بعد إرجاء البت فيه خلال دورتين سابقتين، جدل قانوني وسياسي حاد أثاره تصويت مجلس مدينة مراكش، أول أمس الخميس، على مقرّر قضى بتنازل بلدية مراكش عن أسهمها في رأسمال فندق «المامونية» لفائدة مديرية أملاك الدولة في إطار مبادلة عقارية معها، وهو التنازل الذي يقول معارضوه إنه «تفريط في ملك تاريخي للجماعة» جاء على إثر ضغط إداري قوي مارسته سلطة الوصاية على المجلس، ممثلة في والي الجهة كريم قاسي لحلو، وضغط سياسي قام به رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بصفته الحكومية والحزبية، على أعضاء حزبه بمجلس جماعة مراكش، على هامش ترؤسه لمؤتمر دولي بالمدية نفسها، فيما ينفي العمدة وبعض نوابه تعرّضهم لأي ضغط إداري أو سياسي، ويبرّرون تفويت أسهم الجماعة، التي تبلغ27 في المائة من رأسمال الفندق الأسطوري، الذي يحتفل في 2023 بذكرى مرور 100 سنة على تشييده، (يبرّرونها) بأنها تمت لفائدة الدولة وليس لجهة خاصة، فضلا عن أنها أتت في إطار سلة متكاملة ستستفيد فيها الجماعة من عقارات شاغرة في ملكية الدولة، التي ستؤدي للبلدية قيمة عقارات جماعية مستغلة من طرف قطاعات حكومية مختلفة، فضلا عن تسوية وضعية عقارات أخرى مملوكة للدولة ومستغلة حاليا من طرف الجماعة. الجلسة الثانية من دورة أكتوبر، التي تم خلالها التداول في شأن النقطة المذكورة المقترحة من طرف والي الجهة/عامل عمالة مراكش، شهدت حضورا مكثفا لأهم مسؤولي ولاية الجهة، وعلى رأسهم الكاتب العام للولاية، وانتهى فيها التداول بالتصويت على المقرّر بإجماع أعضاء المجلس الحاضرين، بمن فيهم المستشارون المنتمون للمعارضة، يتقدّمهم رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، محمد نكيل، ولم يعارضه سوى كاتب المجلس، المحامي الاستقلالي خالد الفتاوي. وقد سبق الدورة اجتماع مشترك للجنتي المرافق العمومية والشؤون المالية، بتاريخ الأربعاء 2 أكتوبر الجاري، انتهى بإرجاء البت في هذه النقطة إلى موعد لاحق، «حتى يتسنى لمكتب المجلس الجماعي بلورة تصور ومقترح في الموضوع متفق حوله مع المصالح المعنية يرجح حقوق الجماعة ويقوي موقفها في هذه المبادلة العقارية»، يقول تقرير الاجتماع المشترك. وقد استُهلّ الاجتماع المشترك بمداخلة للنائب السابع لعمدة مراكش أوضح فيها بأن المعاوضة العقارية بين عقارات تابعة لملك الدولة وأسهم البلدية في فندق «المامونية»، جاء بعد نضج الملف واستيفائه للشروط القانونية والموضوعية، خاصة بعد مصادقة الحكومة على مشروع حيازة الدولة لأسهم الفندق، الذي يتشارك في ملكيته كل من المكتب الوطني للسكك الحديدية، بلدية مراكش، والمجمع الشريف للفوسفاط. وخلال الاجتماع نفسه، أوضح ممثل المديرية الجهوية لأملاك الدولة بأن المعاوضة تتكون من ثلاثة محاور، يتعلق الأول بمبادلة العقارات المستغلة من طرف الجماعة والتي لا تشوبها أية تعقيدات قانونية أو مشاكل عقارية، والتي قال إنه تم تعزيزها بعشرة عقارات إضافية لإغناء الرصيد العقاري للبلدية، و تلتزم مديرية أملاك الدولة ووزارة المالية في المحور الثاني بأداء القيمة المالية للعقارات الجماعية المستغلة من طرف مختلف القطاعات الحكومية لفائدة البلدية، فيما المحور الثالث يتعلق باقتناء مديرية أملاك الدولة لفيلا ملحقة بالفندق وأداء ثمنها للبلدية بعد تحيين قيمتها المالية. من جهته، يؤكد عبد السلام سيكوري، النائب الثاني للعمدة ورئيس مقاطعة «جليز»، بأن البلدية خرجت رابحة في هذه المبادلة، موضحا بأن الفندق لا يحقق مداخيل منذ أكثر من 10 سنوات، وأن الجماعة أضافت لرصيدها العقاري 115 هكتارا، بينها 68 هكتارا عبارة عن غابة حضرية، قال إن البلدية يمكن أن تستغلها في إقامة مناطق خضراء، فضلا عن تسوية الوضعية القانونية للعديد من العقارات بإخراجها من ملك الدولة وتحويلها للملك الجماعي الخاص، وهي العقارات التي سبق للبلدية أن أقامت فوق بعضها مشاريع ومرافق عمومية، وكانت هذه الوضعية تعيق الاستغلال الأمثل لهذه المشاريع، خاصة بالنسبة لبعض الأسواق. وتابع سيكوري بأن خبرة سبق لها أن حددت القيمة المالية للفيلا الملحقة بالفندق في حوالي 900 مليون سنتيم، وأن تحيين هذه القيمة سيرفع السعر إلى حوالي مليار سنتيم، وقال إن مديرية أملاك الدولة تعهدت بأدائها للبلدية وقف جدول زمني. في المقابل، يوضح معارضو التفويت بأنه سبق لبلدية مراكش أن اقتنت 34 في المائة من أسهم الفندق التاريخي، خلال الفترة التي كان القيادي الاستقلالي السابق، محمد الوفا، يترأس مجلسها، بتعليمات ملكية، وهو الاقتناء الذي موّلته من خلال قرض، قبل أن تفرّط البلدية في ما يسمى في شركات المساهمة بحق «الأقلية المعرقلة» داخل مجلس إدارة الفندق، بعد أن قام العمدة الأسبق للمدينة، عمر الجزولي، بتفويت جزء من أسهم الجماعة في رأسمال الفندق دون الرجوع للمجلس.