مع بداية الموسم الدراسي الجديد، بدأت تظهر علامات الارتباك الكبير في أداء شركة "ألزا" الإسبانية للنقل الحضري، والتي اعتمدت نظام توزيع متغير للحافلات بهدف التغلب على الطلب المتزايد على الخدمة، وتحسين جودتها، والتقليل من الاكتظاظ وتقليص مدة الانتظار، لكن بالرغم من كل ذلك، تصاعدت في الأيام القليلة الماضية شكاوى المواطنين احتجاجا على النقص الحاد في الحافلات وتباطؤ رحلاتها في أوقات الذروة. فبالنسبة لسكان مقاطعة «امغوغة» يستعمل التلاميذ الخط الوحيد رقم 10، والذي يربط المنطقة الصناعية بحي «ادرادب»، إلى وجهات تعليمية مختلفة، كثانوية ابن الخطيب، والرازي، وإعدادية عبد الخالق الطريس، وثانوية فهد بن عبد العزيز، وإعدادية الموحدين، لكن طلاب التعليم العالي لا يتوفرون على خط مباشر يقلهم إلى جامعة عبد المالك السعدي، ومعاهد التكوين المهني والتكنولوجيا التطبيقية. في نفس المجال الترابي، هناك عدة أحياء محدثة وملحقة بالمجال الحضري حديثا، لكنها لم تستفد بعد من وصول الحافلات إليها، بحسب ما أكده رشيد شيب، فاعل مدني بجمعية نور للتنمية والتضامن والبيئة، في تصريح ل «أخبار اليوم»، مشيرا إلى أن فعاليات المجتمع المدني بأحياء «دراوة»، و»الزايديين»، و»مجمع إخلاص»، سبق أن راسلت عمدة المدينة، ووالي الجهة، لكن رئيس المجلس الجماعي رد عليهم معتذرا عن تلبية طلبهم بدعوى عدم وجود أسطول كاف، وأن الجماعة عاجزة عن ضخ اعتمادات إضافية لتعزيز هذا المرفق الحيوي بالنسبة للمواطنين. أما سكان جماعة اكزناية المجاورة لطنجة، فيشتكون انعدام خطوط نقل تربط بين أحياء مدينتهم، وبين عدة وجهات مهمة توجد بها مرافق عمومية ضرورية للمواطن، أبرزها المؤسسات الجامعية بكافة كلياتها ومعاهدها، سواء المتواجدة في حي "بوخالف" أو تلك الواقعة في منطقة "ساتفيلاج"، وأيضا إلى المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية، إضافة إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس. لكن هذه الجماعة ورغم مداخيلها المالية الكبيرة لا تساهم بأي درهم في تمويل خدمة النقل الحضري في عاصمة البوغاز، الذي بدأ في تجربة التدبير المفوض للنقل الحضري منذ سنة 2001، حيث يكتفي أعضاء مجلس جماعة اكزناية باستدعاء مسؤولي شركة "ألزا"، ومساءلتهم على النقائص والاختلالات المسجلة أسطول حافلاتها، وجدولة رحلاتها. وفي حي «الرهراه» بمقاطعة طنجةالمدينة، يكابد مئات التلاميذ يوميا مشاق تنقلهم إلى المدارس الإعدادية والثانوية التي توجد بعيدا بنحو 5 كيلومترات، في حين لا تزال شركة "ألزا" تخصص لهذا الحي حافلتين فقط، تقومان برحلتين كل ساعة، دون أن يستفيد هذا الحي من أية زيادة في الحافلات منذ أكثر من 20 سنة، على الرغم من توسعه العمراني وتزايده السكاني الكبير. والخطير في الأمر، حسب الفاعل الجمعوي أشرف حميتي، رئيس جمعية وفاق الرهراه، هو أن بعد المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية عن هذا الحي، وقلة وسائل النقل التي تجعل هذا الحي أشبه بمنطقة نائية في أقصى مناطق المغرب، يعد عاملا رئيسيا في ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، والانقطاع المبكر عن الدراسة، ذلك أن الأطفال لا يكفيهم الوقت للعودة من المدارس إلى منازلهم ما بين فترة الظهيرة والفترة الزوالية، نظرا لأن الحافلتين التي تؤمنان الحي، تعجز عن نقل العدد الكبير من التلاميذ، وبمجرد ما تمتلئ بأكثر من قدرتها الاستعابية من الركاب، تترك باقي التلاميذ يواجهون مصيرهم، فالبعض يلجأ لوسيلة "أوطوسطوب"، والبعض الآخر يقطع المسافة على الأقدام. ومن بين أكثر الملاحظات المثارة بشأن خدمة شركة ألزا، هو انتهاء رحلاتها في وقت مبكر لا يتعدى التاسعة والنصف ليلا، وقلة حافلاتها، إذ توجد رهن الخدمة حوالي 155 حافلة، تؤمن نحو 40 خطا، أي بمعدل أربع حافلات تقريبا في كل اتجاه، لكن شركة "ألزا" تعتمد نظام توزيع متفاوت حسب معيار المداخيل المحققة من كل وجهة.