بعد مرور أزيد من أربعة أشهر على الجريمة المروعة التي هزت مدينة فاس منتصف شهر فبراير الماضي، عقب العثور على شاب عشريني يدير شركة أبيه الخاصة بمواد البناء، مقتولا داخل شقة بعمارة فاخرة بشارع الجيش الملكي بوسط المدينة، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بفاس، في وقت متأخر من ليلة الاثنين- الثلاثاء الأخيرة، أحكامها ضد المتهمين ال10، المتابعين في هذه القضية، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و40 سنة. وقضت المحكمة بالسجن المؤبد، في حق المتهم الرئيسي، “محمد – أ”، وهو طالب جامعي، اعترف للمحققين على أنه هو من قام بكراء شقتين مفروشتين بالعمارة الفاخرة بمبلغ ألف درهم لليلة الواحدة، حيث أشرف على خطة استدراج الضحية واختطافه واحتجازه وتعريضه لطقوس من التعذيب قبل أن يقرر قتله خنقا بواسطة الحزام الجلدي لسروال الضحية، ردا على رفض عائلته تسليم مختطفيه مبلغ الفدية لعتق رقبة ابنهم، حدده المختطفون في مبلغ 20 مليون سنتيم مع السيارة الفارهة التي استولوا عليها بمستودع العمارة، حيث آخذته المحكمة من أجل التهم الجنائية والجنحية الثقيلة، والتي تابعه بها قاضي التحقيق خلال انتهاء أبحاثه مع المتهمين، بداية شهر مارس الماضي، وتخص جناية “القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد”، وجرائم “الاحتجاز، والاختطاف، وطلب الفدية، والسرقة الموصوفة بالتعدد، والعنف والتهديد واستعمال السلاح، والفساد واستهلاك المخدرات الصلبة” . وأصدر قاضي الأحداث بنفس الغرفة، قراره ضد التلميذين القاصرين، “أ – ت” 17 سنة، وزميله “ف – ش” 16 سنة، بسجنهما لمدة 15 سنة لكل واحد منهما، وذلك بعدما اعترفا خلال التحقيق وأمام جلسات محاكمتهما، أنهما قاما وبأمر من العقل المدبر، بعد استدراجه للضحية للحضور للعمارة التي جرت في قبوها المخصص لركن السيارات، عملية اختطافه تحت التهديد بالسلاح واحتجازه داخل شقة اكتراها المتهمون بنفس العمارة، (قام القاصران) بتكبيل يدي ورجلي الشاب وتعريضه للتعذيب، فيما ساعدا المتهم الرئيسي في شل حركة الضحية، قبل خنقه بواسطة حزام جلدي، حيث فرا بعدها القاصران نحو مدينة مكناس، وهناك تم توقيفهما، وتوبعا بتهمة المساهمة في كل الجرائم المنسوبة للفاعل الأصلي المدان بالسجن مدى الحياة. وبخصوص الفتيات الثلاث المتهمات في هذه الجريمة المروعة، أدانت المحكمة المتهمة الأولى، “خولة-م”، ب4 أشهر حبسا نافذا، من أجل “جنحة عدم التبليغ عن وقوع جريمة”، فيما حكمت على زميلتيها “أمينة- م”، بسنة واحدة حبسا، لتورطها في إخفاء معالم الجريمة بالشقة المكترية، وإتلاف كل أغراض صديقها المتهم بقتل الشاب، ومساعدته على الفرار إلى ضواحي القصر الكبير بالشمال، معية عشيقته “بسمة – ب” البالغة من العمر 19 سنة، والتي أدينت هي الأخرى بسنة واحدة حبسا، وهي نفس العقوبة الحبسية التي حصل عليها حارس العمارة المعتقل، البالغ من العمر 34 سنة، اتهم “بعدم التبليغ عن جريمة”، و”التحريض على الفساد داخل شقق مفروشة”. وعن الشخصين اللذين حيرا الشرطة قبل أن تصل إليهما وتعتقلهما، فأحدهما يروج المخدرات الصلبة “الكوكايين”، والثاني يتاجر في الأقراص المهلوسة، وهما النوعان من المخدرات التي استعملهما الفاعل الأصلي للجريمة المروعة، واثنان من مساعديه القاصرين قبل تنفيذهم لجريمة تعذيب الضحية وشنقه بحزام جلدي، فيما تناول نفس المخدرين بقية المتهمين الذين حضروا السهرة الماجنة التي انتهت بجريمة، بحسب ما كشفت عنه أبحاث المحققين، حيث أدانت المحكمة المتهمين “عثمان-ف” و”محمد-ع”، بسنتين حبسا نافذا، لكل واحد منهما، بجنحة “الحيازة والاتجار في المخدرات الصلبة”، وذلك بعدما أبعدت المحكمة عنهما مبدأ “تفريد العقاب”، وربط تهمتهما بجناية القتل العمد التي تورط فيها الطالب، والذي اقتنى من المروجين “الكوكايين” قبل تنفيذ جريمته. وكانت المفاجأة التي حملتها أحكام غرفة الجنايات الابتدائية، هي حكم البراءة الذي ناله الأربعيني، مالك الشقتين، واللتين نفذت بهما الجريمة، وذلك بعدما اشتبه في علاقته بعملية الاستدراج التي نفذت في حق الشاب المنحدر من عائلة ميسورة، بغرض ابتزاز عائلته ومطالبتها بفدية، حيث أنكر المتهم المنسوب إليه في جميع أطوار البحث والمحاكمة، مما دفع القاضي إلى القول ببراءته لعدم وجود أدلة تورطه، فيما نجا أيضا من جنحة “التحريض على الفساد” و”إعداد الشقتين للدعارة”، وذلك بعدما حمل المسؤولية لحارس العمارة، والذي كلفه كما قال صاحب الشقتين للمحكمة بكرائهما للعائلات دون العزاب.