بات أعيان الصحراء هدفا رئيسيا في صراع أجنحة حزب الأصالة والمعاصرة. “تيار المستقبل” الذي يسعى إلى الإطاحة بالأمين العام للحزب، حكيم بنشماش، من منصبه، حط الرحال اليوم في مدينة العيون، حيث عقد لقاء تواصليا مع جمع من أعضاء الحزب ومسؤوليه في الصحراء يتقدمهم عبد الله أدبدا، النائب البرلماني باسم الحزب عن دائرة بوجدور، وأحد أعيان الصحراء الكبار. تأتي هذه الخطوة في سياق هندسة قادة “تيار المستقبل” لخطة احتواء نفوذ بنشماش داخل بعض الجهات، لكنها بالأساس، توخت تقليل أهمية “المصالحة” التي أجراها الأمين العام للحزب مع إبراهيم الجماني، أحد أعيان الصحراء أيضا عقب واقعة “النطح” بسبب خلافات حول مناصب عليا في هيكلة مجلس النواب. بنشماش صور مصالحته مع الجماني على شكل تسلم لمفاتيح أعيان حزبه في الصحراء لصالح جناحه شد خصومه. “تيار المستقبل” من جانبه رد برحلة ضمت كافة قياديّيه البارزين، بمن فيهم فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، إلى الصحراء حيث أراد إبراز أن مفاتيح أعيان الصحراء ليست في يد الأمين العام. ويشكل انتقال الخلاف بين قادة “البام” إلى الصحراء منعطفا جديدا، يريد التيار المناهض لبنشماش أن يظهره بأنه لم يحسم بعد، لاسيما أن التيار يشدد على أن آلِ الجماني “لم يقدموا ولاء خالصا إلى بنشماش، كما أن الأمين العام لم يضع أي مباركة منهم لخططه بالحزب في جيبه”، كما قال قيادي من التيار. وهذه الرغبة في “تحييد” آلِ الجماني تسندها بحسبهم تصريحات إبراهيم الحماني نفسه حينما حث في لقاء مصالحته مع بنشماش، على “لم الشمل بين الفرقاء”. ولا تشكل جهات الصحراء الثلاث تأثيرا كبيرا على الطريقة التي يمكن أن يحسم بها الخلاف داخل “البام”، لكن كلا التيارين يحاول الحصول على تزكية أعيان الصحراء بسبب صلاتهم الممتدة حتى وسط البلاد. وبينما يعول بنشماش على تزكية قبيلة الركيبات التي يتحدر منها آلِ الجماني، فإن تيار المستقبل قد كسب الآن مباركة قبيلة العروسيين الذين يشكلون نفوذا وقوة مماثلين لقبيلة الركيبات في الصحراء. ولا يملك حزب الأصالة والمعاصرة سوى عضو واحدا من الصحراء بمجلس المستشارين، وهو محمد الشيخ بيد الله (ويدعم بنشماش في الأزمة الحالية، وهو أيضا من قبيلة الركيبات). بينما يملك في مجلس النواب سبعة أعضاء يتحدرون من دوائر الصحراء، لكن غالبيتهم على ما يبدو، يقفون على الحياد في الخلاف الجاري داخل حزب الأصالة والمعاصرة، بينهم من يحاول التجمع الوطني للأحرار استقطابهم أو “استعادتهم” بعدما كانوا أعضاء لديه قبل 2016. وكان عبد الله أدبدا واحدا من هؤلاء لكن يظهر بأنه لم يستجب لهذا الأمر، بل وقرر الاصطفاف إلى جانب تيار المستقبل في معركته الداخلية.