في خرجة مثيرة، تأتي في سياق الحرب الطاحنة التي تعرفها أجنحة حزب الأصالة والمعاصرة، وجه حكيم بنشماش رسالة إلى مناضلي حزبه، يعترف فيها بأن المعركة القائمة داخل الحزب تتم بين إرادتين، الأولى تريد “السطو على مؤسسات الحزب وعلى رصيده النضالي وتوظيفه لتنمية الأرصدة المعلومة”، وإرادة “الشرعية وتصحيح المسار” وإعادة تعريف مفهوم المسؤولية وتنقية عتبات الباب وجنبات البيت. وتحدث بنشماش في رسالته التي كتبها من خارج المغرب خلال سفره للإكوادور، عن وجود تحالف مصلحي “لبعض مليارديرات الحزب الجشعين” والموزعين من حيث المنشأ والامتداد، على مناطق طنجة والنواحي، الحسيمة والنواحي، وبني ملال والكثير من النواحي، آسفيمراكش والكثير من النواحي أيضا. ما الذي يجمع بين مكونات هذه الشبكة الناشئة؟ وما سر التحالف بين أقطابها؟ يتساءل بنشماش. إن جزءا كبيرا من الجواب عن هذا السؤال “موجود في قسم الصفقات التابع للمجلس الجهوي بمراكشآسفي وغيره من الجماعات الترابية، كما أنه موجود، أيضا، في الصفقات العابرة للجهات والممتدة حتى ماربيا”، في إشارة إلى اتهام رئيس جهة مراكش أحمد اخشيشن، ونائبه سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية الذي أقاله بنشماش. أما الجزء الآخر من “مفاتيح السر”، حسب بنشماش، فيكمن في “حسابات تدبير الانتخابات المقبلة”، ليس من زاوية استراتيجيات وتكتيكات مواجهة خطر الولاية الثالثة ، “ولكن من منطلق تدبير التزكيات المقبلة والطموح إلى التحكم فيها من خلال استعجال تنظيم المؤتمر لإفراز أمين عام “ماريونيت”. وقال بنشماش إن هؤلاء يريدون سرقة اللجنة التحضيرية، ويستعجلون عقد المؤتمر الوطني في يوليوز لهذا الغرض، واعتبر أن بيت القصيد وجذر “العقل الانقلابي” وعينه على “أمين عام جديد مطواع وخنوع وتحت الخدمة كمدخل للتحكم في التزكيات: “لأنها مدرة للدخل المباشر الغزير الذي لا يجد طريقه لحساب الحزب البنكي”، والذي “ينفع لشراء الولاءات وصناعة زعامات”. كما اعتبر بنشماش أن التزكيات تعد “المعبر الضروري نحو الجماعات الترابية بما تتيحه من عقد الصفقات وضمان تجديد الصفقات لفترة أطول”، مضيفا “اسألوا حسن بنعدي ليطلعكم عن سر رفض “بوجلابة” (يقصد اخشيشن) وإصراره على إجهاض فكرة إسناد رئاسة لجنة التنسيق بين رؤساء الجهات الخمسة إلى الأخ عليّ بلحاج، كما أجهض حتى مجرد ندوة للاحتفاء بالذكرى الحادية عشرة لتأسيس حركة لكل الديمقراطيين”. وتساءل بنشماش، كيف تشتغل شبكة المليارديرات الجشعة؟ وكيف تدبر معركة السطو على اللجنة التحضيرية واستعجال عقد المؤتمر في يوليوز؟ مشيرا إلى أنها توظف خطابا سياسيا يحث على تشبيب الحزب وتجديد نخبه، وتوظف أطرا ممن لم ينالوا حصتهم من الكعكة أمثال “القائد المغوار الحربائي المتقن لأسلوب “انتيفون” الغوغائي الذي شوّه إرث سفسطائيي أثينا” (يقصد وهبي). كما أشار إلى توظيفهم ك”كتبة جاهزين للدفع والاستلام”، وصحافيين “منتحلي صفة”، ونشطاء في فيسبوك، فضلا عن “تريتورات لاستدراج البسطاء من عمال المعامل والضيعات والأوراش وملء بطون بعض الجياع”. وعبر بنشماش عن أسفه لكون “هذا الأخطبوط”، يستدرج “بعض الشرفاء والشريفات من مناضلينا ومناضلاتنا الذين اختلطت عليهم الأمور”. وردا على هذه الاتهامات، تساءل عبداللطيف وهبي، أحد خصوم بنشماش، عن سر سكوت بنشماش عمن يتهمهم كل هذه السنوات، وقال ل”أخبار اليوم”، “لماذا سكت عن هذه المافيا المالية؟” علما أن هؤلاء هم من ساندوه ليكون أمينا عاما وليصبح رئيسا لمجلس المستشارين. وأشار وهبي إلى أنه يفكر رفقة أعضاء آخرين في الحزب في اللجوء إلى القضاء، حتى يمكن بنشماش من تقديمه أدلته على الفساد المالي الذي يتحدث عنه، لكنه استدرك أنه لا يريد جر الحزب إلى معارك أمام القضاء. وانتقد وهبي طريقة اشتغال بنشماش، قائلا إنه يدمر الحزب. وينتظر أن يعقد خصوم بنشماش مؤتمرا في يوليوز المقبل، بعدما نجحوا في عقد اجتماع للجنة التحضيرية لم يعترف به بنشماش، ورفض القضاء منعه. وبالمقابل يسعى بنشماش إلى عقد مؤتمره في أجل لم يحدده بعد، ما يعني أن المعركة بين الطرفين مرشحة لمزيد من الانقسام.