذا كانت البلدية فرّطت في ما يسمى في شركات المساهمة بحق «الأقلية المعرقلة» داخل مجلس إدارة الفندق، بعد تخفيض أسهمها في رأسماله من 34% إلى 27% في عهد المجلس الذي ترأسه العمدة الأسبق عمر الجزولي، فإنهم يجزمون بأن أيا من العمداء السابقين للمدينة ولا مجالسها السابقة لم يجرؤوا على تفويت هذه المعلمة التاريخية بهكذا شروط مجحفة في حق المراكشيين، موضحين بأن العقارات المقترحة في المعاوضة لفائدة الجماعة، بعضها موضوع نزاعات عقارية بين خواص ومديرية أملاك الدولة، والبعض الآخر عبارة عن مقابر أو ساحات تاريخية، ويشير المعارضون إلى أن قيمة الفندق لا يمكن أن تقل عن 500 مليار سنتيم، وتشمل القيمة المالية للعقار والبناية، والاسم والأصل التجاري، فضلا عن التحف التاريخية النادرة التي لا تقدّر بأي ثمن، متسائلين عن السر الكامن وراء تفريط الجماعة في صلاحياتها لإدارة أملاك الدولة التي ستقوم، بمقتضى اتفاقية المبادلة، ببيع الفيلا الملحقة بالفندق وضخّ ثمنها لاحقا في مالية الجماعة، رغم أن ذلك لا يعتبر من صلاحياتها ويعدّ من صميم اختصاصات الجماعة بموافقة سلطة الوصاية، وخالصين إلى أن التذرع بعدم تحقيق الأرباح للتنازل عن الفندق يعبّر عن عجز من طرف المجلس عن ممارسة صلاحياته في مراقبة التدبير المالي للفندق من داخل المجلس الإداري. من جهته، اعتبر كاتب المجلس، خالد الفتاوي، بأن هذا التنازل شابته «خروقات مسطرية وقانونية»، مشيرا إلى أن تفويت كازينو السعدي على الأقل احترم المسطرة القانونية المتعلقة بإجراء تقييم للقيمة المالية للعقار، الذي سبق للجنة، ترأسها الكاتب العام الأسبق للولاية، أن حددت الثمن في 600 للمتر المربع، فيما قال إن المجلس الحالي لم يجر أي خبرة لتقييم أسهم الجماعة في رأسمال الفندق ولا العقارات المعروضة من طرف إدارة أملاك الدولة في إطار المبادلة، لإجراء مقارنة بينهما قبل التصويت على المعاوضة. وشبّه الفتاوي تصريح العمدة، محمد العرلبي بلقايد، بأن إدارة أملاك الدولة ستلتزم بمصاريف التمبر والتسجيل بالمحافظة العقارية وأداء أتعاب الموثق، بقصة محام فشل في الدفاع عن موكله الذي قُضي ضده بالإعدام، وبعد تأنيبه من طرف عائلة المتهم، ردّ عليهم المحامي بأنه استطاع أن يقنع المحكمة بأن تحكم بتحمل الدولة صوائر الدفن والمأتم.