كشف تقرير أصدره المجلس الاعلى للحسابات في المغرب، وهو أعلى محكمة متخصصة في قضايا المال العام، عن اختلالات هيكلية كبيرة في أنظمة التقاعد، قال إنها تهدد دوامها إلى ما بعد العام 2060. وأحصى تقرير المجلس ديونا غير مشمولة بالتغطية لدى مختلف صناديق التقاعد، تقدّر ب 813 مليار درهم وفسّر التقرير، الذي حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه، هذا التدهور بعوامل من بينها تحسّن متوسط العمر وانخفاض معدل الخصوبة، ثم ضعف وعدم انتظام النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى نمط تدبير أنظمة التقاعد، حيث هيمن عليه الأمد القصير. وتوقّع المجلس أن يبدأ الصندوق المغربي للتقاعد، في تسجيل عجز مالي ابتداء من العام 2014، قبل أن يلتحق به الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في العام 2021، ثم النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في العام 2022. التقرير الذي أعده المجلس، قال إن وضعية نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد تعد الأكثر إثارة للقلق، محذرا من أن وضعية هذه الصناديق ستزداد سوءا إذا لم تتدخل السلطات العامة بشكل عاجل من خلال القيام بإصلاحات شاملة وعميقة. وأبرز تحليل نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، أن هذا النظام يعاني من اختلال مالي هيكلي، حيث يرتقب أن يأخذ الناتج التقني للنظام منحى تراجعيا ابتداء من العام 2014. كما ستعرف الاحتياطيات المالية للنظام انخفاضا لتصبح سلبية ابتداء من العام 2021، في حين تقدّر الديون غير المشمولة بالتغطية لدى هذا الصندوق وحده، ما يناهز 583 مليار درهم. أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والخاص بتقاعد العاملين في القطاع الخاص، فتوقّع التقرير أن يستمر عدد المشتركين فيه في الارتفاع، ليصل إلى 12 مليون مستفيد في العام 2060، مقابل أقل من 3 ملايين مستفيد إلى حدود العام 2012. وتوقّع التقرير أن يستنفذ الصندوق احتياطياته المالية في العام 2030، فيما تقدّر الديون المتراكمة على الصندوق وغير المشمولة بالتغطية، قرابة 200 مليار درهم. الصندوق الوحيد في نظام التقاعد المغربي الذي يتمتع بوضعية أفضل، هو نظام التقاعد التكميلي المتعلق بالصندوق المهني المغربي للتقاعد، هذا الأخير، وحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، هو الوحيد الذي لن تنفذ احتياطياته المالية قبل العام 2060، ويمكنه بالتالي الاستمرار في أداء مهامه إلى هذا التاريخ. واقترح التقرير عددا من الحلول لمواجهة اختلالات أنظمة التقاعد، من بينها رفع سن التقاعد من 60 سنة المعمول بها حاليا، إلى 65 سنة، ثم اعتماد معدل 10 إلى سنة الأخيرة من العمل في احتساب المعاش، بدلا من القاعدة المعمول بها حاليا والتي تعتمد آخر أجر، مع منح المستفيدين قسطا سنويا يقدّر ب2% بدلا من 2.5% المعمول بها حاليا. وأوصى المجلس الأعلى للحسابات في هذا التقرير، بالاحتفاظ بسن التقاعد في حدود 60 سنة في حالة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أي القطاع الخاص، مع إتاحة الإمكانية للمستفيدين الراغبين في تمديد سن تقاعدهم إلى 65 سنة.