بدأت تظهر بعض تفاصيل التعديل الحكومي المرتقب بداية الدخول البرلماني المقبل. “أخبار اليوم” علمت من مصادرها الخاصة أن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أبلغ قيادة حزبه بأن الحكومة الحالية سيتم تقليصها بنسبة الثلث، ما يعني أن كل حزب في الأغلبية سيفقد ثلث وزرائه، علاوة على تبليغه قيادة حزب التقدم والاشتراكية بأنه سيفقد وزارة الصحة. في ضوء القرار المتعلق بتخفيض عدد أعضاء الحكومة بنسبة الثلث، كشف العثماني أن الحكومة المقبلة ستقتصر على الوزراء والوزراء المنتدبين، وسيتم حذف كتابات الدولة، لكن لا يعني ذلك أن كل كتاب الدولة سيتم التخلي عنهم في الحكومة المقبلة، بل هناك منهم من سيتم الارتقاء بقطاعاتهم إلى وزارات أو وزارات منتدبة، خصوصا بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر. وكان العثماني قد طلب من رؤساء أحزاب الأغلبية الحكومية، في الجولة الأولى التي جمعت بين الطرفين، تصوراتهم بشأن الهيكلة الحكومية، وضرب لهم موعدا قريبا يفترض أن يكون في نهاية الشهر الجاري، لمناقشة تلك التصورات، قبل المرور إلى مرحلة ثانية تتعلق باقتراح الأسماء المرشحة للاستوزار. وأبلغ العثماني، حسب المصادر نفسها، قيادة حزب التقدم والاشتراكية أن حزبهم قد يفقد وزارة الصحة، وهو القرار الذي أغضب نبيل بنعبدلله، الأمين العام للحزب، الذي رفض المقترح في حينه. وهو الموقف الذي عبّر عنه الحزب بطريقة لبقة في بلاغ لمكتبه السياسي حين حث العثماني على “ضرورة بث نفس ديمقراطي جديد في الحياة السياسية الوطنية”، ويقصد بذلك “إعادة الاعتبار للمكانة والأدوار التي يتعين أن يضطلع بها الفاعلون السياسيون، كل من موقعه”، بعيدا “عن أي تبخيس أو تهميش أو إضعاف” للأحزاب، في إشارة إلى الكف عن ضخ مزيد من التكنوقراط في الحكومة المنتظرة. ويروج وسط قيادات بعض الأحزاب المعنية بالتعديل أن وزارة الصحة قد تذهب إلى شخصية تكنوقراطية مقربة من دوائر القرار، بحجة أن القطاع اجتماعي بامتياز ويحتاج إلى شخصية قوية مسنودة تستطيع إعادة تأهيل القطاع، في مواجهة اللوبيات المسيطرة، لكن البعض الآخر يرى أن الشخصية المنتظرة سيكون مطلوبا منها تحرير القطاع أمام الرأسمال الوطني والأجنبي بالدرجة الأولى، وليس أي شيء آخر. وكان رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، قد عبّر، خلال لقاء لحزبه في يوليوز الماضي، عن رغبته في انتزاع وزارة الصحة من حزب التقدم والاشتراكية، وقال إن حزبه “سيُطالب بوزارة الصّحة في الحكومة المقبلة”، بحجة أن “وزارة الصحة خاصها كفاءات، والحزب ديالنا مستعد يخدم ويطور المجال الصحي ببلادنا”. وهو التصريح الذي أغضب زعيم حزب التقدم والاشتراكية في حينه، ودعا أخنوش صراحة إلى “الاهتمام أكثر بالقطاعات التي بين يديه، لأنها تعرف اختلالات عديدة سواء في قطاع الفلاحة، أو قطاع الصيد البحري”، منتقدا “ضعف الكفاءة في تسيير هذا القطاع المهم والحساس”. من جهتها، بادرت قيادة حزب العدالة والتنمية إلى تنبيه رئيس الحكومة، الذي هو نفسه الأمين العام للحزب، إلى مراعاة القوة السياسية والانتخابية لحزبه، كونه الحزب الأول في تشكيل الحكومة المرتقبة، “بحيث لا يمكن أن يكون عدد وزرائه أقل عددا ووزنا في الحكومة الجديدة”. وكانت قواعد الحزب قد عبّرت عن غضبها إزاء تشكيلة الحكومة الحالية، بسبب هيمنة حزب التجمع الوطني للأحرار على جل القطاعات الاقتصادية والمالية الوازنة، وتتخوف من أن يتكرر الوضع عينه مع تشكيل الحكومة المنتظرة، حيث تروج قراءة وسط الحزب تفيد أن المستهدف من ورائها هو مزيد من إضعاف حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية على السواء، في أفق انتخابات 2021.