دعا المجلس الأعلى للحسابات إلى إحداث جهاز مستقل لليقظة وتتبع نظام التقاعد في المغرب، لوقف النزيف الذي تعيشه منظومة التقاعد في المغرب. واقترح تقرير صادر عن مجلس الحسابات حول «منظومة التقاعد بالمغرب.. التشخيص ومقترحات الإصلاح»، أن توكل لجهاز اليقظة المستقل مهام التتبع المستمر لوضعية نظام التقاعد ومواكبة تطبيق إصلاحه، على أن تستجيب عضوية هذا الجهاز لهدف تحقيق الفعالية، من خلال تعيين أعضاء يتوفرون على مستوى عال من الكفاءة والخبرة في هذا المجال. وأعد المجلس الأعلى للحسابات دراسة لتقييم وضعية أنظمة التقاعد بالمغرب، شملت كلا من نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، نظام التقاعد المسير من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونظام التقاعد التكميلي الذي يتولى تدبيره الصندوق المهني المغربي للتقاعد. ورصد تقرير مجلس الحسابات، الصادر في شهر يوليوز الماضي، الوضعية الصعبة التي تعاني منها بعض هذه الأنظمة، داعيا إلى ضرورة التعجيل بالقيام بمسلسل من الإصلاحات العميقة لنظام التقاعد، أخذا بعين الاعتبار السياق الوطني، وعلى ضوء الممارسات والتجارب الدولية. وأظهرت نتائج التشخيص أن النظام الحالي للتقاعد بالمغرب يتسم بتعدد الأنظمة وعدم تقاربها وتعدد أنماط الحكامة، إضافة إلى ضعف نسبة التغطية، إذ إن حوالي 33 % فقط من مجموع الساكنة النشيطة، تستفيد من تغطية التقاعد. وحسب مجلس الحسابات، فإن مجموع الديون غير المشمولة بالتغطية على صعيد مختلف الأنظمة إلى متم سنة 2011 ناهزت 813 مليار درهم. وتوقع التقرير أن يعاني الصندوق المغربي للتقاعد من عجز مالي ابتداء من سنة 2014 والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في سنة 2021 والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد خلال سنة 2022. وأظهر تشخيص وضعية مختلف أنظمة التقاعد أن نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، سيأخد، ابتداء من سنة 2014، الناتج التقني للنظام (الفرق بين الاشتراكات والخدمات المقدمة) منحى تراجعيا لا رجعة فيه، كما أن الاحتياطيات المالية للنظام ستشهد انخفاضا لتصبح سلبية ابتداء من سنة 2021. في حين، تقدر الديون غير المشمولة بالتغطية المتراكمة في أفق سنة 2060 بما يناهز 583 مليار درهم، بمتم 2011. واستعرض تقرير المجلس الأعلى للحسابات أبرز عناصر اختلال نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، كالطابع السخي للنظام حيث يمنح الصندوق عن كل سنة من الاشتراكات قسطا سنويا بمعدل 2,5 % من آخر راتب، وهو ما يمثل معدل تعويض قد يصل إلى 100 %. وبالتالي، فإن معدل التعويض أصبح من أهم عناصر اختلالات هذا النظام. وعزا تقرير مجلس الحسابات هشاشة نظام التقاعد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى التسعيرة المنخفضة للحقوق، خلال الخمسة عشر سنة الأولى (أي 3240 يوما) للانخراط الفعلي، إذ إن كل فترة انخراط من 216 يوما، تعادل 3,33% كقسط سنوي. ومن شأن هذه الوضعية التشجيع على ضعف التصريح أو عدم التصريح عند تجاوز الحد الأدنى لمرحلة التأمين. وتوقع تقرير المجلس أن يصبح الرصيد التقني والمالي للنظام سلبيا، ابتداء من سنة 2021. وأنه سيتم استنفاد جميع الاحتياطيات في سنة 2030، فإلى حدود نهاية سنة 2011 راكم هذا النظام ديونا غير مشمولة بالتغطية، بمجموع قدره 197 مليار درهم. وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بالانخراط في إصلاح تدريجي يعتمد الإصلاح المقياسي، بهدف تقوية ديمومة أنظمة التقاعد وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها، خاصة نظام الصندوق المغربي للتقاعد في أفق إصلاح هيكلي شامل يهم مجموع الأنظمة. كما أوصى المجلس بالنسبة لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد بمراجعة السن القانوني للإحالة على التقاعد، وأن يرفع إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات (عوض 60 سنة المعمول بها حاليا)، مع منح المنخرطين إمكانية تمديد فترة نشاطهم حتى يتسنى لهم الاستفادة من تقاعد كامل في المعدل الأقصى. و يجب، في حدود سن يتم تحديده، أن يخضع الاستمرار في العمل لتأطير ملائم. ودعا تقرير مجلس الحسابات إلى المجلس تغيير وعاء احتساب الحقوق بصفة تدريجية،وذلك باعتماد معدل أجور فترة من 10 إلى 15 سنة الأخيرة من العمل عوض آخر أجرة ؛ كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة من الدول و اعتماد نسبة نسبة القسط السنوي بنسبة 2% عوض 2,5% المعتمدة حاليا. أما بالنسبة لنظام تقاعد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فأوصى المجلس الأعلى للحسابات بالاحتفاظ بسن 60 سنة في المتوسط، للإحالة على التقاعد، مع إتاحة الإمكانية للمنخرطين الراغبين في ذلك لتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة، ورفع معدل التعويض إلى 75% بدل 70% المعتمد حاليا، وذلك بهدف منح إمكانية للأجراء الراغبين في الاستمرار في أنشطتهم للرفع من قيمة حقوقهم.