يتواصل الصراع بين أجنحة حزب الأصالة والمعاصرة، آخذا هذه المرة طابع الكشف عن التفاصيل الداخلية التي كانت تظهر حتى الآن، بواسطة التسريبات فقط. حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عقد اجتماعا للمكتب الفيدرالي بمدينة فاس، دون غالبية أعضائه، كما يقول 32 عضوا في هذا المكتب البالغ عدد أعضائه 62 شخصا، وخرج بتزكية عامة للقرارات المتخذة من لدن الأمين العام ضد خصومه. لكن قبيل نصف ساعة من بدء الندوة التي دعا إليها خصومه في الرباط، عمم بنشماش، بلاغا جديدا يقيل فيه عزيز بنعزوز من منصبه كرئيس لفريق الحزب بمجلس المستشارين، وإحالة أوراق ملفه على لجنة التحكيم والأخلاقيات التي استقال رئيسها إدريس بلماحي الأسبوع الماضي، احتجاجا على نشر مشروع تقرير يدين خصوم بنشماش بشأن مجريات الاجتماع الأول اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب. ويرى التيار المناهض لبنشماش، أن الأمين العام تعمد إصدار بلاغ إقالة بنعزوز الذي يعتبر واحدا من الداعمين للتيار، لخلق “شكل من التشويش على مجريات ندوة خصومه”. ورغم أن تأثيره لم يكن كبيرا على أشغال الندوة، إلا أن الإجراءات التي أعلن عنها التيار الذي يحوز أغلبية داخل المجلس الوطني، والمكتب الفيدرالي، ستدفع الأوضاع القائمة إلى مزيد من التفاقم. وسيكون موقف وزارة الداخلية من الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية يوم 15 يونيو الجاري بأكادير، بمثابة الحكم الفيصل على شرعية جميع القرارات المتخذة من لدن بنشماش حتى الآن، بيد أن حياد الداخلية حتى الآن ازاء أنشطة خصوم الأمين العام، تشكل مصدر ارتياح كبير لقادة هذا التيار. وحتى ذلك الوقت، شرع هؤلاء في فضح أسرار حدثت في أطوار معالجة الأزمات خلال فترة ولاية بنشماش القصيرة على الحزب. محمد الحموتي، رئيس المكتب الفيدرالي الذي عزله الأمين العام من منصبه دون أن يقر ذلك خصومه، قال إنه “هو من قام بالوساطة بطلب من الأمين العام نفسه، لرأب الصدع بينه وبين أعضاء بالحزب عقب المشاكل المترتبة عن تشكيل المكتب السياسي في ولايته”. ويقصد بذلك تمرد كل من احمد اخشيشن وفاطمة الزهراء المنصوري، ثم عبد اللطيف وهبي لاحقا. الحموتي ذكر أن وساطته “أفضت إلى اتفاق 5 يناير، وقد قبل به بنشماش دون تردد، لكن بعض الأعضاء الآخرين الذين يوجدون الآن في صفه، حاربوه بطريقة فظة، ومارسوا ضغوطا عليه منذ الاجتماع الأول للمكتب السياسي، كي يراجع الاتفاق وينبذه، واستمر الأمر على هذه الحال في اجتماعات موالية، وكنا نحن من يساند بنشماش ضد تلك التهجمات على شخصه”. الحموتي أقر بأن بنشماش أتى إليه في الاجتماع الأول للجنة التحضيرية، وطلب منه الموافقة على أعضاء فيها لم يؤشر عليهم المجلس الوطني، ووافق بالفعل على ذلك، قبل أن ينقلب لاحقا في الاجتماع نفسه، بطلب من محيطه بعدما علموا أنهم لا يملكون الأغلبية رغم كل ما فعلوا”. عبد اللطيف وهبي، عضو المكتب السياسي، بدوره قدم إضاءة على مناطق الظل في الاتفاقات المبرمة بين أجنحة “البام”. في هذا الصدد قال، إنه كان يرفض بنود اتفاق الخامس من يناير، “لانعدام الضمانات بخصوص الإيفاء به”، لكن “اخشيشن أقنعني بالموافقة عليه، وفعلت ذلك”، مشيرا إلى أن بنشماش ضرب عرض الحائط ذلك الاتفاق في حالة عزل الحموتي لأن “رئيس المكتب الفيدرالي لم يعينه بنشماش، وإنما فرضت تعيينه بنود اتفاق يناير”. وهبي أعلن أيضا عن “حيازته لشريط صوتي مسجل خطير، يمكنه أن يضع حدا لكل هذا اللغط، وأن يقلب كل شيء”، دون أن يحدد من صاحبه أو أطرافه ومضامينه، مكتفيا بالقول إن بنشماش أصبح الآن “أذنا صافية لطاقم الموظفين الذين شغلهم عنده في مجلس المستشارين، وهم من يملون عليه كيف يتصرف في الحزب”. وكشف المتحدث نفسه لأول مرة بشكل رسمي، أن المنصوري، رئيسة المجلس الوطني “تقف على مسافة واحدة” من الأطراف المتصارعة داخل الحزب، وأن “صحتها تعوزها للتفاعل بشكل حيوي في هذه الأزمة، لكن الأمين العام يحاول استغلال ذلك لمصلحته”. وعاد وهبي إلى أشغال الاجتماع الأول للجنة التحضيرية وقال إن بنشماش قدم مقطعا موضبا من شريط تسجيل الاجتماع إلى لجنة التحكيم والأخلاقيات، واجتمع بأعضائها، وأملي عليهم مشروع التقرير، دون أن تفسح المجال للأطراف لأخذ أقوالها، ثم نشر المشروع وكأنه نصر مبين”. مشددا على أن الأمين العام “الذي وقف عاجزا أمام شخص نطحه، يرسل معارضيه بالجملة إلى لجنة الأخلاقيات وكأنه يوم الحشر”، مذكرا بأن بنشماش وافق على كل ما يتعلق بترتيبات اجتماع اللجنة التحضيرية، لكنه تراجع بعدما تقدم سمير كودار بترشيحه لرئاستها، وفض الاجتماع بقرار فردي لا يلزم أحدا آخر”.