أثارت مباراة توظيف أستاذ جامعي في تخصص التاريخ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل، ضجة كبيرة في أوساط أسرة التعليم العالي والبحث العلمي بجامعة عبد المالك السعدي، بسبب انتقاء مترشح تخرج حديثا من سلك الدكتوراه، ليس له أي منشور علمي أكاديمي في المجلات الدراسية المحكمة، في حين تم إقصاء مترشحين لهم عشرات الأبحاث في المجلات العلمية، فيما لآخرين إصدارات علمية عبارة عن كتب في نفس التخصص، وفق ما أكده ل “أخبار اليوم” مصدر مطلع. وقائع هذه الشبهة، كشف عنها الدكتور خالد الطاحطاح، أحد المترشحين المتضررين من نتائج مباراة انتقاء، والتي جرت يوم الاثنين الماضي، إذ فجر الطحطاح في تدوينة مطولة على حسابه الخاص بموقع فايسبوك، معطيات صادمة تبين حجم الاستهتار بمعايير الكفاءة ومبادئ النزاهة والاستحقاق وتكافؤ الفرص، مستعرضا بالتفاصيل حججا وقرائن تبين كيف تم إقصاؤه وزملاء له، واختيار مترشح بمواصفات على المقاس بطريقة فيها شبهة “محاباة” و”تلاعب”. وأضاف خالد الطحطاح وهو أستاذ للتاريخ بإحدى الثانويات التأهيلية، أن كلية الآداب أعلنت عن منصب للتاريخ دون تحديد أي تخصص، وبعد إيداع ملف الترشيحات من لدن المتخرجين من سلك الدكتوراه، يتم استبعاد قائمة بأسماء الأساتذة الذين توجد أسماؤهم في لجان المناقشة، ثم بعدها يختار عميد الكلية رئيس اللجنة. وزاد المصدر نفسه، “أن عميد كلية الآداب اقترح أحد الأساتذة الجامعيين أسندت له مهمة اختيار لجنة مهمتها إنجاح شخص مسنود، يتكون ملف ترشيحه من مقال واحد نشره في مجلة غير محكمة”. وقدم المترشح المقصي من مباراة التوظيف المذكورة، مؤشرات دالة على ادعاءاته، مشيرا إلى أعضاء اللجنة اتفقوا على أن الكلية بحاجة إلى أستاذ في التاريخ الحديث أساسا، أو التاريخ المعاصر في المرتبة الثانية، غير أن رئيس اللجنة لم يكن من نفس التخصص، وإنما تم اختيار أستاذ في تخصص التاريخ الوسيط، والذي قام هو الآخر باختيار لجنة مكونة من أصدقائه السابقين الذين درسوا معه في مرحلته الجامعية بكلية فاس. وانتقد الدكتور خالد الطحطاح بشدة، استعانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية لأساتذة من جامعات أخرى ليسوا معروفين بإنتاجاتهم العلمية، وعضوين آخرين باللجنة تخصصهم تاريخ القديم والوسيط، متسائلا كيف لأعضاء لجنة ليسوا من نفس تخصص المنصب الجامعي المتبارى عليه أين يكونوا حكما بين المترشحين؟. من جهة ثانية، أفادت مصادر عليمة، أن المترشح المحظوظ الذي تم انتقاؤه لشغل منصب أستاذ جامعي، فاجأ شريحة واسعة من الأساتذة الذين عبروا عن امتعاضهم من نتائج المباراة المذكورة، وأعلنوا تضامنهم مع الأساتذة الباحثين المقصيين، مستنكرين بشدة توظيف في مناصب الأساتذة الجامعيين بناء على حسابات غير متصلة مبادئ الكفاءة والاستحقاق المعرفي. في سياق متصل، علمت “أخبار اليوم” من مصادر مقربة من رئيس جامعة عبد المالك السعدي، أن الدكتور محمد الرامي، تفاعل بشكل جاد مع تدوينة الأستاذ خالد الطحطاح، وأنه كلف الكاتب العام لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل، بفتح تحقيق جاد ونزيه في وقائع وظروف إعداد لجنة الإشراف على المباراة، وافتحاص ملفات المترشحين المتبارين عليها، بعدما تناهى إلى علمه وجود “إشكالات” شابت عملية الانتقاء. وأكدت مصادرنا في اتصال هاتفي صباح البارحة، أنه بناء على خلاصات ونتائج التحريات التي ستنجزها الكتابة العامة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، ستقرر رئاسة جامعة عبد المالك السعدي، إلغاء نتائج تلك المباراة، وأن هناك احتمالا كبيرا لإعادة تنظيمها تحت إشراف لجنة محايدة لضمان شروط النزاهة، ودرء كل الشبهات التي تمس بصورة الجامعة، وتسيء بشكل كبير إلى مساعي النهوض بالبحث العلمي.