تداعيات كبيرة أفرزها الحوار المطول للرجل الثاني في حزب الأصالة والمعاصرة كما يوصف، محمد الحموتي، مع صحيفة “أخبار اليوم”، وموقع “اليوم 24″. وعدا الجدل الدائر في صفوف الحزب بخصوص تقييم الحموتي لأداء الأمين العام للحزب، حكيم بنشماش، واتهامه لقياديين من أنصاره بالضغط عليه ل”تفويت الحزب” إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، فإن النتيجة الثانية لتصريحات الحموتي كانت دفع حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه إلى إعلان موقف يراه الكثيرون بمثابة “إعلان رسمي عن حرب” بين الحزبين. مصطفى بايتاس، المدير العام للحزب، وهو أيضا ناطق باسمه لدى وسائل الإعلام، عمم تصريحا على بعض الصحافة، يتضمن نبرة تهديدية، طالب فيه بإبعاد حزبه عن الأزمة الجارية في “البام”. لكن بايتاس لم يكتف بهذا، بل أضاف ما يؤكد بحسب قياديين في “تيار المستقبل”، اتهامات الحموتي إلى الأحرار، بأن لهم دخل في ما يجري حاليا. هذا القيادي في الأحرار زعم أن الحموتي قام ب”الضغط” على تجمعيين للترشح “بمواقع أخرى”، مشيرا إلى أنه بصفته المشرف بشكل مباشر عن الإنتخابات في البام في انتخابات 2016، “مارس ضغوطا كبيرة” في هذا الصدد. وزاد قائلا: “إذا كانت هنالك مطالب للتجمع اليوم، فهي المطالب باسترجاع ما سرق من حزب التجمع الوطني للأحرار”. ورغم أن تصريح الناطق باسم الأحرار أتى على خلفية الرد على الحموتي، إلا أنه يكشف أن “الجراح القديمة” للأحرار بسبب البام في الفترة التي كان في أوجه قوته، لم تندمل. وأن المطالبة ب”استرجاع حق ضائع”، ستشكل وقود حرب بين الحزبين الذين كانا في الماضي حليفين بل وكان عزيز أخنوش رئيس الحزب الحالي مشاركا في تأسيس حركة لكل الديمقراطيين التي أفضت إلى تشكيل البام لاحقا. وفي هذا السياق، فإن التصريح المذكور كما يقول عضو قيادي في تيار المستقبل، الخصم لبنشماش، لم يعزز سوى “الاتهامات” التي تناولها الحموتي بخصوص دور التجمع الوطني للأحرار في قيام الخلافات الحالية التي تعد أسوأ أزمة تنظيمية يمر بها البام منذ تأسيسه. ويقول هذا القيادي مفضلا عدم الكشف عن اسمه: “منذ سنتين، كان تحجيم قوة وتأثير البام على رأس أجندة الأحرار.. ولقد أقروا الآن جزئيا بذلك وهم يطالبون باستعادة ما يعتبرونه أشياء أو أشخاصا جرت سرقتها منهم”. القيادي هذا شدد على أن الأحرار ما كانت لهم القدرة على تنفيذ مخطط الإضعاف لولا وجود مساعدة من داخل البام، متوعدا بالكشف قريبا عن “حقائق مزعجة، لكنها ضرورية لإيضاح صورة ما يقع داخل حزب الأصالة والمعاصرة في الوقت الحالي”. ولئن كان تصريح المكلف بالحديث باسم الأحرار، حاول النأي بحزبه عن الخلافات الداخلية بالبام، إلا أن قادة “تيار المستقبل” الذين يرتبون لعقد مؤتمر في نهاية شهر شتنبر المقبل، يعتقدون بأن التصريح ككل “ليس سوى دفاع لهذا الحزب عن حلفائه الجدد في البام، عبر الهجوم على التيار الخصم لبنشماش”. وأشار المصدر الذي تحدث إلينا، بأن “تلميحات بايتاس واضحة، فهو يريد الإيحاء بأن حزبه في مواجهة تيار المستقبل جاعلا من الحموتي عدوا، لكن خانه الحذر عندما أوضح بأن لحزبه مشكلة قديمة مع البام، وأنه سيسعى لتسويتها بتلك الطريقة التي تحدث بها عن الحموتي”. وكان التجمع الوطني للأحرار، الخاسر الكبير من وجود “البام”، وكان بعض أعيانه وبرلمانييه قد غادروا للترشح باسم البام في 2011، ثم في 2016، بعدما تشكل في بداية الأمر فريقا مشتركا بينهما. ويفهم بعض قادة هذا التيار ان تلويح الأحرار باستعادة ما أخذ منهم في الماضي، “غير محدد”، فقد يكون “بضعة برلمانيين، وقد يكون نصف الحزب، وقد يكون الحزب كله إذا ما جرى السماح لهم بفعل ذلك”. ويتهم تيار المستقبل خصمهم بنشماش بمحاباة الأحرار، وتحجيم الحزب في الانتخابات الجزئية الماضية، بعدم تقديم مرشحين في دوائر كانت لهم، لفائدة التجمعيين الذين رشحوا في بعض الدوائر أعضاء سابقين في البام دون أن يصدر عن الحزب أي احتجاج.