التهديدات الإرهابية بين إسبانيا والمغرب تعود إلى الواجهة بقوة، رغم سقوط التنظيم الإرهابي داعش في العراق وسوريا، وتراجع سفر المتطرفين المغاربة المشتبه فيهم إلى مناطق التوتر الجديدة، لاسيما في الساحل والصحراء وليبيا. إذ في الوقت الذي اكتفت فيه التحقيقات المعلنة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة للأمن لمراقبة التراب الوطني بالإشارة إلى أن الخلية الموالية ل”داعش” المفككة يوم الخميس 5 شتنبر، كانت تقوم بتجارب في صناعة المتفجرات في موقعين بمنطقة جبلية بدوار إيمشتاسن بجماعة دار الكبداني بإقليم الدريوش؛ كشف تسريبات جديدة أن أعضاء الخلية الخمسة كانوا ينوون الاعتداء على عناصر الحرس المدني الإسباني المرابط على طول السياج الحديدي، الذي يفصل الداخل المغربي عن المدينةالمحتلة مليلية. وأضافت التسريبات ذاتها، رغم عدم تأكيد المحققين المغاربة ذلك، أنه تم حجز لدى أفراد الخلية وثائق حول منطقة المعبر الحدودي بني أنصار بمليلية، مرجحة فرضية أن يكون الهدف هو الهجوم على العناصر الأمنية بالأسلحة البيضاء، فيما لم تورد أي شيء بخصوص المتفجرات. في هذا الصدد، كشفت مصادر استخباراتية بجهاز الحرس المدني الإسباني، المعادل للدرك الملكي في المغرب، أن خلية جهادية فُكِكت في المغرب كان من بين أهدافها استهداف عناصر الأمن الإسبانية المرابطة في الشريط الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، في إشارة إلى الخلية الأخيرة التي تم تفكيكها في 5 شتنبر ببركان والناظور. وتابعت أن التحقيقات الجارية أوضحت أن الخلية كانت تسعى إلى القيام باعتداء عشوائي بالأسلحة البيضاء على عناصر الأمن، وفق صحيفة “أوكي دياريو”، التي سبق وسربت معطيات ومعلومات أثارت جدلا كبيرا في إسبانيا منذ تأسيسها. علاوة على ذلك، كان أعضاء الخلية يتوفرون على معلومات مختلفة – على شكل وثائق- تهم المنافذ الحدودية البرية بمدينة مليلية. واعترف المصدر ذاته أن “الجزء الأكبر من التحقيقات قامت به الشرطة القضائية التابعة للدرك الملكي، لكن التعاون بين الأجهزة الأمنية (الإسبانية والمغربية) سمح للأمن الإسباني الولوج إلى بعض المعطيات حول التحقيقات الجارية”. ودق المصدر ناقوس الخطر قائلا: “إنها حقا مقلقة”. بدوره، كان بلاغ لوزارة الداخلية المغربية أورد يوم الاثنين الماضي أن التحريات الأمنية رصدت موقعين بمنطقة جبلية بدوار إيمشتاسن بجماعة دار الكبداني (إقليم الدريوش)، تم استغلالهما من طرف أفراد هذه الخلية للقيام بتجارب في صناعة المتفجرات. وأضاف أن عمليات التفتيش والمعاينة المنجزة بعين المكان مكنت من حجز بقايا طنجرة للضغط وأنبوب حديدي، بالإضافة إلى أسلاك كهربائية ومسامير، تم استعمالها في عمليات تجريبية لإعداد وتحضير عبوة متفجرة عن بعد. كما تم حجز أنابيب بلاستيكية متوسطة الحجم بمنزل أحد المشتبه فيهم بمدينة سلوان (إقليمالناظور)، سيتم إخضاعها للخبرة العلمية من طرف المصالح المختصة. وأشار أن البحث الجاري مع العناصر الموقوفة مكن من كشف تورطهم في التخطيط لتنفيذ عدة مشاريع إرهابية كانت ستستهدف مواقع حساسة بالمملكة. في السياق عينه، تزايد عدد المتطرفين الموقوفين المشتبه في انتمائهم إلى التنظيم الإرهابي داعش في المملكة والخلايا المفككة منذ اعتداء إمليل يوم 17 دجنبر الماضي، إذ بلغ العدد 80 موقوفا مشتبه فيهم وتفكيك 21 خلية. أغلب عمليات التفكيك والاعتقالات سجلت منذ يناير الماضي، إذ تم تفكيك ما بين يناير الماضي و5 شتنبر الجاري 11 خلية داعشية، وتوقيف 60 متطرفا مشتبه فيهم تتراوح أعمارهم ما بين 18 و44 عاما، في أكثر من 11 مدينة بوسط وجنوب وشمال المغرب، من بينها على الأقل: قلعة السراغنة وسلا والدار البيضاء والمحمدية، وسيدي بنور والجديدة ومراكش، والناظور وبركان والدرويش وتازة، الراشيدية وتنغير، وتطوان، علاوة على مدينة الداخلة التي ظهرت في خريطة المدن التي عرفت اعتقال المتطرفين الدواعش المشتبه فيه. هذا ما تؤكد الأرقام التي تتوفر عليها “أخبار اليوم”، بناء على التقارير الرسمية الأمنية. الأرقام ذاتها توضح أن ما بين 2015 و27 من الشهر الجاري تم تفكيك 69 خلية إرهابية، أغلبها تنتمي إلى التنظيم الإرهابي داعش، وتسجيل اعتداء إرهابي واحد، وإجهاض العشرات من الأعمال والمخططات التخريبية، واعتقال العشرات من المتطرفين المشتبه فيهم، بمن فيهم بعض العائدين من بؤر التوتر في العراق وسوريا. هكذا بلغ عدد الخلايا المفككة 21 خلية سنة 2015، و19 سنة 2019، قبل أن يتراجع العدد إلى 9 سنة 2017، ويستقر العدد عينه تقريبا (9) سنة 2018، و12 خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الجارية.